الأرض في أزمة احترار عالمي وتغير في المناخ

الصورة
Image by Parabol Studio via Shutterstock.com, with elements furnished by NASA
Image by Parabol Studio via Shutterstock.com, with elements furnished by NASA
المصدر

تعتبر قضية تغير المناخ في وقتنا الراهن قضية حاسمة ومثيرة للقلق، والعالم اليوم أمام لحظة حاسمة، حيث باتت آثار التغير المناخي واسعة وملموسة بشكل واسع النطاق ولم يسبق لها مثيل بحيث تغيرت أنماط الطقس بشكل يهدد إنتاج الغذاء، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب مياه البحار ما يجعلنا في مواجهة خطر الفيضانات الكارثية, العالم أجمع اليوم أمام تحد صعب ومكلف على الصعيد المستقبلي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وحلول جذرية وبشكل عاجل وجاد.

عشرات الوفيات وموجة حر تاريخية في كندا وغرب الولايات المتحدة

مؤخرا أعلنت السلطات في فانكوفر الكندية تعاملها مع أكثر من 130 حالة وفاة مفاجئة أغلبها لكبار السن وأشخاص يعانون من أمراض بالفعل، وقال السلطات الكندية إن موجة الحر التي تضرب المنطقة كانت عاملاً مساهماً في وفاتهم، حيث وصلت درجة الحرارة في كندا إلى أعلى مستوياتها وبلغت 49.5 درجة مئوية في بعض المناطق.

وأفادت دائرة البيئة الكندية، أن "درجات الحرارة في مناطق من غربي كندا سجلت أعلى مما هي عليه في دبي".

موجة حر وصفت بالتاريخية شهدتها مناطق شمال غرب الولايات المتحدة على المحيط الهادي وتحديدا في أجزاء من ولايتي واشنطن وأوريغون.

ووصفت مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية موجة الحر الراهنة بأنها تاريخية، ويتوقع خبراء أن يعمل التغير المناخي على زيادة تكرار حدوث ظروف طقس غير مسبوقة كموجات الحر.

الاحتباس الحراري

رسم بياني يظهر التغير في درجة حرارة سطح الأرض بالنسبة لمتوسط ​​درجات الحرارة 1951-1980، مع ربط عام 2020 بـ 2016 لأعلى درجات الحرارة المسجلة (معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا) 

وتعتبر الأنشطة البشرية منذ الخمسينات السبب الرئيس وراء التغيرات التي تطرأ على مناخ الأرض الذي لوحظ منذ فترة ما قبل الصناعة (بين 1850 و 1900)، وفي المقام الأول حرق الوقود الأحفوري، الذي يؤدي إلى زيادة غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي للأرض ما أدى إلى زيادة متوسط ​​درجة حرارة الأرض بنحو 1 درجة مئوية، وهو رقم يتزايد حاليًا بمقدار 0.2 درجة مئوية لكل 10 سنوات، ويتزايد بمعدل غير مسبوق مع تقدم الزمن.

توفر سجلات بيانات المناخ التي يقدمها العلماء أدلة على المؤشرات الرئيسية لتغير المناخ، كارتفاع درجة حرارة الأرض والمحيطات؛ وارتفاع منسوب مياه البحر فقدان الجليد في أقطاب الأرض والأنهار الجليدية الجبلية؛ إضافة لحالات تطرف الطقس المتكررة مثل موجات الحر وحرائق الغابات وارتفاع معدلات هطول الأمطار والجفاف والفيضانات ، كلها أمثلة على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر.

الاحتباس الحراري

 

الأدلة العلمية على تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري

ارتفاع درجة الحرارة العالمية

حيث ارتفع متوسط ​​درجة حرارة سطح الأرض بنحو 1.18 درجة مئوية منذ أواخر القرن الــ19، وهو تغيير مرتبط إلى حد كبير بزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي المرتبط بشكل أساسي بالأنشطة البشرية الأخرى حيث كانت السنوات السبع الأخيرة هي الأكثر دفئًا. وتم ربط العامين 2016 و 2020 بأدفأ عامين مسجلين.

ارتفاع درجة حرارة المحيط

و بسبب تسارع وتيرة الاحتباس الحراريّ العالميّ أفاد العلماء أنّ تغيرات سريعة طرأت على ما يُسمى درجة حرارة الهواء السطحيّ العالميّة منذ خمسينيات القرن العشرين، وأنّ أعلى معدلات الحرارة سجلت في السنوات الــ5 الأخيرة، وتكشف الدراسات أن المحيطات شهدت في العام الماضي درجة الحرارة الأعلى المسجلة في التاريخ البشريّ، إذ ازدادت بمقدار 0.075 درجة مئويّة عن متوسط الفترة ما بين 1981 و2010.

