العمارة الإسلامية بين التشريع والتطبيق
مدخل إلى العمارة الإسلامية، حوار مع أيمن زعيتر
"أبدعت العمارة الإسلامية في إنتاج الفضاء والتعامل معه، فهي ليست مقتصرة على الزخارف والقباب والمقرنصات..".
يقدم لنا المعماري أيمن زعيتر في هذه الحلقة من بودكاست نحن والمدينة مدخلا للعمارة الإسلامية وتطبيقاتها في المدن التي عاش فيها المسلمون أو حكموها عبر التاريخ.
العمارة الإسلامية ترجمة للأخلاق في الإسلام
ساهم التشريع الإسلامي في تشكيل مدن المسلمين رغم أنه لم يأت بتصور خاص عن العمارة أو بتفصيلات هندسية تحكم شكل المدينة، لكن الناس استقروا من الشريعة الإسلامية ومقاصدها ما جعلهم يبنون منازلهم ومدنهم بشكل يترجم القيم والأخلاق التي أرستها الشريعة، كحرمة البيوت والوصية بالجار ونفي الضرر (لا ضرر ولا ضرار) واستقبال القبلة والإحسان وما إلى ذلك.
يذكر لنا زعيتر أن الناس كانوا يلجؤون إلى القاضي الشرعي أو الفقيه لحل خلافاتهم المتعلقة بالتجاور والبناء، فكان قبول الناس بما يقوله الشرع عند تقاضيهم لديه في مسائل خلافهم يحقق انسجاما اجتماعيا بينهم، ويصف زعيتر بذلك عمارة المسلمين بأنها محاولة اقتراب من عدالة الشريعة والتعاطي مع القيم العالية التي أقرها الإسلام.
أفنية المساجد واحات من السكينة
يحدثنا زعيتر عن التجربة الشعورية التي يعيشها الإنسان عند دخوله إلى المساجد القديمة ومكوثه فيها، فعندما ينتقل الإنسان من ضجيج المدينة إلى فناء سماوي فإنه بذلك يعيش تجربة انتقالية في الفراغ، فحسب زعيتر ، يكون الفراغ الانتقالي تدريجيا عبر مدخل طويل منكسر، مما يجعل من أفنية المساجد واحات سكون رغم ضجيج المدينة.
إشكالية الزهد والزخرف في العمارة الإسلامية
تبدو الزخارف والنقوش في المساجد و قصور الخلافة في غرناطة ودمشق والقاهرة وغيرها من المدن التي تنعم بالفن المعماري الإسلامي متناقضة أحيانا مع مفهوم الزهد الذي يدعو له الإسلام.
يقول زعيتر في هذا الصدد بأن تجارب البشر لا تعبر بالضرورة عن مقاصد الشرع، ويجلب لنا أمثلة من العمارة المملوكية في القاهرة، حيث كان الخلفاء المماليك يسعون لوضع لإنشاء سبل الماء والمدارس في المدينة كسعيهم لأن توضع بصمتهم في الزخرف والنقوش على جدران القصور والمساجد.
هل فتت العمارة الحديثة النسيج الاجتماعي؟
يبين لنا زعيتر أثر تنظيم الناس لأحيائهم في المدينة التراثية على ترابط النسيج الاجتماعي فيها، ويذكر لنا تجربة مدينة فاس المغربية التي تميزت بجمال أبواب منازل أهلها ودهاليز أحيائها التي كانت تربط البيوت فيما بينها.
اقرأ أيضا كيف حافظت العمارة التراثية على النسيج الاجتماعي للمدينة؟
يعتبر زعيتر أن العمارة الحديثة سمحت للناس بإظهار ثرائهم من خلال تفردهم في بناء المنازل وأسوارها، مرجعا ذلك إلى القوانين والتشريعات التي ألزمت الناس بارتدادات بين أبنيتهم، ففي المقابل كان الناس في المدن التي تشبه فاس أو دمشق يشتركون في أسوار المنازل ويظهرون الثراء داخل هذه الأسوار.
يضيف زعيتر أن حركة المواصلات الحديثة واحتياجنا للسيارات في التنقل غير من شكل الأحياء والشوارع في المدينة، مما خلق تباعدا بين الناس.
من هو المعماري أيمن زعيتر؟
معماري تخرج من كلية هندسة العمارة من الجامعة الأمريكية ببيروت سنة 1981، وهو محاضر زائر للعديد من الجامعات الأردنية حول العمارة والعمران.
تتركز اهتماماته البحثية في التراث المعماري والعمارة الإسلامية كما أنه صمم وأشرف على عدة مشاريع هندسية في الأردن والوطن العربي.
استمع للحلقة كاملة: