عضو في مجلس النواب العشرين
الأردن هدف الحملات الشرسة المدفوعة.. سيبقى شوكة الحق في خاصرة الباطل

الأردن اليوم يواجه هجمات شرسة وضبابا إلكترونيا موجها لا يهدأ، وكأن هناك من يريد أن يطفئ صوته أو يشوه صورته أو يحاصره سياسيا واقتصاديا. والسؤال الكبير: لماذا الأردن بالذات؟ لماذا هذه الدولة الصغيرة بمساحتها، القليلة بمواردها، المستقرة بإرادتها ووعي شعبها، تصبح الهدف الأول للحملات الممنهجة؟
الأردن مشروع عروبي قائم على الانتماء الصادق للأمة
الحقيقة أن الأردن منذ لحظة تأسيسه عام 1921 لم يكن دولة عابرة، بل مشروعا عروبيا قائما على الانتماء الصادق للأمة. جيشه اسمه "الجيش العربي"، وشعبه ضحى واقتسم لقمة عيشه مع الآخرين. وعلى الرغم من شح الإمكانيات وقلة الموارد، قدم الأردن من أجل فلسطين ما لم تقدمه دول أكبر منه ثراء وأوسع جغرافيا. حمل عبء القضية الفلسطينية على كتفيه، ووقف في كل معركة وفي كل محفل مدافعا عن الحق الفلسطيني، ودفع الثمن من اقتصاده ومن حياة مواطنيه.
الأردن لم يكن فقط حارسا للقدس ولا مدافعا عن فلسطين وحسب، بل كان أيضا الملجأ والمأوى، فتح قلبه قبل أن يفتح حدوده لكل من هرب من ويلات الحروب والظلم والطغيان. استقبل الفلسطيني والسوري والعراقي واللبناني واليمني، وتحمل أعباء اجتماعية واقتصادية وسياسية هائلة تفوق طاقته. ومع ذلك لم يغلق بابه، ولم يقل يوما "أنا أولا"، بل ظل وفيا لرسالته كبلد المهاجرين والأنصار، يقدم العون ويساند أشقاءه العرب بينما يعاني هو أضعاف معاناتهم.
ثم جاءت القيادة الهاشمية لتجعل من صوت الأردن الصوت الأكثر صدقا وصلابة في الدفاع عن فلسطين. الملك عبد الله الثاني، بخبرته الدبلوماسية وحكمته السياسية، لم يترك منبرا عالميا إلا وأعاد فيه القضية الفلسطينية إلى الواجهة؛ من الأمم المتحدة إلى البيت الأبيض مرورا بالعواصم الأوروبية، ظل يؤكد أن فلسطين ليست قضية من الماضي بل قضية حق وعدالة وحرية، وأن القدس هي قلب هذه القضية وجوهرها الثابت. وبرغم كل الضغوط، لم يبدل ولم يساوم، وبقي الأردن رأس حربة في مواجهة مشاريع التصفية والتهويد والتهميش.
إذن لماذا هذا البلد مستهدف؟ لأنه لم يساوم على القدس، لأنه لم يتنازل عن الوصاية الهاشمية، لأنه لم يقبل أن تطوى صفحة فلسطين، لأنه الصوت الذي لا يشترى ولا يباع، العائق الحقيقي أمام كل مشروع مشبوه يريد أن ينهي قضية العرب الأولى. من يهاجم هذا البلد إنما يهاجم فكرة التوازن في المنطقة، ويحاول إسكات آخر صوت عربي مخلص ما زال يقول "لا" بصوت واضح، في زمن امتلأ بالصفقات والتنازلات.
عظيم برسالته رغم صغر حجمه
هذا أردننا وبلدنا، مستهدف لأنه ثابت على الحق، مرهق اقتصاديا لأنه حمل هم الأمة قبل أن يحمل هم نفسه، قوي بمواقفه رغم قلة موارده، عظيم برسالته رغم صغر حجمه. هذا الأردن سيبقى صامدا، شامخا، وفيا لعروبته ولقضيته المركزية، ولن تنال منه العواصف ولا حملات التشويه ولا الضغوط مهما تعاظمت.
إنني أكتب هذه الكلمات باسمي، أنا النائب فراس القبلان، لأقول بوضوح: الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات، وليس جدارا قصيرا يتكئ عليه الضعفاء، بل هو صوت فلسطين، ودرع العروبة، وحصن العدالة الأخير، والدفاع عنه اليوم هو دفاع عن فلسطين ذاتها، وعن العروبة، وعن الحق الذي سيبقى ما بقي هذا الوطن ثابتا وشامخا.