بسم الله الرحمن الرحيم، "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم
خطاب أبو عبيدة في معركة طوفان الأقصى بتاريخ 12-10-2023
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، حمد الشاكرين الصابرين المرابطين، نحمدك يا ربنا أن نصرت جندنا وقهرت عدونا، والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد وعلى آله وصحبه ومن جاهد جهاده إلى يوم الدين.
أما بعد يا أبناء شعبنا الصامد المرابط، القابض على الجمر، المتصدي لغطرسة قوة غاشمة، وفئة ملعونة في كل كتاب. يا شعبنا العظيم المتمترس على أرضه، الرافض للظلم، المتمرد على الطغيان. يا قدر الله المرسل لعذاب الغاصبين المعتدين، يا أمتنا العربية والإسلامية يا أمة ثالث الحرمين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو عبيدة: أخذنا بالأسباب في معركة طوفان الأقصى ومن الله علينا بالتوفيق
لقد خرجنا إلى معركة طوفان الأقصى ونحن لا نشك ولو للحظة أن كل الأخذ بالأسباب لا يعني إغفال التوفيق الإلهي لنا في هذه المعركة التي ارتبطت بأقدس القضايا الدينية والوطنية ألا وهي قضيتا الأقصى والأسرى. ولذا فإننا نعترف بفضل الله علينا أن وفقنا وأبطالنا بأكثر مما كنا نعتقد أننا سنحققه بكثير، وكان فضل الله عليك عظيما. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.
فقد ابتدأت فكرة هذه المعركة المباركة من حيث انتهت معركة سيف القدس عام 2021، تلك المعركة التي وحدت الساحات وحشدت الأمة حول أهمية الدفاع عن مقدساتنا ومستقبل شعبنا في أرض فلسطين. فاتخذت قيادة القسام والحركة القرار بأن المعركة القادمة يجب أن تحدث الفارق الكبير في مستقبل الصراع مع الاحتلال. وتم التأكيد بأن المعركة يجب أن يكون عنوانها الأقصى والقدس. وكذلك تم إدخال ملف الأسرى الذي لم يعد هناك مجال للصبر على ما يعانيه أسرانا الميامين الذين قدموا زهرات شبابهم في سجون هذا المحتل البغيض.
ومن هنا كان القرار برصد وتوجيه أكبر قدر من الموازنات للإعداد لهذه المعركة، وكذلك تم ربط قرار التوجه لها بالدفاع عن القدس ونصرة الأقصى والأسرى. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن وتيرة التنسيق مع الإخوة في محور المقاومة قد ازدادت وتطورت لحشد الجهود فيما يتعلق بمستقبل الصراع مع الاحتلال الصهيوني. وإن من واجبنا على أمتنا اليوم التي رأت آيات الله في إساءة وجه الاحتلال وإذلاله وسحق صورته الزائفة أمام الأجيال الراهنة والقادمة، أن نضع كل من يرى ويسمع ويعيش هذه اللحظات المفصلية أمام الواقع العملياتي والعسكري لهذه المعركة العظيمة.
المقاومة عملت بلا كلل أو ملل لتصل إلى النجاح العسكري في طوفان الأقصى
ليعلم كل أبناء شعبنا وأمتنا أن قيادة المقاومة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام، كانت تعمل بلا كلل أو ملل وتواصل الليل بالنهار، بل وتحسب الساعات والأيام والشهور، وهي ترى أمامها هذا الهدف وتؤسس لهذا النجاح العسكري التاريخي الذي سيدرس على مدار عقود قادمة بلا ريب.
