الكلاب الضالة.. بلديات دون صلاحيات ومواطنون في خطر

الصورة
كلاب ضالة في منطقة ضاحية الرشيد في عمان | أرشيفية Jordantimes
كلاب ضالة في منطقة ضاحية الرشيد في عمان | أرشيفية Jordantimes

الزيناتي والكوفحي: نحتاج تشريعا يحمي المواطن ويمكّن البلدية

آخر تحديث

في كل عام، يعود ملف الكلاب الضالة إلى واجهة النقاش في الأردن، مدفوعا بحوادث نهش متكررة تطال رجالا ونساء وأطفالا في مناطق متعددة. 

وخلال الأسابيع الماضية، شهدت المملكة سلسلة من الاعتداءات من الكلاب الضالة، الأمر الذي أثار موجة من الغضب الشعبي والتساؤلات حول دور البلديات ومسؤوليتها في التصدي لهذه الظاهرة.

القضية تعقدت أكثر بعد أن كسب مواطن في مدينة إربد قضية ضد بلديتها، إثر تعرضه لنهش من كلب ضال، وحصل على تعويض يقارب 1500 دينار. المحكمة استندت إلى قانون الإدارة المحلية الذي يحمّل البلديات مسؤولية التعامل مع الكلاب الضالة والوقاية من أخطارها. 

هذا الحكم فتح الباب أمام دعاوى مماثلة قد تثقل كاهل البلديات، في وقت تقول فيه هذه البلديات إنها عاجزة قانونيا وماديا عن التعامل مع المشكلة.

في هذا السياق، أوضح رئيسي بلديتي إربد نبيل الكوفحي والرصيفة شادي الزيناتي، لـ حسنى أبعاد ملف الكلاب الضالة من الميدان، وتحديات البلديات في التعامل معها.

نبيل الكوفحي: لا نملك التمكين القانوني ولا المالي لمكافحة الكلاب الضالة

من جهته، أعرب رئيس بلدية إربد الكبرى، نبيل الكوفحي عن استغرابه من الحكم القضائي الذي أقر تعويضا بقيمة 1500 دينار لمواطن كان قد تعرض لنهش من أحد الكلاب الضالة، وقال الكوفحي إن البلديات غير ممكّنة لا ماليا ولا تشريعيا للتعامل مع الكلاب الضالة. وقال: 

"ليس من العدل أن تحاسب البلديات على تقصيرها في ظل غياب التمكين القانوني والمادي".

 مبادرات سابقة لإيواء الكلاب باءت بالفشل

الكوفحي أشار إلى أن بلديته سبق وأن وقعت اتفاقيات مع جمعيات مختصة لإنشاء مأوى للكلاب الضالة، وخصصت قطعة أرض لذلك، لكن المشروع أجهض بسبب ضغوط من وزارة الداخلية بعد اعتراض أحد النواب على الموقع المختار رغم قلة السكان فيه.

معضلة الإيواء والتعقيم في ظل ضعف الإمكانيات

أوضح الكوفحي أن عملية الإمساك بالكلب وتعقيمه تكلف قرابة 100 دينار، وهو عبء يفوق قدرة البلدية. وأضاف: 

"لا نملك أماكن لإيواء الكلاب، ولا الموارد اللازمة لتعقيمها أو متابعتها صحيا"

مشيرا إلى أن موظفي البلديات يعرضون للمساءلة القانونية في حال التعامل مع الكلاب بشكل يؤدي إلى إيذائها أو قتلها.

كثافة مقلقة لأعداد الكلاب الضالة

بحسب الكوفحي، فقد أظهرت دراسة أجرتها جمعية مختصة عام 2022 أن معدل وجود الكلاب الضالة في بعض شوارع المدينة بلغ 20 كلبا لكل كيلومتر طولي، وهو ما يعكس حجم المشكلة المتفاقمة.

شادي الزيناتي: نحتاج صلاحيات واضحة والناس تريد حلولا لا مبررات

من جهته، أكد رئيس بلدية الرصيفة شادي الزيناتي أن البلديات تواجه ضغوطا شعبية يومية من المواطنين بسبب الخوف من الكلاب الضالة، خصوصا بعد تكرار حوادث النهش. وقال إن البلديات تعيش في مأزق: "لا نملك الحق في القتل ولا نملك البدائل".

ضرورة تعديل التشريعات لتوضيح الصلاحيات

الزيناتي دعا إلى ضرورة تعديل القوانين لمنح البلديات صلاحيات واضحة، سواء في عمليات الإيواء أو التعقيم أو حتى اتخاذ إجراءات استثنائية عند الخطر، مشددا على أن "موظف البلدية لا يستطيع التصرف حاليا دون أن يحاسب جنائيا".