تقلص الصفائح الجليدية 

وانخفضت كتل الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا، وذلك حسب البيانات المستمدة من تجربة استعادة الجاذبية وتجربة المناخ التابعة لوكالة ناسا حيث أظهرت أن جرينلاند فقدت في المتوسط ​​279 مليار طن من الجليد سنويًا بين عامي 1993 و 2019، بينما تفقد القارة القطبية الجنوبية حوالي 148 مليار طن من الجليد سنويًا. 

أنهار من المياه الذائبة في الغطاء الجليدي في غرينلاند - Marco Tedesco / Lamont Doherty Earth Observatory

ذوبان الأنهار الجليدية في كل مكان حول العالم تقريبا

رصدت البحوث العلمية تراجع الأنهار الجليدية في كل مكان تقريبًا حول العالم، بما في ذلك جبال الألب، وجبال الهيمالايا، والأنديز، وروكي، وألاسكا، وأفريقيا.

 الغطاء الجليدي المتلاشي لجبل كليمنجارو من الفضاء

انخفاض الغطاء الثلجي

تكشف صور الأقمار الصناعية أن كمية الغطاء الثلجي الربيعي في نصف الكرة الشمالي قد تناقصت على مدى العقود الخمسة الماضية وأن الثلج يذوب في وقت مبكر.

 

ارتفاع مستوى سطح البحر

ارتفع مستوى سطح البحر العالمي حوالي 8 بوصات (20 سم) في القرن الماضي، ومع ذلك، فإن المعدل في العقدين الماضيين يقارب ضعف معدل القرن الماضي ويتسارع بشكل طفيف كل عام.

وخلال العام 2019 حذر تقرير أممي من مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر بما يهدد بزوال مدن عدة بحلول عام 2100.

 

وأوضح تقرير هيئة الأمم لتقييم العلوم المتعلقة بتغير المناخ (IPCC) أن مستوى سطح البحر سيرتفع 30-60 سم ما يهدد مستقبل ملايين سكان المناطق الساحلية حول العالم إذا لم تجد دولهم حلولا عملية لإنقاذ مستقبلهم.

جزر المالديف من المناطق المهددة بالاختفاء جراء ارتفاع منسوب مياه المحيط الهندي

انحسار الجليد البحري في القطب الشمالي

انخفض كل من حجم وسُمك الجليد البحري في القطب الشمالي بسرعة خلال العقود العديدة الماضية.

فيديو يوضح انحسار جليد بحر القطب الشمالي الدائم 1984-2016

تُظهر عينات اللب الجليدية المأخوذة من غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية والأنهار الجليدية الجبلية الاستوائية أن مناخ الأرض يستجيب للتغيرات في مستويات غازات الاحتباس الحراري، ويمكن أيضًا العثور على أدلة في حلقات الأشجار و رواسب المحيطات والشعاب المرجانية وطبقات الصخور الرسوبية.

جميعها تكشف أن الاحترار الحالي يحدث بنحو عشر مرات أسرع من متوسط ​​معدل الاحترار الناتج عن العصر الجليدي، حيث يتزايد ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النشاط البشري بأكثر من 250 مرة مما كان عليه من المصادر الطبيعية بعد العصر الجليدي الأخير.

ومن المتوقع أن يصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليًا من الجليد بشكل أساسي في الصيف قبل منتصف القرن.

تطرّف الأحوال الجوية

حيث تطرأ تغيرات مفاجئة أو غير فصلية للجو. تشمل طقسا غير متوقع، غير عادي، غير مُتَنبأ بِه، قاسٍ وحاد أو غير موسمي مثل الأعاصير، و أرجعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية زيادة حالات الطقس المتطرف إلى الاحتباس الحراري، كما قالت المنظمة أن زيادة عدد أصناف الأعاصير المدمرة رقم 4 و5 راجع إلى زيادة درجة الحرارة.

فكلما ارتفعت درجة الحرارة، ازداد انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تنقص كثافته في الحالات العادية وهو السبب الرئيسي لحدوث الأعاصير المدمرة و الموجات شديدة الحرارة والموجات شديدة البرودة.

