مهاجرون عرب يواجهون الموت على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا

الصورة
المصدر

قام مهاجرون محاصرون على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا بمئات المحاولات لاختراق الحدود، لكنها فشلت بعد أن تم صدهم من قبل 15 ألف جندي بولندي تم نشرهم لمنعهم من اجتياز الحدود،

ووفقا للسلطات البولندية فإن آلاف المهاجرين أغلبهم من جنسيات عربية سورية وعراقية ولبنانية يواجهون ظروفا صعبة وقاسية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أملا على اجتيازها والوصول إلى ألمانيا، بحثا عن حياة كريمة بعد أن أرهقهم الاقتتال في بلدانهم، إضافة إلى واقعهم الاقتصادي المتردي، لكن بعضهم خطفه الموت قبل أن يصل إلى قبلة الأمان التي ينشدها.

وأظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي موت مهاجر فرّ من العراق هربا من الموت، ليستقبله موت آخر على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا حيث قضى بسبب الظروف الصعبة التي واجهها في الغابات الحدودية بين البلدين.

 

بولندا وبيلاروسيا

يقع آلاف الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في وسط نزاع جيوسياسي متصاعد، اتهم فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بالوقوف وراء أزمة المهاجرين على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي لزعزعة استقرار الاتحاد ردا على العقوبات التي فرضها عليه الاتحاد، بسب اتهامات له بانتهاكات حقوق الإنسان. 

وتنفي حكومة لوكاشينكو هذه الاتهامات، وتلقي باللوم على الغرب بما يلقاه المهاجرون على المنافذ الحدودية من مخاطر قد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان، عدا عن المعاملة السيئة التي يلقونها.

مهاجرون يتجمعون حول  نار  مشتعلة في مخيم على الحدود بين بيلاروسيا  وبولندا 

وسجل حرس الحدود البولندي 468 محاولة عبور من قبل مهاجرين الأربعاء، وما يقرب من 600 في اليوم السابق ، كما احتجزت السلطات البولندية أعدادًا صغيرة من الأشخاص وأعادت على الفور آخرين إلى بيلاروسيا.

واتهم ممثل حرس الحدود البولندي في تصريحات صحفية سابقة من هذا الأسبوع بأن السلطات البلاروسية تدفع بعض المهاجرين نحو الحدود.

 ويخيم عدد كبير من الأشخاص الآن على الجانب البيلاروسي من معبر كوزنيكا الحدودي، الذي أغلقته السلطات يوم الثلاثاء ، في ظروف مزرية.

 

رحلة محفوفة بالمخاطر

ومنعت السلطات البولندية الصحفيين وعمال الإغاثة من السفر إلى المنطقة بعد أن أعلنت حالة الطوارئ مؤخرًا، ولم يسمح إلا للسكان المحليين بدخول المنطقة بعد إبراز وثائق الهوية.

وقال العديد من أولئك الذين يعيشون داخل المنطقة لوسائل اعلام عالمية إن الوجود المتزايد للشرطة العسكرية وحرس الحدود كان ملحوظًا وأنهم لا يرون المزيد من المهاجرين أكثر من المعتاد،فيما بين نشطاء حقوقيون بولنديون أن نشر  قوات إضافية أغلق الحدود لأنهم لم يتلقوا أي مكالمات من مهاجرين يطلبون المساعدة في الأيام الثلاثة الماضية.

 ويتهم مهاجرون حراس الحدود البلاروسي بالاعتداء عليهم وضربهم، عدا عن تقطع السبل بهم في الغابات في ظروف صعبة للغاية ودرجات حرارة متدنية دون أن يكون لديهم أي طعام أو ماء.

وقالوا إن تجربتهم مع الحراس البولنديين كانت مختلفة تمامًا عن معاملتهم من قبل الضباط البيلاروسيين "وأنهم لطفاء، لقد نقلونا إلى المستشفى والطاقم في المستشفى رائعون، حتى أن الأطباء أعطونا الملابس".

