زراعة الكبد في الأردن: نجاحات طبية محلية وتحديات في التبرع

الصورة
أطباء خلال إجراء عملية جراحية | تعبيرية
أطباء خلال إجراء عملية جراحية | تعبيرية
المصدر
آخر تحديث

على مدى أكثر من عقدين، استطاع برنامج زراعة الكبد في الأردن، وتحديدا في مدينة الحسين الطبية، أن يحقق إنجازات ملموسة في إنقاذ حياة المرضى من مختلف الفئات العمرية، بفضل كفاءات طبية أردنية متخصصة. 

ورغم التقدم الطبي، لا تزال بعض التحديات قائمة، أبرزها ندرة التبرع بالأعضاء من المتوفين دماغيا، الأمر الذي يعرقل توسعة نطاق هذه العمليات الدقيقة والحساسة، ويطرح الأطباء المختصون حلولا عملية، تتضمن إنشاء مركز وطني لتنسيق التبرع بالأعضاء، واستثمار الخبرات الطبية الأردنية المقيمة في الخارج. 

وبينما تشير الجهات الرسمية إلى نجاحات لافتة في هذا المجال، فإن شهادات أطباء وخبراء تكشف عن ثغرات تحتاج إلى حلول مستدامة، في مقدمتها تفعيل التبرع بالأعضاء وتأسيس مركز وطني متخصص.

برنامج زراعة الكبد: إنجازات وطنية بكفاءات محلية

فمن جانبه أكد الدكتور سهم القسوس، رئيس قسم زراعة الكبد في الخدمات الطبية الملكية، لـ حسنى أن البرنامج انطلق في مدينة الحسين الطبية عام 2004، وأصبح يدار بالكامل بكفاءات أردنية منذ عام 2009 دون الحاجة إلى دعم خارجي، وأوضح أن العمليات تشمل الكبار والأطفال، حتى من تقل أوزانهم عن 5 كيلوغرامات، وأن عدد العمليات السنوي يتراوح بحسب توفر الحالات والمتبرعين، وقد يصل إلى عشر عمليات سنويا.

زراعة من متبرع حي أم متوفى دماغيا؟

بين القسوس أن الزراعة من الشخص المتوفى دماغيا تعد أفضل من الناحية الطبية، إذ تتيح زراعة الكبد كاملا، بخلاف التبرع من الأحياء الذي يقتصر على جزء من الكبد، ودعا إلى تعزيز ثقافة التبرع، مشيرا إلى وجود فتاوى شرعية تجيز التبرع من المتوفين دماغيا، ما من شأنه أن ينقذ حياة العديد من المرضى في حاجة إلى أعضاء متعددة.

الخدمات الطبية تحذر من اللجوء غير المبرر إلى الخارج

نفى الدكتور القسوس الاعتقاد السائد بأن زراعة الكبد في الخارج لا سيما في تركيا "أكثر أمانا" مؤكدا أن الكفاءات الأردنية تتمتع بخبرة كبيرة، وتتابع حالات أجرت عمليات زراعة في الخارج وعانت من مضاعفات لاحقة، كما شدد على أن الأردن أصبح يجري عمليات زراعة للأطفال دون الحاجة لفريق طبي أجنبي، بعد أن كانت تتم بالتعاون مع فريق مصري سابقا. 

وأوضح أن التعاون مع فرق أجنبية كان معمدا فقط في حالات خاصة مثل زراعة الكبد للأطفال، لكن العمليات تجرى الآن بكوادر أردنية كاملة.

الكوفحي: الحالات المعقدة تحتاج دعما خارجيا

من جانبه، أكد الدكتور محمد الكوفحي، مدير المركز الأردني لزراعة الأعضاء، أن عمليات زراعة الكبد تجرى حاليا في المدينة الطبية بفريق أردني كامل، وأضاف أن الأطفال دون العشرة كيلوغرامات غالبا ما تتطلب حالتهم استقدام خبراء من الخارج، خاصة من مصر، كما أوضح أن وزارة الصحة لا تجري هذه العمليات في مستشفياتها، ويتم تحويل المرضى إلى المدينة الطبية أو إلى الخارج إذا تعذر العلاج محليا.

