محرر ومذيع أخبار
الأمن السيبراني يحظى بحصة الأسد في قمة بايدن وبوتين
دون تقدم ملموس انتهت القمة التي جمعت (الأربعاء) الرئيس الأمريكي جوبايدن بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف ،واتفق بوتين وبايدن، على استئناف محادثات الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإطلاق حوار شامل، وعودة السفيرين إلى عملهما في واشنطن وموسكو،
و قال بايدن إنه سيطرح دائما ملف حقوق الإنسان في روسيا، محذرا موسكو من التدخل مرة أخرى في الانتخابات الأميركية، بينما انتقد بوتين اعتبار واشنطن موسكو عدوا وخصما لها.
وقال بوتين وبايدن -في بيان نشرته الرئاسة الروسية بعد قمتهما في جنيف- إنهما يسعيان من خلال هذا الحوار إلى إرساء الأساس لإجراءات مستقبلية للحد من التسلح والحد من المخاطر،
وأكد الرئيسان التزامهما بمبدأ أنه لا رابح في حرب نووية ولا ينبغي إشعالها مطلقا، و أن التمديد الأخير لمعاهدة "ستارت" (START) للحد من الأسلحة النووية هو شهادة على التزام البلدين بالحد من هذه الأسلحة.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن بايدن حدد ثلاث نقاط أساسية لهذه القمة:
- الأولى تحديد المهام حيث يمكن لواشنطن أن تتعاون مع موسكو فيها، بما يعزز ويناسب مصالح الأميركيين، ويضمن الأمن العالمي.
- الثانية القول لموسكو إن أي نشاط روسي قد يهدد المصالح الحيوية الأميركية سيقابل بردّ حازم.
- الثالثة: شرح رؤية بايدن للسياسة الأميركية الخارجية (وأيضاً الداخلية)، وإيصال رسالة لبوتين حول القيم الأميركية والأولويات الوطنية
وقال الرئيس الأميركي -في مؤتمر صحفي عقب القمة- إنه أخبر نظيره الروسي أن انتقاده لوضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة سخيف، و أثار مع بوتين ملف المواطنين الأميركيين في السجون الروسية.
وقال بايدن "قلت للرئيس بوتين بأن حقوق الإنسان ستكون دائما على طاولة البحث.. فالأمر لا يتعلق بالتربص لروسيا حين تنتهك حقوق الإنسان، إنما يتعلق بنا وبهويتنا".
لن نتسامح مع محاولات انتهاك سيادتنا الديمقراطية، أو زعزعة انتخاباتنا
وشدد بايدن على أن نبرة اللقاء مع نظيره الروسي كانت جيدة وإيجابية، مضيفا "أوضحت أننا لن نتسامح مع محاولات انتهاك سيادتنا الديمقراطية، أو زعزعة انتخاباتنا الديمقراطية وسنرد في حال حصل ذلك"، وذلك في إشارة إلى اتهام واشنطن لموسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2020.
من جهة أخرى، وصف الرئيس بوتين اللقاء مع نظيره الأميركي بأنه بناء، و أنه تم الاتفاق في القمة على عودة السفراء إلى أماكن عملهم الدائمة في كلا البلدين، وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن السفير الروسي بواشنطن أناتولي أنتونوف سيعود للعاصمة الأميركية آخر الشهر الجاري.
وانتقد بوتين، في مؤتمر صحفي عقب القمة، اعتبار واشنطن موسكو عدوا وخصما، وقال إنها تدعم منظمات ومؤسسات تطبق الأجندة الأميركية على التراب الروسي، و"هي منظمات تقوض روسيا".
الأمن السيبراني اتهامات متبادلة ومباحثات مرتقبة
وردا على اتهامات واشنطن لموسكو بالوقوف وراء هجمات إلكترونية طالت في الفترة الماضية العديد من المؤسسات الأميركية، قال الرئيس الروسي إن بلاده تتعرض لهجمات سيبرانية ومحاولات قرصنة عديدة، مشيرا إلى أن مصدر معظم الهجمات السيبرانية هو الولايات المتحدة، منتقدا عدم تعاون واشنطن في هذا الشأن.
وصرح الرئيس الروسي أنه اتفق مع بايدن على بدء محادثات بشأن الأمن السيبراني والاستقرار الإستراتيجي.
وذكر الرئيس الأميركي أن الحديث عن الأمن السيبراني استغرق وقتا طويلا من لقائه مع بوتين، مضيفا أنه أوضح للأخير بأن أميركا تمتلك قدرات سيبرانية كبيرة، وإنها سترد في حال تعرضها لهجوم، معربا عن ثقته بأن نظيره الروسي لا يريد حربا باردة جديدة.