 إعصار كاترينا

وفي العام 2005 شهدت الولايات المتحدة في شهر آب/ أغسطس أكثر الأعاصير تطرفا وضررا من كل الأعاصير المدارية في المحيط الأطلسي خلال موسم الأعاصير في  في ذلك العام، و اعتبر كاترينا أحد أعنف خمسة أعاصير في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، و سابع أكبر أعاصير المحيط الأطلسي على الإطلاق حيث وصلت سرعة الرياح إلى 280 كم/ ساعة وقدرت الخسائر المادية نحو 109 مليار دولار أمريكي.

زيادة حموضة المحيطات

منذ بداية الثورة الصناعية، زادت حموضة مياه المحيط السطحية بنحو 30٪ هذه الزيادة ناتجة عن قيام البشر بإصدار المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وبالتالي يتم امتصاص المزيد في المحيط، امتص المحيط ما بين 20٪ و 30٪ من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ في العقود الأخيرة (7.2 إلى 10.8 مليار طن متري سنويًا) ما يعني أن الحياة البحرية مع استمرار النشاط الإنساني في توليد الطاقة من الفحم الحجري والوقود الثقيل ووسائل النقل.

 

أسباب تغير المناخ

يرجع العلماء  السبب الأكبر  للإحتباس الحراري والذي لوحظ منذ منتصف القرن العشرين إلى زيادة الأنشطة البشرية  التي ترفع من نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي ما يؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة وتشمل الغازات التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.

  • بخار الماء: أكثر الغازات الدفيئة وفرة، ولكن الأهم من ذلك، أنها تعمل كتغذية مرتدة للمناخ.
  • تزداد كمية بخار الماء مع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، وكذلك يزداد احتمال تشكل السحب وهطول الأمطار، مما يجعل هذه بعضًا من أهم آليات التغذية المرتدة لتأثير الاحتباس الحراري.
  • ثاني أكسيد الكربون (CO 2 ): يتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وهو عنصر ثانوي ولكنه مهم للغاية في الغلاف الجوي، من خلال العمليات الطبيعية مثل التنفس وثوران البراكين ومن خلال الأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات وتغييرات استخدام الأراضي وحرق الوقود الأحفوري. وزادت  أنشطة البشر من تركيز  CO 2 تركيز بنسبة 48٪  في الغلاف الجوي  وذلك منذ أن بدأت الثورة الصناعية و هو أهم تأثير طويل الأمد لتغير المناخ.
  • الميثان: غاز هيدروكربوني يتم إنتاجه من خلال المصادر الطبيعية والأنشطة البشرية ، بما في ذلك تحلل النفايات في مدافن القمامة والزراعة وخاصة زراعة الأرز، وكذلك هضم المجترات وإدارة السماد المرتبط بالماشية المنزلية، على أساس جزيء مقابل جزيء، الميثان هو غاز دفيئ أكثر نشاطًا من ثاني أكسيد الكربون، ولكنه أيضًا غاز أقل وفرة في الغلاف الجوي.
  • أكسيد النيتروز: ينتج عن ممارسات زراعة التربة، وخاصة استخدام الأسمدة التجارية والعضوية، واحتراق الوقود الأحفوري، وإنتاج حمض النيتريك.
  • مركبات الكربون الكلورو فلورية: مركبات اصطناعية بالكامل ولكنها الآن منظمة إلى حد كبير في الإنتاج والإطلاق في الغلاف الجوي بموجب اتفاق دولي لقدرتها على المساهمة في تدمير طبقة الأوزون.

آثار التغير المناخي 

ستصبح الأرض أكثر دفئًا ما قد يؤدي إلى مزيد من التبخر وهطول الأمطار بشكل عام، ولكن تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث يصبح بعضها أكثر رطوبة والبعض الآخر أكثر جفافاً كما سيؤدي إلى تدفئة المحيط وذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية جزئيًا، مما سيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، ستتوسع مياه المحيط أيضًا إذا ارتفعت درجة حرارتها، مما سيساهم في زيادة مستوى سطح البحر.

يمكن أن تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات ودرجات الحرارة المرتفعة ، إلى خسائر في المحاصيل وتهدد سبل عيش المنتجين الزراعيين والأمن الغذائي للمجتمعات في جميع أنحاء العالم حيث أنه مع ارتفاع درجات الحرارة  تنمو الحشائش والعشاب الضارة التي من الممكن ان تتسبب بحدوث آفات زراعية وقد أظهرت الأبحاث أن زيادة ثاني أكسد الكربونيمكن أن يقلل من القيمة الغذائية لمعظم المحاصيل الغذائية عن طريق خفض تركيزات البروتين والمعادن الأساسية في معظم الأنواع النباتية ما يشكل مخاطر جديدة على الأمن الغذائي وسلامة الأغذية وصحة الإنسان.