أما في الحالات الدقيقة، مثل الأطفال الأقل وزنا، فيجري استقدام فرق أجنبية مؤقتا، خصوصا من مصر، وأكد أن الزراعة لا تعتمد على طبيب واحد، بل تتطلب فريقا طبيا متعدد التخصصات، ما يزيد من صعوبة تنفيذها خارج إطار المستشفيات المتخصصة.

أزمة مرضى الانتظار: مناشدة أب لزراعة عاجلة لابنته

تصريحات الكوفحي جاءت ردا على مناشدة وصلت إلى حسنى من والد طفلة تبلغ ست سنوات تعاني من فشل كبدي حاد نتيجة مرض وراثي، ويؤكد أنه ينتظر منذ ستة أشهر دون جدوى لإجراء العملية، هذه الحالة تبرز الحاجة الملحة لتسريع الإجراءات وتفعيل آليات التبرع بالأعضاء لتقليل عدد حالات الانتظار الخطرة.

رؤية من الخارج: بناء فريق وطني هو الحل المستدام

أوضح الدكتور عبد القادر حماد، استشاري زراعة الأعضاء المقيم في بريطانيا، أن الأردن يمتلك الإمكانيات الطبية، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود فريق محلي دائم لمتابعة الحالات بعد الزراعة، وشدد على أن زراعة الكبد من أكثر العمليات تعقيدا، وتتطلب متابعة طويلة الأمد، داعيا إلى تأسيس مركز وطني مشابه لمركز الحسين للسرطان يعنى بزراعة الأعضاء.

التبرع بالأعضاء: ضرورة وطنية وتنظيم تشريعي

أشار حماد إلى أهمية اعتماد نظام وطني منظم للتبرع من المتوفين دماغيا، أسوة بالدول المتقدمة، مؤكدا أن كثيرا من حالات الوفاة في الحوادث يمكن أن تسهم في إنقاذ مرضى بحاجة ماسة لأعضاء، كما دعا إلى تشريعات داعمة ورفع الوعي المجتمعي، إضافة إلى تنظيم زيارات دورية للكفاءات الأردنية في الخارج لتدريب الفرق المحلية. 

وأضاف أن تعزيز ثقافة التبرع يحتاج إلى تشريعات واضحة، وإدارة فعالة، وحملات توعوية، كما دعا إلى الاستفادة من الكفاءات الأردنية في الخارج عبر تنظيم زيارات تدريبية ومهام علاجية مؤقتة، إلى حين اكتمال المنظومة الوطنية لزراعة الأعضاء.

أول عملية زراعة كبد ناجحة في الأردن 

ونجح أطباء أردنيون في تحقيق إنجاز طبي نوعي عام 2004، بإجراء أول عملية زراعة كبد في مستشفى مدينة الحسين الطبية. وقد استغرقت العملية سبع ساعات متواصلة، جرى خلالها نقل جزء من كبد سيدة إلى زوجها البالغ من العمر 36 عاما، بإشراف فريق طبي أردني مكون من 14 طبيبا، بالتعاون مع خبراء من جامعة إيجه التركية. 

وأكد مدير الخدمات الطبية الملكية، اللواء الطبيب مناف حجازي، حينها، بأن العملية تمت بنجاح، مشيرا إلى أن إجراءها داخل الأردن وفر تكاليف باهظة كانت ستصل إلى نحو ربع مليون دينار لو نفذت في الخارج. وأضاف أن العملية خلت من أي عوائق طبية، وأن كلا من السيدة المتبرعة وزوجها المتلقي يتمتعان بصحة جيدة حاليا.

اقرأ المزيد..مرضى الكبد في الأردن.. معاناة بانتظار حلول منذ سنوات

00:00:00