لقد بدأت معركة طوفان الأقصى انطلاقا من تحليل منطقة العمليات، دراسة الأرض والطقس وتأثيرهما على منطقة العمليات، وبالتوازي كان تقدير الموقف الاستخباري، من خلال دراسة نظام معركة العدو، من حيث التكوين والانتشار والتكتيك والمناورات والتدريب لدى العدو. وتأثير كل ذلك على منطقة العمليات ودراسة الأهداف. وعلى إثر ذلك تم تقدير الموقف العملياتي لتحديد أفضل الطرق لتنفيذ المهمة في ظل دراسة الإمكانيات لدى العدو والصديق وفي منطقة العمليات. وأعطت قيادة القسام الأمر لجهات الاختصاص بوضع الخطط العملياتية لتنفيذ عملية طوفان الأقصى، وقد اشتملت الخطط العملياتية التي وضعت حيز التنفيذ في السابع من أكتوبر على خطة الدعم الناري التي هدفت إلى تأمين عملية تقرب القوات بواسطة سلاح المدفعية؛ وذلك من خلال تثبيت المواقع العسكرية في فرقة غزة بـ3500 صاروخ وقذيفة، وتثبيت القواعد الجوية: حتسريم وحتسور ونيفاتيم وتلنوف وبلماخيم وقواعد الدعم اللوجستي بـ1000 صاروخ. وكذلك دعم حركة قوات المناورة خارج فرقة غزة بـ1000 صاروخ. كما تم تأمين الغطاء الجوي لحركة قوات المناورة عبر منظومات الدفاع الجوي المختلفة.
خطة الإعماء كانت من ضمن الخطط العملية للمقاومة
كما اشتملت الخطط العملياتية على خطة الإعماء والتي تمثلت في استهداف أبراج المراقبة والإرسال ومنظومات الاتصال والتشويش بواسطة الطيران المسير وسلاح القنص والرشاشات ومضادات الدروع والتشويش السيبراني؛ وذلك لإعماء العدو عن رصد تقرب القوات نحو الجدار الفاصل. وكذلك تم تطبيق خطة فتح الثغرات في منظومات الجدار الفاصل بواسطة قوات سلاح الهندسة لتأمين عبور القوات وخطط المناورة التي تضمنت تحديد الأهداف وأولوياتها والمقتربات المؤدية إليها، وخطط اقتحام المواقع وخطط الانسحاب بالأسرى، وذلك بواسطة قوات المشاة ومشاة البحرية وسرب صقر للطيران الشراعي، وكذلك خطة قطع النجدات على العدو التي تضمنت استهداف تعزيزات العدو بواسطة سلاح الطيران المسير وسلاح مضاد الدروع. كما تضمنت خطة العمليات خطة الاتصالات وخطة الدعم اللوجستي وخطة الإعلام ونقل الصورة وخطة القيادة والسيطرة العملياتية وخطة الخداع على المستويين الاستراتيجي والعملياتي، من خلال إخفاء النوايا وإخفاء الاستعدادات والتجهيزات وإخفاء استدعاء وحشد القوات.
وفي سبيل تنفيذ هذه الخطط العمليات الدقيقة والشاملة، كانت قيادة القسام قد عمدت إلى توفير العتاد والسلاح المناسب لتنفيذ المهمة عبر تنفيذ خطة كبيرة لتصنيع العتاد اللازم من صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي ولوازم هندسية وغير ذلك. وتم وضع خطط مكثفة لتدريب القوات لتكون قادرة على تنفيذ المهام بكفاءة، وتنفيذ سلسلة من المناورات الحية بما يحاكي الأهداف وفحص جهوزية القوات باستمرار. وقد تم بعون الله تعالى وضع خطة دقيقة لاستدعاء القوات حيث تم تنفيذ عملية الاستدعاء والحشد للقوات لـ3000 مجاهد لعملية المناورة، و1500 مجاهد لعمليات الدعم والإسناد، وذلك في الوقت المناسب وفي ظل أقصى درجات السرية وصولا إلى إصدار الأمر العملياتي من قائد هيئة للبدء في تنفيذ العملية عند ساعة الصفر.