على الرغم من الرحلة الشاقة ، نقلت وسائل اعلام غربية عن لاجئين سوريين أنهم سيكررون المحاولة بالرحلة مرة أخرى مع عائلاتهم بسبب الوضع الإنساني المحفوف بالمخاطر في سوريا.

المواجهة الحدودية المتوترة

 وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مئات المهاجرين من الشرق الأوسط وآسيا، في إشارة إلى المهاجرين من العراق وسوريا ولبنان وحتى أفغانستان، وهم يحاولون عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، قاصدين التوجه إلى ألمانيا،

و شوهد مهاجرون يحاولون عبثا اختراق الحواجز بالمجارف وقواطع الأسلاك، وأظهرت مقاطع الفيديو أن بين المهاجرين عدد من النساء والأطفال الصغار، وأن البعض منهم لجأ إلى إشعال النار بقصد نيل شيء من الدفء وسط ظروف جوية قاسية وبرد يصل حد التجمّد.

وأظهرت اللقطات صفوفًا من الضباط يرتدون معدات مكافحة الشغب بدروع واقية كبيرة تحيط بأجزاء من الحدود، بينما تراقب طائرات الهليكوبتر الوضع من الأعلى وتُظهر اللقطات الجوية الخيام والدخان يتصاعد من نيران منتشرة على طول الجانب البيلاروسي من الحاجز بالقرب من الغابات القريبة. 

وشهدت بولندا وليتوانيا ولاتفيا زيادة في عدد الأشخاص الذين حاولوا الدخول من بيلاروسيا في الأشهر الأخيرة.

ويأمل العديد من المهاجرين في السفر من بولندا إلى عمق أوروبا في وقت أعلنت ليتوانيا حالة الطوارئ لمدة شهر، حيث دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل الأربعاء الماضي.

أفراد عائلة كردية من العراق ينتظرون دورية حرس الحدود في غابة على الجانب البولندي من الحدود مع بيلاروسيا -9 تشرين ثاني 2021

 

وفي محاولة لردع المهاجرين، أرسلت الحكومة البولندية رسائل نصية إلى أرقام الهواتف المحمولة الأجنبية في المنطقة الحدودية تقول: "الحدود البولندية مغلقة. سلطات بيلاروسيا كاذبة ارجع إلى مينسك!" 

وقالت المسؤولة الصحفية لحرس الحدود البولندي كاتارزينا زدانوفيتش إن الوضع في منطقة كوزنيكا كان هادئًا يوم الأربعاء وأن المهاجرين تلقوا طعامًا ساخنًا ومشروبات من الجنود البيلاروسيين طوال الليل.

وقدرت زدانوفيتش عدد المهاجرين المخيمين على طول الحدود بنحو 4000، مستشهدة بتقديرات حرس الحدود. 

ولم تستبعد احتمال أن يتجه المزيد من الناس نحو المنطقة الحدودية من أجزاء أخرى من بيلاروسيا. 

لعبة اللوم الدبلوماسي

ومع اشتداد الخلاف الحدودي، قال الاتحاد الأوروبي إنه من المرجح أن يفرض مزيدًا من العقوبات على بيلاروسيا، حيث وصفتها المفوضية الأوروبية بأنها "نظام عصابات" وانتقدت لوكاشينكو بسبب "وعوده الكاذبة" التي قال إنها جذبت المهاجرين إلى الحدود. معتقدين أنهم سيحصلون على "دخول سهل إلى الاتحاد الأوروبي".

وقالت بيلاروسيا، التي نفت جميع المزاعم، الأربعاء، إنها تسعى للحصول على "رد مشترك" مع روسيا على "الأعمال غير الودية" من دول الاتحاد الأوروبي.

وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية في بيلاروسيا، زعم وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي أن الغرب ينتهك موضوع حقوق الإنسان لممارسة ضغوط سياسية.

وفي مؤتمر صحفي عقب المحادثات بين وزيري خارجية روسيا وبيلاروسيا في موسكو، قال ماكي إن "عدوانًا معقدًا واسع النطاق قد شن ضد بيلاروسيا"، والذي لا يمكن أن يظل بلا رد.

