تتجه الأنظار في لبنان اليوم إلى القاضي والدبلوماسي نواف سلام الذي يبدو أنه يتصدر مشهد السباق نحو رئاسة الحكومة الجديدة، وسط مشاورات نيابية ملزمة يقودها الرئيس اللبناني جوزيف عون لتسمية الرئيس المكلف. 

يطرح اسم سلام كمرشح توافقي قد يكسر حالة الجمود السياسي، خاصة مع إعلان النائب فؤاد مخزومي عبر منصة "إكس" سحب ترشيحه لصالح سلام؛ في محاولة لتوحيد صفوف المعارضة والمستقلين.

وتأتي هذه التطورات في ظل صراع محموم بين المعارضة من جهة، ومحور حزب الله وحلفائه من جهة أخرى. ورغم دعم بعض الكتل النيابية الكبرى ككتلة التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي لنجيب ميقاتي، فإن سلام يعد خيارا مدعوما من نواب مستقلين وتغييريين، مع احتمالية أن تحدث مفاجآت تقلب موازين القوى.

من هو نواف سلام

نواف سلام، القاضي والدبلوماسي اللبناني، يعد شخصية بارزة في الساحة السياسية اللبنانية. ولد في بيروت عام 1953 لعائلة سياسية عريقة؛ فوالده عبد الله سلام كان أحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط، وعمه صائب سلام كان أحد أعمدة السياسة اللبنانية قبل الحرب الأهلية 1975–1990. 

بدأ نواف سلام مسيرته المهنية كمحام وأستاذ جامعي، قبل أن يشغل منصب سفير وممثل دائم للبنان لدى الأمم المتحدة لعقد من الزمن. وقد مثل لبنان في مجلس الأمن (2010-2011)، وانتخب عام 2018 قاضيا في محكمة العدل الدولية، ليتوج مسيرته المهنية بانتخابه رئيسا للمحكمة في شباط 2024، ليصبح ثاني عربي يتبوأ هذا المنصب. 

كما يعرف نواف سلام بدعواته المتكررة للإصلاح في لبنان، وبدفاعه عن سيادة الدولة اللبنانية، مع تأكيده على حصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية والعسكرية. وتتمتع شخصيته بعلاقات دولية وعربية يعول عليها كثيرون لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية.

استشارات: إبراهيم منيمنة ونجيب ميقاتي ضمن القائمة

اتفقت المعارضة بمختلف أطيافها على دعمه، لا سيما مع موقف كتلة التغييريين والمستقلين الذين يلعبون دور "بيضة القبان" في هذه الاستشارات. وسبق أن حصل نواف سلام على دعم مماثل في استشارات 2022، إلا أن الأصوات لم تكن كافية لتكليفه آنذاك.

الجدير بالذكر أن المعارضة لوحت، خلال الساعات الماضية، بإمكانية إسقاط مرشح حزب الله إذا توافرت ظروف التوافق على اسم نواف سلام، ما يضع لبنان أمام مفترق طرق قد يحدد مسار المرحلة المقبلة.

إبراهيم منيمنة 

ولد عام 1976 في جدة، وتخرج في كلية الهندسة المعمارية من جامعة بيروت العربية عام 1999، وحصل على ماجستير في التخطيط المدني من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2010. عمل في شركات هندسية دولية وكان له دور بارز في مشاريع التخطيط المدني، إضافة إلى تدريسه في جامعات لبنانية. 

دخل العمل السياسي من خلال "بيروت مدينتي" عام 2015، التي حصدت 40% من الأصوات في الانتخابات البلدية. فشل في الانتخابات النيابية عام 2018، لكنه فاز بمقعد نيابي عام 2022 بفضل شعبيته المتزايدة بعد انتفاضة 17 تشرين. 

أعلن منيمنة ترشحه لرئاسة الحكومة مؤخرا، مما أثار جدلا بين القوى المعارضة، حيث وجهت له اتهامات بالسعي لكسب دعم محور حزب الله، وهو ما نفاه مكتبه الإعلامي، مشددا على التزامه بمبادئ الإصلاح وحصر السلاح بيد الدولة.

نجيب ميقاتي

ولد ميقاتي في طرابلس عام 1955، وهو من أبرز رجال الأعمال والسياسيين في لبنان. شغل رئاسة الحكومة 4 مرات، كان آخرها منذ 2021، حيث قاد حكومة تصريف الأعمال وسط أزمة سياسية واقتصادية خانقة. يتهمه خصومه بإدارة البلاد بطريقة تخدم مصالحه الاقتصادية، لا سيما بعد إقرار آلاف المراسيم خلال فترة الشغور الرئاسي. 

واجه ميقاتي انتقادات بسبب علاقته بفرنسا وسوريا، حيث يعد حليفا لنظام الأسد ومتهما باستثمارات لصالح النظام. كما ارتبط اسمه بقضايا فساد مثل الإثراء غير المشروع وملف القروض السكنية المدعومة. 

استفاد من نفوذه الاقتصادي لتوسيع مصالحه، ومن ضمنها شركات في لبنان وخارجه، ما جعله محط انتقاد في الشارع اللبناني، لا سيما خلال انتفاضة تشرين 2019.

كيف يتم اختيار رئيس الحكومة؟

يختار رئيس الحكومة في لبنان بطريقة تختلف عن انتخاب رئيس الجمهورية، إذ يعين الرئيس المكلف بناء على الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية مع أعضاء البرلمان. والمرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، دون الحاجة إلى نصاب معين.

وعادة ما يتسبب التباين السياسي العميق بين القوى الرئيسية، مثل حزب الله وحركة أمل وخصومهما، في تأخير التشكيل الحكومي لأشهر. ومع ذلك، تشير التوقعات الحالية إلى إمكانية تسريع العملية نظرا للتغيرات الإقليمية الأخيرة وتراجع نفوذ بعض الأطراف التقليدية.