هل آن الأوان لإنشاء صندوق تعاوني لترميم المناطق العشوائية؟

الصورة
انهيار عمارة اللويبدة
انهيار عمارة اللويبدة

معدل الكود الوطني للزلازل قسم المملكة إلى أربع مناطق زلزالية

أعاد زلزال مراكش الأخير فتح باب التساؤلات حول مدى جاهزية الأبنية في الأردن للتعامل مع الزلازل والكوارث في الأردن بشكل خاص -لا قدر الله-. 

وفي دعوة جادة له، دعا رئيس مجلس هيئة المكاتب والشركات الهندسية وعضو نقابة المهندسين م. عبدالله غوشة عبر حسنى اليوم إلى ضرورة الإسراع بتدشين صندوق تعاوني لترميم وإعمار المناطق العشوائية والأقل حظا.

صندوق تعاوني على المستوى الوطني 

ويأتي حديث غوشة تزامنا مع تدشين المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات خطته الوطنية للتعامل مع الزلازل والتي ساهمت نقابة المهندسين فيها بشكل تعاوني ورئيسي من حيث كودات الأبنية المقاومة للزلازل والأسس اللازم توفرها في المنشأة لضمان سلامتها وأمنها.

ويشير غوشة إلى أن فكرة الصندوق فكرة تكافلية على المستوى الوطني لتقديم المساعدة الفنية والمالية على مستوى الدولة والجهات والمؤسسات المجتمعية والنقابية وغيرها لإنقاذ الأبنية في المناطق العشوائية، لافتا إلى أن الاستشارات الهندسية وتقييم المباني لا يشكل سوى 2% من كلفة أي عمل إنشائي، إلا أن عمليات الترميم والصيانة والحلول اللازمة لوضع البناء على معايير السلامة تعد مكلفة ماليا وهندسيا وخاصة على الأسر من ذوي الدخل المتدني. 

وشدد غوشة على أن الأردن يجب أن يحذو حذو الدول المجاورة والمتقدمة في تأسيس هذا الصندوق، حيث نجحت دولة مصر في تأسيس هذا الصندوق والمضي قدما نحو إنقاذ الأبنية في المناطق الشعبية، كما أن مثل هذا الصندوق قد أسس في تركيا ليساهم في الحد من آثار الزلازل على المناطق الأكثر فقرا رغم الجهود الرسمية في هذا المجال.

الحملات الخيرية السنوية غير كافية

ورغم أن العديد من مؤسسات المجتمع المدني تساهم سنويا عبر حملات خيرية في مساعدة الأسر الفقيرة لترميم سكنها وجعله آمنا للعيش، وعلى رأسها برنامج المساعدة الاجتماعية لنقابة المهندسين الذي يقوم بترميم نحو 40 سكنا سنويا، بحسب غوشة، الذي بين أن الهدف من الصندوق اليوم يجب أن يكون أشمل وأعم، وذلك ضمن خطة وطنية شاملة، تتضمن عشرات الآلاف من المساكن التي قد تكون أكثر عرضة للضرر والسقوط في حال التعرض للزلازل في الأردن -لا قدر الله-.

هل مباني الأردن مقاومة للزلازل؟

وتأتي دعوة غوشة لإنشاء الصندوق بناء على المعلومات المتوفرة في الميدان، وباعتباره عضوا في نقابة المهندسين والتي قادت في العام الماضي تعديل كودات الأبنية المقاومة للزلازل باعتبارها عضوا في مجلس البناء الوطني كذلك.

ويحذر غوشة من التأخر في تأسيس الصندوق، إلا أنه في الوقت ذاته يطمئن بأن المخزون العقاري في الأردن يعد جيدا، كما أن المملكة تطبق الأسس والكودات المعتمدة لمقاومة للزلازل منذ عام 1980، حيث تعد من الدول السباقة في ذلك. 

وتعتمد الكودات الأردنية لمقاومة الأبنية للزلازل على عدة عوامل أبرزها: طبيعة المواد المستخدمة في البناء باعتبارها أبنية خرسانية أو حجرية، إضافة إلى أن العديد من عناصر البناء تدخل ضمن العناصر المقاومة للزلازل، كما أن 90% من الأبنية لا يتجاوز ارتفاعها الـ 4 طوابق مما يساعد في تقليل نسبة المخاطر في حال حدوث زلازل- لا قدر الله-.

