محرر و مذيع أخبار
هل تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على أسعار الغذاء في الأردن؟
منذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية والشارع الأردني يتداول الأحاديث حول ارتفاع أسعار المواد العلفية الأساسية من شعير وذرة وفول صويا بما ينعكس على أسعار اللحوم ومنتجات الألبان والأجبان في الأسواق الأردنية، وتؤكد الحكومة بأن الأردن لا يعتمد على استيراد هذه المواد من روسيا أو أوكرانيا.
هل الأردن بعيد عن الأزمة الروسية الأوكرانية ؟
يستورد الأردن نحو 80% من غذائه رغم تنوع تربته وطبيعته الجغرافية، ما يعني أنه لم ينجح بتحقيق مبدأ الأمن الغذائي وتوفير الإمكانات المادية والاقتصادية والاجتماعيّة للحصول على الغذاء الكافي والصحي.
ويشعر المواطن الأردني بالقلق من ارتفاع أسعار الغذاء والمواد التموينية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وارتفاع معدلات البطالة إلى 20%، ويرى في أي ارتفاع تخاذلا من الحكومة عن أداء مهمتها، في حين يرى التاجر أنه مضطر لرفع الأسعار تدريجيا لمواكبة ارتفاعها عالميا في محاولة لكبح خسائره والإبقاء على حصته في السوق.
وتثور التساؤلات فيما إذا كان بعض التجار المحتكرين لهذه السلع يستغلون الأزمة الأوكرانية لرفع الأسعار، بينما تكتفي الحكومة بوضع سعرية على مخرجات الإنتاج كالألبان أو الدواجن ما يراه المنتجون ضربة قاسية لهم.
يقول مدير عام شركة تمام للدواجن رامي برهوش لـ حسنى إن فرض سقوف سعرية على مخرجات الإنتاج كالألبان أو الدواجن يدفع المزارع والصانع خارج السوق، وأن الأولى من وضع السقوف السعرية على مخرجات الإنتاج هو مراقبة أسعار المدخلات ما يعود بالنفع على الجميع.
ويقول برهوش إنه من المؤكد أن تتأثر الأسعار محليا بالحرب الروسية الأوكرانية خاصة وأن الأردن بلد مستهلك بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أن الحديث عن الرفع حاليا مبكر بعض الشيء.
ويوضح برهوش أن ارتفاع الأسعار لا ينشأ بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية فقط، بل إن جائحة كورونا أثرت بشكل مباشر على أسعار الشحن وكميات الحبوب المتوفرة بسبب الحظر الشامل الذي فرض حينها، بالإضافة إلى توقعات التجار العالمية والتي أشارت إلى ارتفاع أسعار الحبوب قبل نحو 3 أشهر.
وتؤثر هذه الحرب بشكل أساسي وفق برهوش على توريد والذرة والشعير وفول الصويا، لكون روسيا توفر نحو 20% من الاحتياجات العالمية لهذه المحاصيل، ما يعني زيادة الطلب على تلك المحاصيل من دول بديلة كالأرجنتين والبرازيل وأميركا -وهي الدول التي يستورد منها الأردن- وبالتالي انخفاض العرض وارتفاع الأسعار.
ويضيف برهوش أن ارتفاع أسعار الحبوب سيؤدي إلى ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن والأبقار التي تتكون بنسبة 90% من الذرة و35% من كسبة الصويا، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع سينعكس على أسعار المخرجات في المصانع الأردنية من الدواجن والحليب ومشتقاته.
وبحسب برهوش فإن التاجر الأردني يتحمل ضريبة ارتفاع الأسعار عالميا في سبيل الحفاظ على توازنها محليا خاصة عند توفر مخزون آمن من السلع لديه، إلا أنه يضطر لرفعها عند الشراء بالأسعار الجديدة منتصف العام الحالي.
ويرى برهوش عدم وجود أي توجه رسمي جدّي لتحقيق الأمن الغذائي محليا رغم الحديث المتكرر عنه مع جائحة كورونا، مضيفا "نحن كصناعيين لا نرى أي توجه لذلك حاليا".