بدأ الهجوم على جميع مواقع فرقة غزة الخمسة عشر
وفور تلقي القوات في مناطق التجمع للأمر العملياتي، تم البدء بتنفيذ العملية وفتح المعركة بشكل منسق ومتزامن لتدمير فرقة غزة في جيش العدو، وتطوير الهجوم داخل منطقة العدو الجنوبية، حيث تم الهجوم على جميع مواقع الفرقة، وعددها خمسة عشر موقعا عسكريا، حيث تمت مهاجمة موقع راعين وهو موقع قيادة الفرقة واللواءين الشمالي والجنوبي فيها. كما تم تنفيذ الهجوم على مواقع اللواء الشمالي المعروف بهاقيفن، وهي قاعدة يفتاح الكتائبية والمواقع السراياتي التابعة لها: موقع الساحل وموقع إيرز وموقع ستة عشر وقاعدة ناحل عوز الكتائبية، والمواقع السراياتية التابعة لها: فجة وعلوميم، ومواقع اللواء الجنوبي المعروف بلواء قطيف وهي قاعدة كيسوفيم الكتائبية، والمواقع السراياتية التابعة لها: مارس ومفتاحيم، وقاعدة إيميتاي الكتائبية والمواقع السراياتية التابعة لها: كرم أبو سالم وصوفا وبني نتسريم.
فضلا عن الهجوم على عشر نقاط تدخل عسكرية، وقوام كل منها فصيل دبابات وناقلة جند، والهجوم على فصيل الحماية المتواجد في كل من كيبوتسات النسق الأول في فرقة غزة وعددها 22 كيبوتسا، ثم تم تطوير الهجوم. نحو الأهداف خارج الفرقة في المنطقة الجنوبية وهي زكيم، ونقطة التدخل البحري كاتسا والتي تم مهاجمتهما بواسطة قوات مشاة البحرية القسامية، ومركز قيادة طوارئ الحرب في مغتصبتي سديروت واوفكيم، وقاعدة ياد مردخاي التابعة لحرس الحدود، وقاعدة أوريم وهي قاعدة التنصت 8200، وقاعدة التسيليم وهي مقر فرقة الاحتياط سينا. وقاعدة مشمار هنيجف للدعم اللوجستي.
وقد أدت ولا تزال كافة قوات المناورة والدعم الناري مهامها في إطار العملية بكفاءة عالية بفضل الله، وحققت إنجازا عملياتيا وعسكريا غير مسبوق في تاريخ الصراع مع المحتل على أرض فلسطين، ستظل آثاره محفورة في ذاكرة جيش العدو ومغتصبيه وجمهوره، وسيكون لها أعظم الأثر في مسيرة شعبنا نحو التحرير والعودة بعون الله.
عدم قدرة العدو على قراءة نوايا المقاومة من أهم ملامح فشله
يا أبناء شعبنا وأمتنا، إن كتائب القسام وفي سبيل نجاح هذه العملية المباركة، مارست على العدو خداعا استراتيجيا بدأ منذ أوائل عام 2022 وقد كان من مظاهر هذا الخداع التي يمكن أن نفصح عنها اليوم أننا استوعبنا الكثير من الأحداث التكتيكية من قبيل تجاوزات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، وكنا نعض على ألمنا لما يحدث في بعض الأحداث ضد أهلنا في الضفة والقدس والأقصى من انتهاكات واستفزازات وعدوان. كما أننا آثرنا رغم التغول الصهيوني أن نمرر جزئيا العديد من المواجهات والمعارك المقدرة والمشروعة بين الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة وبين العدو الصهيوني، وألا نفعّل فيها قوة كبيرة من جانبنا في إطار الخداع الاستراتيجي للعدو.
وكنا في العديد من تلك المواجهات نتخذ موقفا يمكن أن يفسر بأنه حيادي، كل ذلك من أجل كسب الوقت في التجهيز لهذه المعركة، دون إحداث ضرر في خططها من قبل العدو، مع العلم بأن العدو في تلك المواجهات وعلى مدار نحو عامين، كان يحملنا المسؤولية ويقوم بمهاجمة مقدّراتنا الخاصة. وبالرغم من ذلك كنا نستوعب ذلك من خلال إجراءات مهمة كنا نقوم بها ولا نريد الإفصاح عنها الآن للحفاظ على البنية التحتية لتلك المقدّرات. كما أن هناك العديد من قضايا الخداع نتركها لقابل الأيام للكشف عنها بإذن الله.