أسوأ المراحل
وانعقدت قمة جنيف في ظروف تمر فيها علاقات البلدين بأسوأ مراحلها، حسب مسؤولين أميركيين وروس. وفي وقت سابق عبّر الرئيس الروسي عن أمله أن تكون قمته مع الرئيس الأميركي مثمرة، في حين قال بايدن إن اللقاء وجها لوجه هو السبيل الأفضل دائما وجرت القمة الموسعة بحضور معظم أفراد الوفدين الروسي والأميركي، وجرت مناقشة الملفين السوري والأوكراني.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن ثمة بعض التوافقات بين الجانبين الروسي والأميركي بشأن تخفيف حدة المواجهة الدبلوماسية بما يتيح عودة السفير الأميركي إلى موسكو جون سوليفان، والسفير الروسي إلى واشنطن أناتولي أنتونوف، وإعادة النظر بقرار البلدين إغلاق عدد من التمثيليات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة جراء تدهور العلاقات السياسية بينهما.
القضايا الخلافية بين موسكو و واشنطن
ومن أبرز القضايا الخلافية بين روسيا وأميركا معاهدات التسلح ونشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، والحضور العسكري لأميركا ولحلف شمال الأطلسي قرب الحدود مع روسيا، ودعم واشنطن للمعارضة الروسية، إضافة إلى الملف الحقوقي داخل روسيا، ودعم موسكو للانفصاليين المسلحين في شرقي أوكرانيا، فضلا عن الملف السوري.
واختلف الجانبان بشكل حاد حول حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الاحتجاج ورفض بوتين مخاوف الولايات المتحدة بشأن نافالني، الذي بدأ مؤخرا إضرابا عن الطعام لمدة 24 يوما.
وقال إن "نافالني تجاهل القانون وكان يعلم أنه سيواجه السجن عندما عاد إلى روسيا، بعد أن سعى للعلاج الطبي في ألمانيا". ويقول نافالني إنه تسمم بغاز أعصاب بأمر من بوتين، وهو اتهام ينفيه الأخير.
وأضاف بوتين، أن روسيا لا تريد اضطرابات على أراضيها مماثلة لأعمال الشغب في الكابيتول أو حركة حياة السود مهمة.
ورفض بايدن تعليقات بوتين حول حياة السود مهمة، ووصفها بأنها "سخيفة"، وصرّح أن حقوق الإنسان "ستكون دائما مطروحة على الطاولة".
ولدى سؤاله عن سبب رغبة روسيا في التعاون مع الولايات المتحدة، قال بايدن إنها "في موقف صعب للغاية الآن".
قبل الاجتماع، وعد الرئيس الأميركي السادس والأربعين بأن يحدد لبوتين "الخطوط الحمراء" خلال اللقاء، مؤكداً أن واشنطن لا تسعى إلى نزاع مع موسكو ولكنها سترد في حال استمرّت روسيا بـ"نشاطاتها".
وبعد نحو خمسة أشهر على توليه السلطة، يخوض جو بايدن مجازفة. فقد شدد البيت الأبيض مراراً على أنه لا ينبغي توقع اختراق مذهل لكن الرئيس البالغ من العمر 78 عاماً يدرك أن لديه الفرصة لصقل سمعته كمفاوض جيد في جنيف.
وكانت المدينة استضافت أول لقاء مباشر بين رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف في 1985، العام الذي شهد بداية ذوبان الجليد في الحرب الباردة. ورداً على سؤال عند وصوله إلى جنيف (الثلاثاء) عن شعوره قبل القمة التي سيتابعه خلالها العالم بدقة، قال بايدن "أنا مستعد دائماً".
ويمكن أن يعول الرئيس الروسي على خبرته الطويلة. فقد عاصر أربعة رؤساء أميركيين آخرين منذ وصوله إلى السلطة في نهاية 1999. ويتفق خبراء على أنه قد حقق مبتغاه إذ ان عقد القمة دليل على أهمية روسيا على الساحة العالمية.
وفي مقابلة مع محطة "إن بي سي" الأميركية، قال بوتين إنه يأمل أن يكون الرئيس الديمقراطي أقلَّ انفعالاً من سلفه الجمهوري. لكنه انتهز الفرصة أيضاً ليؤكد أن دونالد ترامب رجل "موهوب" وقال للصحفيين قبل وقت قصير من مغادرته جنيف "إنهم يتعرضون للضغط من قبل الصين. إنهم يريدون بشدة أن يظلوا قوة كبرى".