"رفع الأسعار حاليا غير مبرر"
من جهته ، يرى رئيس جمعية ائتلاف مربي الأبقار التعاونية الزراعية ليث الحاج إن رفع الأسعار محليا خلال الفترة الحالية بحجة الحرب الروسية الأوكرانية غير مبرر، مبينا أن المواد الأساسية المتواجدة في السوق ليست بالجديدة وأن الأردن لا يستورد القمح أو الشعير من روسيا أو أوكرانيا.
ويشتكي الحاج من رفع تجار الحبوب أسعار الذرة وكسبة الصويا بنحو 20%، ما سيؤثر على أعلاف الدواجن والأبقار، ويصر على ضرورة تدخل الحكومة بوضع سقوف سعرية على بيع هذه الحبوب منعا للاحتكار أو رفع الأسعار.
من جانبه، لم ينكر طارق شناق أحد العاملين في كبرى شركات توزيع الحبوب في الأردن ارتفاع أسعار حبوب الذرة وفول الصويا عازيا الأسباب إلى ارتفاع الأسعار في البورصة العالمية بسبب انتهاء الموسم في دولتي الأرجنتين والبرازيل التي يستورد منهما الأردن بشكل رئيس مؤكدا أن الارتفاع غير مرتبط _حتى لحظة تصريحه لنا_ بالأزمة الروسية الأوكرانية .
ويشير شناق إلى أن هذا الارتفاع موسمي ولا ينعكس على الأسواق أو المواطن وإنما تتحمل خسائره الشركات نفسها.
"من المبكر الحديث عن رفع أسعار الألبان"
ولعل أبرز المواد التموينية التي تم تناقل الحديث حول رفع أسعارها خلال الفترة الماضية هي مادة الألبان التي تصنع محليا بنسبة تتجاوز 95%، حيث يقول زكريا الفقيه رئيس مجلس إدارة مصنع ألبان حارتنا لـ حسنى إنه من المبكر الآن الحديث عن ارتفاع أسعار الألبان، مؤكدا أن الوضع حاليا تحت السيطرة ولا نية لرفع الأسعار خلال الفترة الحالية.
ويتوقع الفقيه أن تؤثر الحرب الروسية الاوكرانية على أسعار حبوب الذرة وفول الصويا ما يعني ارتفاع أسعار الحليب وبالتالي الألبان والأجبان.
"علينا ألا نخلق أزمة بأيدينا"
خليل الحاج توفيق نقيب المواد التموينية يرى بإن علينا أن لا نختلق أزمة غير موجودة حاليا، مشيرا إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية لن تؤثر على الأردن خلال الفترة الحالية كونه لا يستورد من أطراف الأزمة أي مواد تموينية أو أساسية.
ويطمئن الحاج توفيق أن المخزون آمن والسلع متوفرة.
"الحكومة تراقب ملاحظات بارتفاع الأسعار محليا"
أما الحكومة فتؤكد من جهتها مراقبتها المستمرة للسوق المحلي للوقوف على أي متغيرات قد تطرأ على الأسعار لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
ويقول الناطق باسم وزارة الصناعة والتجارة ينال برماوي لـ حسنى إن ملاحظات عدة وصلت للوزارة حول ارتفاع أسعار السلع محليا، مؤكدا أن بعض السلع وتحديدا الزيوت النباتية شهدت ارتفاعا خلال العامين الماضيين بسبب قلة المحاصيل ورسوم التصدير خلال جائحة كورونا.
ويؤكد برماوي عقد لقاءات شبه يومية مع صناعيين وتجار لمناقشة الملاحظات الواردة حول ارتفاع أسعار الذرة والصويا حيث تواصلت الوزارة مع الشركات المستوردة لهذه السلع وأكدوا التزامهم بعدم رفع الأسعار نهائيا خلال هذه الفترة وفق برماوي.
ويطمئن برماوي المواطنين بوجود مخزون استراتيجي كافٍ من المواد التموينية وضمن الحدود الآمنة حيث يكفي مخزون القمح لـ 15 شهر.
ماذا بعد ؟
تتأرجح هذه القضية بين المواطن والتاجر والحكومة التي تتحمل مسؤولية طرح حلول تناسب الأطراف الثلاث، إلا أن السؤال الذي يبقى مطروحا "متى سيتوجه الأردن إلى الزراعة والصناعة لتحقيق كفايته الغذائية، لتقليل التأثر بالأزمات الخارجية؟".