من الهلال الخصيب إلى حلوى مكشوفة

الصورة
خريطة الهلال الخصيب
خريطة الهلال الخصيب
آخر تحديث

الأردن والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان، بلاد الهلال الخصيب والتاريخ والحضارات العظمى والدول التي تجاور فلسطين ويخشاها العدو. هذه الدول (الحلوة) التي لطالما تميزت بعاداتها وتقاليدها وترابطها المجتمعي القوي؛ الفزعة والحمية، الأخلاق والتربية المحافظة، القيم العليا من صدق وأمانة وكرم وشهامة، الشعور بالأخ والوقوف بجانبه. 

هذه المنطقة (الحلوة) كانت تسمى الهلال الخصيب لخصوبة أراضيها وتنوع إنتاجها الزراعي وجودته وغزارته: غور الأردن، مرج ابن عامر، سهول حوران، دجلة والفرات...

كان يأتي إلى هذه البلاد كل من يبحث عن العلم أو الرزق أو الحضارة والتطور فقد كان لدينا ميناء، ومطار، ومدارس، وأسواق، وأمم عديدة من كل ملة ودين تمنح الموجودين في أراضينا تبادلا للثقافات والعلوم ومعرفة للحضارات المختلفة.

أين هو الهلال الخصيب اليوم؟ 

لم يعد هلالنا خصيبا لا بزراعته ولا بأخلاقه ولا بقيمه، بل أصبح (حلوى مكشوفة) وبيئة خصبة للذباب. تلك الأوطان (الحلوة) التي لطالما حافظنا عليها وغطيناها من كل الذباب بالمحبة والشهامة والوحدة والعقلانية، بالأخوة والترابط والعلم والفكر، قاموا بتكشيفها ليهاجمها الذباب من كل مكان، فزرعوا بيننا الفتنة:

  • سني - شيعي.

  • مسلم - مسيحي.

  • مدني - فلاح - بدوي.

  • أردني - فلسطيني.

  • لبناني - سوري.

  • شمالي - جنوبي 

وغيرها من أشكال الفتنة المقيتة التي مزقت عقولنا وقست قلوبنا. 

ذباب بشري كان سابقا.. واليوم ذباب إلكتروني أكثر انتشارا وتأثيرا وتمزيقا

والحلوى أصبحت مكشوفة والذباب يتلذذ؛ فتن وعنصريات جعلتنا لا نهتم لذبح الأخ ولا احتلال الأرض ولا لسرقة الخيرات وتدمير الأجيال، وإفقار جعلنا لا نرى سوى لقمة العيش وجعلها هدفا للحياة يسعى له الناس بشقاء، بل إن بعضهم لا يهتم إذا وصل الهدف بالحلال أم بالحرام، بالحق أم بالظلم، بجدارة أم على حساب جوع الآخرين!

ولكن السؤال الأهم: هل وصلنا إلى منطقة اللاعودة؟ 

الأمر صعب … ولكن ليس مستحيلا.. بداية (الوعي أولا) نحتاج إلى إدراك كامل لحجم الوحل الذي غصنا فيه والانحدار الذي وصلنا إليه، نحتاج إلى إرادة حقيقية للتغيير وصدق في المسعى بلا مصالح شخصية، نحتاج إلى العودة إلى موروثنا الديني والاجتماعي وعادتنا الأصيلة وتقاليد أجدادنا التي حملت الفضيلة ونعود للغتنا العربية الأم نفتخر بها ونتقنها، نحتاج إلى أن نعرف كم نحن أمة تستطيع أن تعود عظيمة.. ونزيل من قلوبنا كل البغضاء التي زرعوها بيننا والتي أصبحت كالران على قلوبنا. 

نحتاج إلى أنفسنا العزيزة الكريمة الأبية التي تأبى الذل والمهانة ولو كان الثمن روحا رخيصة تصبح أمام الكرامة، نحتاج الكثير وأعلم أن المسافة بعيدة؛ لأن الانحدار شديد والتحدي عظيم، والعدو سلمنا لمن يخافه ولا يرحمنا.

لكن الكأس امتلأت، ولا نستطيع أن نكمل حياتنا عبيدا بعد أن كنا للأرض أسيادها!

أيها الجيل المحروم والمقهور بلا سبب، ما زال الباب مفتوحا بل مشرعا للعودة إلى رأس الهرم، نحن جيل ثائر مجنون بطبعه لا نعرف الخوف ولا نهاب أحدا، قد جربنا أن نكون في القاع ولم يناسبنا القاع فقوموا لنجرب العودة للقمة فلم يعد لدينا ما نخسره. 

اقرأ المزيد.. الأردن وطن صامد لا تهزه الأوهام

دلالات
00:00:00