ويلفت غوشة النظر إلى أن الحديث الدائم يدور حول ضرورة الصيانة المستمرة والترميم حتى وإن كانت كودات الأبنية مبنية بشكل سليم.

تاريخ كودات الأبنية المقاومة للزلازل في الأردن

ودخلت الكودات المعدلة للأبنية المقاومة للزلازل في الأردن حيز التنفيذ العام الحالي، بحيث أصبحت مطبقة اعتبارا من مطلع العام، إلا أن غوشة يوضح أنها ليست الكودات الأولى التي تصدر في الأردن فيما يتعلق بالزلازل. ففي عام 1980 بدأ الأردن منظومة الوقاية من الزلازل من خلال الكود العربي الموحد للخرسانة، ثم صدر قانون البناء الوطني عام 1989 متضمنا فصلا خاصا بالأبنية المقاومة للزلازل، كما تم إقرار أول كود خاص بالأبنية المقاومة للزلازل عام 2005. 

ويطمئن غوشة أن جميع المباني التي تم إنشاؤها ما بعد عام 1993، ذات بنية جيدة تتضمن تطبيق كودات الأبنية المقاومة للزلازل بحدها الأدنى، إلا أن ذلك لا يغني عن الترميم والصيانة الدائمة والتي تساهم بشكل رئيسي في جعل المباني مقاومة بشكل أكبر وسليمة من الناحية الهندسية والإنشائية.

تقسيم المملكة إلى أربع مناطق وفق خارطة الزلازل 

وتتضمن الكودات المحدثة الأخيرة أبرز التطورات العلمية والفنية المتعلقة بملف الزلازل، حيث كشف غوشة أنه تم تحديث خارطة الزلازل في الأردن، وتقسيم المملكة إلى أربع مناطق زلزالية: البحر الميت، العقبة، المناطق الجبلية، المناطق الصحراوية. 

كما تم تقسيم الأبنية في كل منطقة إلى 4 تصنيفات رئيسية، أبرزها محطات الطاقة والمستشفيات والمناطق التجمعية الكبرى، ومن ثم المساكن العادية، حيث يتم التعامل مع كل تصنيف بنائي على حدة ووفقا لموقعه على الخارطة الزلزالية. 

كما تضمنت التعديلات الحديث عن الأبنية القائمة وآلية جعلها مقاومة للزلازل، وخاصة المهترئة منها والقديمة والتي تجاوز عمرها الـ 50 عاما.

تشديد الرقابة ما بعد حادثتي اللويبدة والجوفة

أي شخص يريد ترميم منزله أو صيانته أو إضافة أي عمل إنشائي على منشأته، ملزم حسب قانون البناء الوطني في عام 2018 بالحصول على موافقة مكتب هندسي مصنف للقيام بالأعمال الإنشائية من خلاله. 

ويقوم المكتب الهندسي بتقديم الاستشارة والتأكد من أن المبنى القائم والمواد المستخدمة فيه إيجابية وناجحة مخبريا وقابلة لإضافة أعمال إنشائية أخرى دون أن تؤثر على سلامة المبنى أو تعرض سكانه للخطر. ويقول غوشة أن هذا التعديل جاء بعد حادثة وقوع عمارة في الجوفة عام 2017، فيما شددت الجهات الرقابية على تنفيذ هذا التعديل بعد حادثة سقوط عمارة اللويبدة عام 2022.

أسماء المكاتب الهندسية منشورة إلكترونيا

وتوفر النقابة بصفتها التنظيمية أسس ممارسة مهنة الهندسة الإنشائية وتنظيم فتح المكاتب الهندسية ومراقبة أدائها. ويبين غوشة أن أسماء جميع المكاتب الهندسية وتصنيفاتها وعناوينها وأرقامها متوفرة عبر موقع نقابة المهندسين وهيئة المكاتب الهندسية، إذ إنها متاحة أمام المواطنين لتقديم الاستشارات اللازمة الإنشائية منها أو من حيث عناصر السلامة والأمان الخاصة بكودات الزلازل. 

ويشير غوشة إلى أن مهام المكتب المتعلقة بالاستشارات، تتضمن الكشف على المنزل والتأكد من خلوه من الظواهر الخطرة من تشققات تهدد سلامة البناء، لافتا إلى أن الأمر قد يتطلب أحيانا فحوصات مخبرية.

اقرأ المزيد...الزلزال.. يدفعنا للتساؤل عن مدى مقاومة مبانينا لهذه الكوارث

00:00:00