قانوني، كاتب
أسئلة وأجوبة حول المقاومة الفلسطينية والدور الأردني
معركة طوفان الأقصى التي تدور رحاها في هذه الأيام بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، والتي بدأت في الـ 7 من تشرين الأول الجاري، فتحت أمامنا نافذة واسعة من الأسئلة حول المقاومة وتأثيرها على المنطقة وعلى الاحتلال، وهذه أبرز الأسئلة التي يمكن طرحها حول الأمر.
أبرز الأسئلة حول المقاومة الفلسطينية والدور الأردني
هل المقاومة الفلسطينية لديها مشروع تحرير فلسطين؟
لا يوجد مشروع تحرير للمقاومة، المقاومة الفلسطينية تقدم نفسها على أنها مشروع مشاغلة للاحتلال الإسرائيلي حتى لا يتمدد ولا يتجذر أكثر، والمشاغلة مستمرة حتى يتبدل الوضع السياسي الدولي وتتغير الظروف السياسية والعسكرية العربية، وتظهر الفرصة الحقيقية القادرة على إنهاء الاحتلال.
مع العلم بأن حركة الصعود والنزول في القوى الدولية متسارعة، فخلال سبعين عاما تراجعت فرنسا وبريطانيا عن صدارة العالم في منتصف خمسينيات القرن الماضي وتقدمت أمريكا، واليوم تصعد الصين بشكل واضح، فلا شيء يبقى على حاله سياسيا وعسكريا، لكن كيف يمكننا كعرب الاستثمار في تلك التحولات السياسية يبقى هذا هو المهم.
هل تستحق المقاومة كل تلك التضحيات بالمال والأرواح؟
نعم تستحق، التاريخ يقول لنا إن الأرض لا تتحرر إلا بالدماء، وإن نفس المقاوم أطول من نفس المحتل، وإن كانت خسائر المقاوم أضعاف خسائر المحتل، لكن بالنهاية النصر يكون حليفا للمقاوم وصاحب الأرض.
الشعب الجزائري قدم مليون ونصف المليون شهيد على مدار 132 عاما، وبالنهاية اندحر الاحتلال الفرنسي، كما قدم الشعب الليبي عشرات الآلاف من الشهداء على مدار 38 عاما من الاحتلال الإيطالي لليبيا، وفي النهاية تحررت ليبيا ورحل المحتل، فلا ثمن للتحرر إلا الدم وليست هناك خسارة للشعب الفلسطيني أعظم من بقاء المحتل الإسرائيلي جاثما على صدره.
هل فصائل المقاومة وخصوصا الجهاد وحماس ذراع لإيران في فلسطين؟
إيران لديها مشروع توسعي في المنطقة، وتتنافس مع مشروع الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي والمشروع التركي في المنطقة، إلا أن المقاومة الفلسطينية وجدت في إيران داعما وحليفا واضحا وصريحا في دعمهم ماديا وعسكريا، فالسياسة لا تعرف الصداقة في كل المواقف والعداوة في كل المواقف.
المقاومة تستفيد من الجانب الإيراني وطورت قدراتها العسكرية بشكل كبير بدعم إيراني، والمقاومة حتى الآن لم يثبت أنها دعمت المشروع الإيراني أو سهلت عمله في المنطقة، بل على العكس تبنت موقفا مناوئا للمشروع الإيراني في سوريا، فالمسألة محكومة باتفاق المصالح في معاداة المشروع الإسرائيلي فقط.
اقرأ المزيد.. ما المراحل التي مرت بها العلاقة بين الأردن وحماس
لماذا بعض الدول العربية تصمت، وبعضها تتبنى مواقف أقرب إلى موقف الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن؟
بعض الدول بعد الربيع العربي جعلت جماعات الإسلام السياسي على رأس سلم عداواتها والخطر الذي يحيق بها، وتؤكد الدراسات التي توضع بين أيديهم أن أهم عوامل إطالة عمر الإسلام السياسي وجود حركات المقاومة الفلسطينية التابعة للإسلام السياسي، فهذه الدول تعتقد أن استئصال قوى المقاومة الإسلامية في فلسطين سوف ينهي مشروع الإسلام السياسي في المنطقة ويجعله في أضعف حالاته ويحرمه من الجانب المعنوي الذي يغذيه وينمو عليه ويمنحه القوة، فتبدو مصالحهم متوافقة مع مصالح الاحتلال الإسرائيلي مؤقتا في الخلاص من حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين.
كيف يمكن للشعوب خدمة المقاومة؟
يمكن خدمة المقاومة شعبيا من خلال طرق عديدة وهذه أبرزها:
- التبرع بالمال عبر الجمعيات التي لديها القدرة على العمل داخل غزة؛ وذلك لتقديم الدواء والماء والغذاء بهذه المرحلة بما يعزز صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته على أرضه.
- التفاعل الإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي على مستوى نشر الوعي بين الشعوب العربية أو شعوب العالم المتحضر، وخصوصا الشعوب الغربية ذات التأثير في صناعة قرارات دولها، وهذا يحتاج قدرة على صياغة الأخبار ونشر الفيديوهات والتعليقات باللغات الأجنبية والأسلوب الذي يناسب تلك الشعوب.
