أطلقت اللجنة العليا للإعمار في فلسطين والمتمثلة بنقابة المهندسين الأردنيين ونقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين، حملة غزة معا ننصرها في بث
الوقت ينفد.. صندوق تقاعد المهندسين مهدد بالإفلاس والنقابة تبحث عن طوق نجاة

يواجه صندوق التقاعد في نقابة المهندسين الأردنيين أزمة مالية خانقة تهدد قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه آلاف المتقاعدين، وسط اعتراف رسمي بحجم التحديات وتاريخ طويل من السياسات التي فاقمت العجز، في حين يقف آلاف المهندسين الأردنيين على أعتاب مستقبل تقاعدي غامض.
فهل تملك النقابة والجهات المعنية الجرأة الكافية لإعادة هيكلة المنظومة قبل الانهيار التام؟
واقع الأزمة: شكاوى متكررة من المتقاعدين
المهندس وليد، أحد المتقاعدين على الشريحة الثانية التي يفترض أن يتقاضى بموجبها 400 دينار شهريا، أكد لـ حسنى أنه لم يتسلم راتبه منذ أشهر، مشيرا إلى أن ما كان يصله سابقا لا يتجاوز 322 دينارا، وأضاف أنه دفع التزاماته المالية للنقابة منذ عامه الأول في المهنة، واصفا الوضع الراهن بأنه "ورطة جماعية" تشمل النقابة والدولة والمهندسين.
اعتراف النقابة: صندوق التقاعد ورث مديونية كبيرة وأزمة متراكمة
من جانبه أكد نقيب المهندسين عبدالله غوشة لـ حسنى أن مجلس النقابة الحالي ورث أزمة متراكمة منذ عقود، وأوضح أن هناك ستة صناديق داخل النقابة تم فصلها ماليا مؤخرا، بعد أن كانت تتداخل في استخدامها للأموال، مما أدى إلى مديونية كبيرة في صندوق التقاعد على بقية الصناديق كالتأمين الصحي والنقابة.
عجز شهري بالملايين
غوشة كشف أن فاتورة رواتب التقاعد الشهرية تبلغ 4.5 مليون دينار، في حين لا تتجاوز الإيرادات الشهرية 900 ألف دينار، ما يعني وجود عجز يقدر بنحو 3.6 مليون دينار شهريا. وحذر من أن الاستمرار في بيع أصول صندوق التقاعد لتغطية هذا العجز سيؤدي إلى نفاد موجوداته خلال 3 سنوات.
إجراءات فورية: فصل الصناديق وتعديل السياسات
النقابة بدأت فعليا بفصل الصناديق، وتشكيل لجان نقابية واقتصادية لبحث حلول استثمارية وتشريعية، مع مراجعة الآليات الحالية لصرف الرواتب. وجرى تقليص مخصصات المتقاعدين غير الممارسين للعمل الهندسي من 50% إلى 25% مؤقتا، في حين لم تمس مخصصات الأرامل والأيتام وذوي العجز.
الحاجة لتعديل التشريعات
أكد نقيب المهندسين ضرورة تعديل التشريعات الناظمة لصندوق التقاعد، منتقدا السياسات السابقة التي استندت إلى بيع أراض وممتلكات دون وجود خطة استثمارية واضحة، مشددا على أهمية فصل إدارة التقاعد عن ملف الاستثمار، كما هو معمول به في صندوق الضمان الاجتماعي.
المشكلة في الأساس الهيكلي للصندوق
قدم الدكتور حاتم جابر عبر مداخلته على حسنى تشخيصا دقيقا للأزمة، مبينا أن صناديق التقاعد تأسست في السبعينيات والثمانينيات بدافع أخلاقي وتكافلي، لكنها استمرت لعقود دون أن تصرف منها رواتب تقاعدية، مما أدى إلى تراكم أموال ظاهري قبل أن يبدأ الإنفاق الحقيقي في أواخر التسعينيات.
وأكد الدكتور جابر أن الأزمة لا تقتصر على المهندسين بل تشمل جميع النقابات المهنية، من الأطباء إلى المحامين، مع تفاوت في الأشكال وبالجوهر نفسه. وذكر أنها ناتجة عن فلسفة تأسيس غير متوازنة، وأسس مالية غير فعالة، ولفت إلى التزام أخلاقي يمارسه المنتسبون رغم علمهم بأنهم قد لا يحصلون على تقاعد لكنهم يساهمون للمصلحة العامة.
وأكد أن الأسس الحسابية المعتمدة للصندوق كانت خاطئة، إذ يدفع الأعضاء مبالغ رمزية لا تتناسب مع التزامات تقاعدية مستقبلية، مشيرا إلى أن النقابات لم تعتمد معايير إكتوارية سليمة.
وأوضح أن مبالغ الاشتراك غير كافية "نحو 3% فقط من الراتب" مقارنة بنظم عادلة كصندوق الضمان "20%"، مما يجعل الأسس الحسابية للصندوق باطلة وغير قابلة للإصلاح.
كما لفت إلى عدم وجود لجان متخصصة في الاستثمار داخل النقابة، وكانت السياسات الاستثمارية تتقلب مع حالة السوق، ما زاد المخاطر المالية.
دعوة للحوكمة والشفافية
دعا جابر إلى ضرورة اعتماد الشفافية والحوكمة في إدارة هذه الصناديق، والاستفادة من تجارب ناجحة مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي، والاعتراف بأن القرارات المؤجلة لأسباب انتخابية هي من أوصلت النقابات إلى حافة الإفلاس.
مقترحات غير تقليدية: تسويات مالية مع المتقاعدين؟
ومن المقترحات التي تدرسها النقابة للخروج من المأزق هي اللجوء إلى تسوية مالية للمتقاعدين تعيد إليهم ما دفعوه من اشتراكات خلال سنوات الخدمة، مقابل إنهاء التزام النقابة بدفع رواتبهم التقاعدية مستقبلا، وأشار إلى أن الفكرة لا تزال قيد الدراسة، وأن جميع الخيارات مفتوحة أمام اللجان دون استثناء.
اقرأ المزيد.. قرارات لترشيد نفقات نقابة المهندسين لحل أزمة الصندوق