وقامت الطائرات الحربية الروسية بدوريات فوق الأجواء البيلاروسية يوم الأربعاء. وقالت وزارة الدفاع البيلاروسية أن تلك الإجراءات مناسبة للوضع المتطور سواء في الجو أو على الأرض"، وأضافت أن الرحلات الجوية المشتركة مع القوات الجوية للبلدين ستجرى "على أساس منتظم".

المهاجرون في الوسط

وانتقدت جماعات إنسانية في السابق حكومة بولندا بسبب معاملتها للمهاجرين على الحدود، حيث يواجهون ظروفًا قاسية مع انخفاض درجات الحرارة بين عشية وضحاها ونقص بالغذاء والرعاية الطبية. كما اتهمت الجماعات الحقوقية السلطات البولندية بعدة عمليات صد غير قانونية - وهو ادعاء رفضه مسؤولو الحدود، بحجة أنهم يتصرفون وفقًا للوائح الحكومية.

و قالت مجموعة متطوعة من العاملين الطبيين البولنديين، إنه لم يُسمح لهم بمعالجة المهاجرين في منطقة الحظر التي أنشأتها حالة الطوارئ في بولندا، وتم رفض طلباتهم المتكررة للدخول، كما تم منع تقديم الرعاية الطبية للنساء الحوامل والأطفال، مع انتشار حالات انخفاض حرارة بالجسم والجفاف والجوع والتسمم الغذائي و إصابات في القدمين برصاص الجنود على الحدود.

وأضافت المجموعة أن "الأطفال الذين تقطعت بهم السبل بالقرب من الحدود مع بولندا وليتوانيا ولاتفيا منذ نهاية أغسطس / آب يعانون من انخفاض حرارة الجسم والإرهاق والجوع، بينما تدهورت صحتهم العقلية والبدنية بسبب رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر والوضع الطويل الذي كانوا يعيشونه".

وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس دعم واشنطن لبولندا ، قائلا إن "الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب بولندا وجميع شركائنا في أوروبا الذين تعرضوا للتهديد من جراء تصرفات بيلاروسيا غير المقبولة".

الأمم المتحدة تحث بولندا على إيواء المهاجرين

ودعت منظمة الأمم المتحدة السلطات البولندية لإيواء مجموعة من المهاجرين العالقين على الحدود مع بيلاروسيا منذ أكثر من أسبوعين.

وبحسب المنظمة الأممية تواجه أوروبا أزمات مهاجرين متعددة، مع دخول بيلاروسيا من الشرق والأفغان والسوريين والباكستانيين على البحر الأبيض المتوسط. 

وقامت اليونان مؤخرًا ببناء جدار على حدودها مع تركيا من أجل وقف تدفق الأفغان الذين يغادرون بلادهم بسبب سيطرة قوات طالبان على البلاد.

وفقًا لـ EASO، المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، تقدم 46300 طلبًا للحصول على الحماية الدولية في دول الاتحاد الأوروبي في حزيران /يونيو، أي خمسة أضعاف ما كان عليه في الأشهر السابقة، وجاءت معظم الطلبات المقدمة من سوريا وباكستان والمغرب والعراق وأفغانستان، مع 6000 طلب فقط من الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع عدد الطلبات المقدمة من اللاجئين الأفغان بمقدار 1000 من أيار/مايو واستمر في الارتفاع للشهر الرابع على التوالي.

علاوة على ذلك، أصدرت الدول الأوروبية صفة اللاجئ أكثر من غيرها للمهاجرين القادمين من سوريا (89٪)، وإريتريا (77٪)، وفلسطين (57٪)، وأفغانستان والصومال 56٪ لكل منهما.

كما زاد عدد طلبات فئة القصر غير المصحوبين بذويهم بمقدار 400، حيث تم تقديم 1900 طلب في حزيران يونيو، وجاءت معظم الطلبات من أفغانستان، تليها الطلبات من بنغلاديش.

00:00:00