- الخروج بمظاهرات ومسيرات ومهرجانات يتناقلها الإعلام الدولي لرفع معنويات الشعب الغزي في معركة المقاومة.
لماذا لا يتم فتح الحدود من دول الطوق حتى نقوم بواجب الجهاد؟
قرار الحرب قرار دول وليس قرار أفراد، كما أن الجهاد تدريب وعتاد ومعلومات وليس انفعالا وعواطف، واقتحام الحدود يعني إحراجا سياسيا للدولة التي تنطلق منها الاقتحامات، وأيضا يعني إعطاء الفرصة للاحتلال الإسرائيلي لقتل كل من يتسلل إلى الحدود لتعميق سياسة قوة الردع التي ينتهجها الاحتلال حاليا، إذ إن قواعد الاشتباك لديهم بعد أحداث الـ 7 من تشرين الأول الجاري قد تغيرت، وهذا واضح من عدد الشهداء الذين سقطوا في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه من المؤكد غالبا وقوع من يقتحم الحدود في الأسر إن لم يستشهد، والذي سوف يستخدمه العدو للمساومة وابتزاز دول الطوق بهم لتحقيق مصالح ومكتسبات سياسية.
اقرأ المزيد.. من هو المهندس الزواري الذي أطلقت حماس طائرات انتحارية باسمه؟
كيف يمكن تقييم الموقف الأردني من الأحداث؟
الموقف السياسي الأردني الرسمي متقدم في عدة محاور، وكلها تخدم المقاومة بشكل مباشر وغير مباشر، ويمكن إيجازها بما يأتي:
- وقوف الأردن ضد تهجير شعب غزة، وهذه النقطة غاية في الأهمية، مع تنسيق من مصر ودعمها في ذلك.
- اعتبار الأردن قصف مستشفى المعمداني جريمة حرب.
- اعتبار الأردن أي محاولات تهجير من الضفة الغربية بمنزلة إعلان حرب بالنسبة للدولة الأردنية.
- بقاء المستشفى الميداني العسكري الأردني يعمل في قطاع غزة في ظل هذا الظرف الصعب أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الأردن للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية حاليا.
- السماح بجمع التبرعات لتقديم الدعم المادي للشعب الغزي.
كيف يمكن أن نحمي المصالح الأردنية بهذه الحرب؟
القضية الفلسطينية ترتقي أن تكون شأنا محليا أردنيا كما هي شأن فلسطيني، فكل ما يحصل في فلسطين ينعكس على الشأن الأردني بشكل مباشر، ما جرى في غزة يمكن التأكيد من خلاله على الموقف الأردني بأنه لا حل للقضية الفلسطينية رسميا إلا بإقامة دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني على حدود 67: الضفة بما فيها القدس الشرقية وغزة والغور الأردني، وهذا ما يتفق مع المبادرة العربية والرؤية الأردنية، ويحمي المصالح الأردنية العليا من المخطط اليميني الإسرائيلي الذي يريد تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن ويقضم الأرض ويهجر السكان. بينما يحاول الاحتلال الإسرائيلي تجاهل هذا الحل والتهرب منه.
هناك فارق بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي في الأردن؟
ما يسع الأفراد لا يسع الدول والجهات الرسمية، فالعلاقات الدولية تقوم على موازنات لا على رغبات وأمنيات، كما يمكن أن نجعل الموقف الشعبي والموقف الرسمي موقفا متكاملا فنحول هذا التباين في سقف الخطاب من مرحلة التآكل فيما بيننا إلى مرحلة التكامل، فتبادل الأدوار وتفهم ذلك يجعل الأردن دولة أقوى في جبهته الداخلية.
متى يمكن أن تنتهي الحرب وما هو مصيرها؟
الدعم الغربي والأمريكي للاحتلال الإسرائيلي غير محدود ولا مشروط، ولا توجد خطوط حمراء على أي عمل يمكن أن يتخذه الاحتلال ضد الفلسطينيين، والاحتلال سوف يستغل تلك الفرصة النادرة في الدعم الغربي له ويعمل على محاولة استئصال حماس وإنهاء وجودها إلى الأبد.
ويمكن أن تستمر الحرب إلى أكثر من 18 شهرا، لكن ما يحدد مصير المعركة وعمرها هو ردة فعل المقاومة على الأرض في الحرب البرية الوشيكة، وفي الوقت الذي نبدأ فيه بسماع رسائل أمريكية بضرورة وقف الحرب نكون حينها على يقين بأن الحرب البرية تسير لصالح المقاومة، وأن بقاء الدعم الأمريكي وغض الطرف عن الحملة البرية للاحتلال الإسرائيلي يعني أنه يتقدم في الحرب البرية لا سمح الله. والشهر الأول من الحرب البرية هو من سيقرر شكل الحرب وعمرها ونتائجها وحتى شكل المنطقة وتوازناتها وشكل الداخل الفلسطيني بعد الحرب.
اقرأ المزيد.. مقابلة الباحث عريب الرنتاوي حول شكل المنطقة بعد طوفان الأقصى