ومؤخرا توصّل باحثون أميركيون إلى أن نوعا من كل ستة أنواع حيوانية قد يختفي، إذا ما استمرت انبعاثات الغازات الدفيئة  بالوتيرة الحالية كما سينعكس ذلك على الإنسان؛ على شكل نقص بالغذاء ومخاطر صحية إضافية وزيادة في عدد ضحايا التغيرات المناخية، و قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الوفيات بسبب التغيرات المناخية بأكثر من نصف مليار إنسان 2050. بينما سيكون 2 مليار  إنسان عرضة لحمى الضنك وسيعاني 600 مليون آخرون من سوء التغذية عام 2080.

و 280 مليون نازح متوقع مع منتصف القرن الجاري، حسب تقرير الأمم المتحدة للهجرة الصادر  عام 2019.

العالم العربي ليس بمنأى عن التهديد  

أفادت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 2017 إلى أن مدينة الإسكندرية المصرية من المدن المهددة، وأن المياه ستغمر شواطئها حتى مع ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.5 متر، وأن 8 ملايين شخص مهددون بالتهجير بسبب الفيضانات في الإسكندرية ودلتا النيل إذا لم تتخذ إجراءات وقائية.

كما أن عدن والحديدة في اليمن من المدن المهددة بغمر مياه المحيط الهندي لها بسبب ارتفاع منسوب المياه.

وخلال العام 2019 اتفقت كل من مصر وتونس والمغرب وموريتانيا على التعاون لمراقبة السواحل بتلك الدول، والعمل على إيجاد حلول لتلك المشكلة، بتمويل من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.

الغذاء مهدد أيضا بسبب التغير المناخي

حيث قال باحثون في جامعة كولومبيا الأمريكية أن أنواعا من الأغذية تأثّرت بالتغير المناخي، أبرزها:

المادة الغذائية

التأثيرات
القمح حيث أن مناطق زراعة القمح المتأثرة بالجفاف ستتضاعف خلال الــ20 إلى الــ50 سنة القادمة، كما أن ارتفاع درجات الحرارة بمعدل درجة واحدة يؤدي إلى إبطاء معدل نمو محاصيل الذرة بنسبة 7%.
القهوة
هي ضحية تغير المناخ فدرجات الحرارة المرتفعة والأمطار الغزيرة والمفاجئة، ونسب الرطوبة المرتفعة تتسبب بتشكل فطر يبطئ نمو ثمار البن، ويتوقع فقدان 50% من مساحة الأرض المزروعة بحلول العام 2050.
الأرز يعتبر عنصرا أساسيا في الأمن الغذائي العالمي فهو مهدد بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر  والفياضات الساحلية التي تؤدي إلى زيادة نسبة الملح في الأراضي، ما يجعل زراعة الأرز فيها غاية في الصعوبة، كما أن أسماك السردين مهددة بسبب ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات،
اللوز ويعتبر محصول اللوز من الأصناف الغذائية المهددة، فــ80% من اللوز في العالم مصدره من كاليفورنيا الأمريكية التي تعاني الجفاف والنقص في المياه
الحمص حبوب الحمص أيضا من النباتات المهددة بالتغير المناخي وهي حبوب يصعب عليها التكيف مع التغيرات التي تطرأ على المناخ.

 

 

 

الإنسان هو المتهم الرئيس، وعام 2019 كان ثاني الأكثر دفئا على الإطلاق

في تقرير التقييم الخامس، خلص الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، وهو مجموعة مؤلفة من 1300 خبير علمي مستقل من دول في جميع أنحاء العالم تحت رعاية الأمم المتحدة، إلى أن هناك احتمالًا يزيد عن 95% بأن الأنشطة البشرية على مدى السنوات الخمسين الماضية أدت إلى احترار كوكبنا.

أدت الأنشطة الصناعية التي تعتمد عليها حضارتنا الحديثة إلى رفع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من 280 جزءًا في المليون إلى 416 جزءًا في المليون في الـ 150 عامًا الماضية.

وخلصت اللجنة أيضًا إلى أن الغازات الدفيئة التي ينتجها الإنسان مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز قد تسببت في زيادة ملحوظة في درجات حرارة الأرض على مدار الخمسين عامًا الماضية.

سجلت السنوات من العام 2010 وحتى العام 2019 العقد الأكثر دفئا على الإطلاق و كان عام 2019 ثاني أكثر الأعوام دفئًا بسبب ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى في الغلاف الجوي خلال ذلك العام.  