إن هذا الخداع والتخطيط العسكري والتنفيذ المبهر صدم هذا العدو صدمة لا يزال لا يستطيع استيعابها أو التعامل معها، فهو يعلم أنه تعرض لفشل استراتيجي خطير. وكان من أهم ملامح هذا الفشل عدم مقدرته على قراءة نوايانا بالرغم من أن التجهيز للمعركة ارتبط به آلاف من المجاهدين. وكنا نعلم مدى خطورة أي تسريب للعدو ولو جزئيا حول نوايانا، وبعد هذا الفشل المدوّي وغير المسبوق في تاريخ الكيان. لهذه المؤسسة العسكرية والسياسية، يقومون الآن بارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين الأبرياء الآمنين، وإن الأولى أن تتم محاسبة هذه القيادة العسكرية والسياسية على هذا الفشل والغباء المركب بدلا من الاستعراض بالقتل والتدمير العشوائي والإجرامي. ونحن نعلم أنهم سيدفعون أثمانا باهظة تتعلق بمستقبلهم السياسي والعسكري بعد انتهاء هذه المعركة.
ما أكد عليه أبو عبيدة في هذا الخطاب
يا أبناء شعبنا وأمتنا، إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام، ومن قلب معركة طوفان الأقصى نؤكد على ما يلي:
-
أولا: إن المعركة مستمرة على الأرض في كافة محاور القتال، في منطقة العمليات، في جانب الجهد الهجومي بالمناورة على الأرض والهجمات المدفعية والصاروخية، ويتم التحكم والسيطرة في مجريات المعركة على الأرض رغم ما يقوم به الاحتلال من ردة فعل عشوائية باتخاذ تدابير تدل على تراكم فشله وتخبطه وعدم وجود أهداف عملياتية واستخبارية له سوى قتل الأبرياء وتدمير المباني والبنى التحتية المدنية.
-
ثانيا: نؤكد على جهوزيتنا بعون الله في جانب الجهد الدفاعي، وإن تلويح العدو بتوسيع العدوان برا سيدفعنا لتفعيل خيارات جديدة تكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والآليات والأسرى بإذن الله إن هو تجرأ على تنفيذ مناورة برية في غزة في أي نطاق. ونطمئن شعبنا بأن بنيتنا القتالية وتسليحنا يمكننا من الدفاع الفعال الذي لم يشهده العدو من قبل. ونسأل الله أن يجري قدره على أيدينا بتمام إساءة وجه هذا العدو وسحق جيشه الهمجي.
-
ثالثا: نقول لأهلنا المرابطين الصامدين في القدس والأقصى الذين مارس العدو بحقهم كل القهر والعدوان الآثم، ولأهلنا الصابرين الصامدين هنا في غزة، إن معركتنا التي أطلقناها لأجل المسرى المبارك ولأجل سحق عنجهية العدو وتدفيعه ثمن كل الجرائم التي ارتكبها ضد شعبنا ومقدساتنا، لهي معركة نخوضها على عين الله. فابشروا بنصر الله وتأييده، ونبشر أسرانا الميامين بالحرية والنصر والفرج، ونقول لهم بأن لدينا من أوراق ستكون بإذن الله ثمنا لحريتكم.
-
رابعا ندعو قوى المقاومة، وشباب شعبنا الثائرين، وعموم أبناء شعبنا في الضفة والقدس والأرض المحتلة عام 48 والمنافي والشتات. كما وندعو كل القوى الحية في أمتنا عامة للاستنفار في كل الجبهات والساحات، والدخول لمعركة طوفان الأقصى وإشعال الأرض لهيبا تحت أقدام العدو، وحيازة شرف المساهمة في معركة القدس والأقصى.
وختاما، التحية والرحمة لأرواح شهداء شعبنا ومجاهدينا الذين سطروا هذا الإنجاز العظيم ولا يزالون، وكل التحية لأسر الشهداء والجرحى والمصابين والمكلومين. والتحية لأسرانا الأبطال ولكل شعبنا الثائر في غزة وفي كل الساحات، ولكل أمتنا المتأهبة لنصرة الأقصى في كل الجبهات.
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاهد الخطاب المصور لأبو عبيدة بتاريخ 12-10-2023
اقرأ المزيد.. خطاب أبو عبيدة في ثاني أيام معركة طوفان الأقصى 8-10-2023