نتنياهو ..محطات من التوتر مع الأردن وعلاقة لا تحترم المعاهدات
يعود بنيامين نتنياهو إلى الواجهة مرة أخرى بعد فوز تكتله بانتخابات الكنيست الإسرائيلي التي جرت الأسبوع الماضي ب 64 مقعدا مما يؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة، وهي نتائج تنطوي على مخاطر عديدة على مختلف الصعد، يمكن أن تؤثر على استقرار المنطقة، سيكون من الصعب على الدول الموقعة على اتفاقيات السلام التعامل معها وبالذات الأردن، الذي انعدمت الثقة بينه وبين نتنياهو في الكثير من المواقف خلال رئاسته لحكومة الاحتلال في الفترات الماضية.
تدهورت العلاقات بين الأردن والكيان المحتل بشكل كبير في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو ، ووصلت إلى أدنى مستوياتها منذ أن وقعت معاهدة السلام بينهما في26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 .
انعدام الثقة بين الأردن ونتنياهو
ورغم أن الحالة لا تختلف بين رؤساء حكومات الاحتلال وقادته في العداء للعرب وارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين والتوسع في الاستيطان، لكن جاءت حكومة بينت التي تشكلت في 13 حزيران/ يونيو لتنهي سيطرة بنيامين نتنياهو على السلطة التي استمرت 12 عاما، وتعيد الثقة ولو قليلا مع الأردن بعد أن انعدمت في ظل حكم نتنياهو الذي انتهك كل اتفاق وتفاهم تم التوصل إليه مع الأردن على مر السنين.
العلاقة مع نتنياهو أخذت أبعادا خطيرة، فكانت القدس في قلب الخلاف الدبلوماسي منذ أن أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 6 كانون الأول/ ديسمبر عام 2017 أن "القدس عاصمة موحدة لإسرائيل"، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتبعها أيضا بإعلان خطته للسلام في الشرق الأوسط في كانون الثاني من عام 2020 والمعروفة بصفقة القرن، والتي صاغها صهر كوشنير، ترامبت وكبير مستشاريه ، الذي عمل خلال تلك الفترة مع نتنياهو على إضعاف موقف الأردن وبالذات ما يتعلق بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس .
ورفض الملك عبد الله الثاني اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة للكيان المحتل وكذلك رفضه لتبني خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط ، وأعلن تمسكه بالموقف الأردني بأن الطريق الوحيد للسلام هو تنفيذ حل الدولتين.
عرقلة زيارة ولي العهد للمسجد الأقصى
وتوترت العلاقات بشكل أكبر بين عمان وتل أبيب، عندما أرادت سلطات الاحتلال أن تضع ترتيبات من شأنها عرقلة زيارة ولي العهد الأمير الحسين إلى المسجد الأقصى في 11 آذار 2021، ردا على منع طائرة نتنياهو من التحليق في الأجواء الأردنية خلال زيارة له إلى أبو ظبي، وقتها ألغى ولي العهد رحلته للصلاة في المسجد الأقصى احتفالاً بالإسراء والمعراج ، حفاظاعلى حق المقدسيين في إحياء هذه المناسبة دون تضييق من سلطات الاحتلال، وبحسب ما نشر فإن الخلاف كان يتمحور حول عدد حراس أمن القصر المسموح لهم بعبور الحدود، ولكن الكيان المحتل وضع قيودا على المصلين الفلسطينيين في الموقع في حال تمت الزيارة.
كان وزير أمن الاحتلال بيني غانتس قد صرح وقتها أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أضر كثيرا بالعلاقات مع الأردن، "ما أدّى إلى خسارة مكتسبات مهمة لإسرائيل، وأن العلاقات مع الأردن بمثابة رصيد هائل، ويمكن أن تكون أفضل ألف مرة".
وقال إن " نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها بالأردن ووجوده يتعارض مع تعزيز العلاقات بين البلدين" .
وعندما رفض الأردن تجديد عقد تأجير منطقتي الباقورة والغمر، للكيان المحتل في تشرين الثاني 2019، وأراد بسط سيادته عليهما مرة أخرى ورفع العلم الأردني عليهما، حينها وجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتقادات لمعاهدة السلام مع كل من مصر والأردن، وقال إنه لا توجد مصالحة حقيقية مع البلدين العربيين على الرغم من توقيع معاهدات السلام، ولم تنجح مفاوضات نتنياهو لضمان استمرار وصول المزارعين الإسرائيليين إلى المنطقتين.
نتنياهو لا يحترم الاتفاقيات
لم تتوقف العلاقات في ظل حكومة نتنياهو على هذه الأحداث أو المواقف، فنتياهو مصدر إزعاج في علاقاته مع الفلسطينيين ومع الأردن، فقد ظل التأزيم الاتجاه السائد في تفكير نتنياهو في تعامله مع مختلف المواقف التي لا تحترم أي اتفاقيات أو معاهدات مع الدول، والشواهد كثيرة ولا تحصى، فعندما أقدمت شرطة الاحتلال على قتل القاضي رائد زعيتر في 10 آذار عام 2014، كانت التحقيقات تمر ببطء ودون أي حساب للقاتل الذي أقدم على جريمته على معبر الجسر أمام المسافرين، وعندما قام حارس أمن من سفارة الاحتلال في عمان بقتل أردنيين اثنين عام 2017- أحدهما مالك عقار- شعر الأردن بالقلق من تعامل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع تداعيات الحادث، وبالذات تسريب مكالمة هاتفية مع الحارس إلى الترحيب به في منزل رئيس الوزراء كبطل، مما شكل انتهاكا كبيرا للبروتوكول الدبلوماسي.
الشارع الأردني رغم رفضه للتطبيع مع الكيان المحتل لكنه محبط في التعامل مع الحكومات الإسرائيلية وبالذات حكومة نتنياهو التي لم تتوقف في كل برامجها ومشاريعها من وضع العراقيل التي تضعف الأردن، منها بناء مطار رامون ويبعد أقل من ستة أميال عن مطار الملك حسين في العقبة، وكذلك مشروع قناة البحرين بين البحر الأحمر والبحر الميت الذي كان في حال تنفيذه سيوفر مياه الشرب المحلاة لكل من الضفة الغربية ومنطقة العقبة لكنه توقف كما كل المشاريع التي تريد "إسرائيل" أن تبقى تحت سيطرتها لتتفرد بالمنطقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت، وصف نتائج انتخابات الكنيست بأنها أفرزت "مجموعة من الفاشيين"، وسيكون لهذه المجموعة مخاطر جسيمة، وتأثير ضد كل من يختلف معهم سواء من العرب أو اليساريين أو غيرهم.