وعلى الرغم من توقعات انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 6% خلال العام الماضي نتيجة حظر السفر والتباطؤ الاقتصادي الناتج عن جائحة كورونا كوفيد 19، فإن تغير المناخ لم يتوقف وكان التحسن مؤقتا وبمجرد أن يتعافى الاقتصاد العالمي من الوباء، فمن المتوقع أن تعود الانبعاثات إلى مستويات أعلى.

اتفاقية باريس

تهدف اتفاقية باريس عام 2015، إلى تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ من خلال الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية هذا القرن أقل من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، كما تهدف إلى تعزيز قدرة البلدان على التعامل مع آثار تغير المناخ من خلال التدفقات المالية المناسبة، وإطار التكنولوجيا الجديد وإطار بناء القدرات المعزز.

مع مساعي دول العالم لإعادة بناء اقتصاداتها بعد جائحة كورونا كوفيد يمكن لخطط التعافي تشكيل اقتصاد القرن الحادي والعشرين بطرق نظيفة وخضراء وصحية وآمنة وأكثر مرونة. تمثل الجائحة فرصة لتبني اقتصاد أكثر استدامة يعمل لصالح الناس وكوكب الأرض.

وفي هذا المضمار  "أنطونيو غوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة 6 خطوات إيجابية للمناخ على الحكومات أن تتخذها بمجرد أن تبدأ في إعادة بناء اقتصاداتها ومجتمعاتها: 

  • التحول الأخضر: يجب أن تسرع الاستثمارات في إزالة الكربون من جميع جوانب اقتصادنا.
  • الوظائف الخضراء والنمو المستدام والشامل
  • الاقتصاد الأخضر: تمكين المجتمعات والأفراد من الصمود خلال فترة انتقالية عادلة للجميع ولا تترك أحداً يتخلف عن الركب.
  • الاستثمار في الحلول المستدامة: يجب إنهاء دعم الوقود الأحفوري ويجب على الملوثين دفع ثمن تلويثهم.
  • مواجهة جميع مخاطر المناخ
  • التعاون - لا يمكن لأي بلد أن ينجح بمفرده.

قمة المناخ الكوكب في حالة طوارئ

"غوتيريش" في خطابه أمام قمة المناخ الافتراضية  التي عقدها رئيس الولايات المتحدة جو بايدن في نيسان الماضي، قال على زعماء العالم التحرك الآن لأننا "على حافة الهاوية".

 

أهمية التزام واشنطن بالعمل من أجل المناخ

أعلن الرئيس بايدن في قمة المناخ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده ستخفض من الانبعاثات  بنسبة 50% بحلول عام 2030. مضيفا أن الاستجابة المناخية ستخلق فرص عمل استثنائية وفرص اقتصادية، كما اقترح استثمارات في قطاعات مثل الطاقة والنقل والبناء والزراعة.

وشدد بايدن أنه لا توجد دول يمكنها حل حالة الطوارئ المناخية بمفردها، ودعا قادة أكبر الاقتصادات في العالم إلى مضاعفة الجهود في السباق نحو مستقبل مستدام.

وقال: "يخبرنا العلماء أن هذا هو العقد الحاسم. هذا هو العقد الذي يجب أن نتخذ فيه قرارات من شأنها تجنب أسوأ عواقب أزمة المناخ".

تحالف من أجل انبعاثات صفرية

 

شعوب شرق وجنوب أفريقيا يواجهون فيضانات وجفافا وغيرها من الأحداث المرتبطة بتغير المناخ

 ودعا "غوتيريش" خلال القمة إلى تحالف عالمي للوصول بصافي انبعاثات غازات الدفيئة إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، وإلى أن ترفع الدول من التزاماتها بموجب اتفاق باريس الذي يهدف إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة و تقديم مساهمات للتخفيف والتكيف والتمويل، ووضع الإجراءات والسياسات للسنوات العشر القادمة بما يتماشى مع مسار صفر انبعاثات لعام 2050" وترجمتها بشكل ملموس وفوري.

ولفت "غوتيريش" إلى أن أقل من ربع الإنفاق على التعافي من جائحة كورونا سيخصص للتخفيف من الانبعاثات أو الحد من تلوث الهواء أو تعزيز رأس المال الطبيعي.

أكثر الدول تلويثا للبيئة 

 تقول التقارير إن 170 دولة مسؤولة عن أكثر من 90 % من انبعاثات الغازات المسببة  للاحتباس الحراري وتغير المناخ.