دعوة لتدخل الدولة وعدم ترك البلديات وحدها

طالب الزيناتي الحكومة ووزارة الإدارة المحلية بتحمل مسؤولياتها، ودعم البلديات فنيا وتشريعيا وماليا، محذرا من أن البلديات عاجزة عن تحمل التبعات القانونية والتكاليف المتصاعدة، ولا يمكنها ترك المواطن في مواجهة الكلاب دون حلول. 

البلديات غير مزودة بموازنات أو أدوات أو دعم فني لتطبيق "نظام ABS" أو أساليب حضارية بديلة لمكافحة الكلاب، ومع ذلك تطالبها الوزارة بعدم التعرض لها أو قتلها. 

وتحدث الزيناتي بغضب عن تعرض مواطنين لأذى مباشر من الكلاب، بينها حالات وفاة، وحالات تمزق بسبب هجمات القطعان، مؤكدا أن الكلاب أصبحت تسيطر على مناطق معينة وكأن البشر هم الدخلاء.

شكاوى بلا مجيب وتساؤل عن ازدواجية التنفيذ

أوضح رئيس بلدية الرصيفة بأنه خاطب الوزارة مرارا، وأثار الموضوع في معظم وسائل الإعلام، دون استجابة تذكر، فيما تتعرض البلديات لهجوم من المواطنين ومن جمعيات الرفق بالحيوان، في ظل "صمت حكومي تام".

الزيناتي استغرب كيف يتم تنفيذ قرارات منع قتل الكلاب بـ"حذافيرها" ضد المواطنين، في حين لا تنفذ قوانين أخرى تتعلق بحقوقهم الأساسية، قائلا: 

"ليش بس على الكلاب القانون يطبق؟".

غياب التشريع الواضح

وقال الزيناتي إنه لا يوجد قانون يمنع مكافحة الكلاب الضالة، بل توجد تعليمات وقرارات صادرة استنادا إلى اتفاقيات مع منظمات دولية وجمعيات، مما خلق حالة من الغموض القانوني.

التكلفة الاجتماعية والإنسانية

 كما تطرق الزيناتي في حديثه إلى الأعباء الأخرى التي تتحملها البلدية، حيث تحدث عن تسجيل أكثر من 70 حالة إصابة بلدغات عقارب فقط خلال 3 أشهر في مستشفى الأمير فيصل، إضافة إلى حالة وفاة لشاب عسكري بسبب كلب ضال، وحوادث متكررة تمس الأطفال والنساء، مما يجعل حياة الإنسان في خطر دائم.

دعوة لحلول فورية

وطالب رئيس بلدية الرصيفة، الحكومة بالسماح للبلديات بالتدخل الميداني الفوري لمدة شهر واحد فقط، مؤكدا أن الأمر ليس مستحيلا إذا توفرت الإرادة، قائلا: 

"ظفر بني آدم أولى... عيب نعيش بهيك ظروف ونحكي عن نهضة وتحديث، بينما بناتنا وولادنا يُهاجمون في الشوارع".

وتجدر الإشارة إلى أن مواطنين أردنيين اشتكوا مؤخرا من زيادة انتشار الكلاب الضالة في الأحياء السكنية، مبينين أنها أصبحت "ظاهرة مؤرقة" تهدد سلامة السكان وتعرضهم للخطر. في المقابل، يطالب ناشطون في مجال حماية الحيوان بالتعامل مع هذه المشكلة بطرق علمية تراعي حقوق الحيوان، بعيدا عن ممارسات العنف أو القتل. 

ويحذر الناشطون من تكرار مشاهد التعدي على هذه الكائنات، مؤكدين أن الحل لا يكون بمزيد من الدماء، بل من خلال برامج الإخصاء والتطعيم والرعاية، بما يحقق التوازن بين السلامة العامة والحفاظ على حقوق الحيوان. 

ويذكر أن القانون الأردني يجرم أي اعتداء على الحيوانات؛ إذ ينص قانون العقوبات على عقوبة بالحبس تصل إلى سنتين لمن يقتل حيوانا غير مملوك، ويعاقب من يضرب أو يجرح حيوانا بطريقة تلحق به ضررا جسيما أو تمنعه من العمل بالحبس لمدة أقصاها شهر أو بغرامة. 

اقرأ المزيد.. كلفة علاج مرضى نهش الكلاب تتجاوز كلفة الحلول لضبطهم

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00