و الجدول التالي يوضح ترتيب الدول الأكثر تلويثا للبيئة على النحو التالي:

الدولة إجراءاتها
1- الصين

هي تنتج نحو ربع الانبعاثات على مستوى العالم، وهي أكبر مستهلك للفحم الذي يعد أكثر مصادر الطاقة تلويثا للبيئة لكنها بالمقابل هي أكبر مستثمر في مصادر الطاقة البديلة تعهدت بتخفيض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 65% بحلول 2030 مقارنة مع 2005 بعدما ظلت تمانع تعهدا كهذا بداعي ضرورات التنمية فيها.

2- الولايات المتحدة الأمريكية ثاني مصدر للتلوث في العالم، تعتزم تخفيض انبعاثاتها ما يقرب من28% بحلول العام 2025 مقارنة مع 2005، وهو أدنى من الأهداف الأوروبية في هذا المجال.
3-  الاتحاد الأوروبي

مسؤولة عن 10% من الانبعاثات العالمية قدمت خطة لتقليص الانبعاثات بما لا يقل عن 40% بحلول العام 2030 مقارنة مع العام 1990 لكنها قادرة على زيادة مساهماتها في الخطة العالمية لمنع التغير المناخي.

4- الهند لم تحدد الهند أهدافها حول التقليص الإجمالي للانبعاثات، إلا أنها تعهدت بتقليص انبعاثات الكربون بنسبة 35% بحلول العام 2030 مقارنة مع 2005 وعلى الرغم م إقرارها على عدم قدرتها على التخلي عن الفحم إلا أنها تتطلع إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء بنسبة 40%، بحلول العام 2030.
5- روسيا

تنوي تقليص انبعاثاتها بنسبة تراوح بين 25 و30 % بحلول العام 2030، مقارنة مع 2005 خبراء قالو إن غابات روسيا تسهم فعليا في الحد من الانبعاثات، أما تقليص الانبعاثات الصناعية فلن يتعدى 6 إلى 11% فقط.

6- اليابان وتعتبر من كبار مستخدمي الفحم وتنوي تقليل الانبعاثات بنسبة 26% بين العامين 2013 و2030، معتمدة على استئناف العمل بالطاقة النووية.
7- البرازيل

وتعتزم تقليص انبعاثاتها بنسبة 43% بحلول العام 2030 مقارنة مع 2005، معتمدة على تنويع مصادر الطاقة المتجددة، ولاقت الخطة البرازيلية ترحيبا كبيرا.

8-إيران

التزمت إيران بتقليص انبعاثاتها بنسبة 4% بحلول 2030، وتقول طهران إن جهودا إضافية بهدف الوصول إلى عتبة 8% قد تبذل في حال رفعت عنها العقوبات.

9-إندونيسيا

تقول إنها ستقلص انبعاثاتها بنسبة 29% في العام 2030، وإن هذه النسبة قد ترتفع إلى 41% لكن الأمر مرتبط بالحصول على مساعدات مالية.

10- كندا

أعلنت تخفيض انبعاثاتها بنسبة 30% في 2030، وهي نسبة وصفها خبراء بأنها "غير كافية" نظرا لحجم إنتاج الطاقة من الصخر القاري.

هذا وقد قدمت كثير من الدول النامية خططا غالبا ما كانت مشروطة بالحصول على مساعدات، وكانت المكسيك أولى هذه الدول على مستوى العالم، والغابون الأولى في أفريقيا، ومن الدول القليلة التي اعتبرت مساهماتها "كافية" المغرب وإثيوبيا.

الصورة

 

الالتزام بالتعهدات ضرورة ملحة

وفي حال التزمت الدول بالتعهدات التي قدمتها، لن يكون بالإمكان الحد من الارتفاع في حرارة الأرض عند مستوى 2 درجة مئوية مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، بل عند 3 درجات، وذلك بحلول العام 2100، وإذا ما بقي الحال على ما هي عليه، فإن الارتفاع قد يصل إلى 4 أو 5 درجات.

ولأنه لا يقتصر التغير المناخي على دول دون أخرى فإنه لا أحد محصّن.

لذلك على الجميع اتخاذ قرارات شجاعة قد تكون صعبة لإبعاد العالم عن الكارثة وتوجيهه نحو النمو والازدهار والأمل للجميع. وإلا فإن الضريبة ستدفعها الأجيال القادمة.

شخصيات ذكرت في هذا المقال
الأكثر قراءة
00:00:00