خطاب أبو عبيدة في 18 تموز 2025.. بعد 651 يوما من العدوان على غزة

الصورة
أبو عبيدة في كلمة مصورة بتاريخ 18/7/2025
أبو عبيدة في كلمة مصورة بتاريخ 18/7/2025
آخر تحديث

بسم الله الرحمن الرحيم، "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ(172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ(174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ(175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ(176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ(177)". 

الحمد لله رب العالمين، ليس بغافل سبحانه عما يعمل الظالمون، وكان حقا عليه نصر المؤمنين، والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد، وعلى آله وصحبه ومن جاهد جهاده إلى يوم الدين وبعد، يا أهلنا المرابطين الصابرين المؤمنين في غزة العظيمة، يا أبناء شعبنا في كل مكان، يا جماهير أمتنا الإسلامية والعربية ويا كل أحرار العالم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

21 شهرا على العدوان على غزة

أربعة أشهر مضت منذ أن استأنف العدو الصهيوني عدوانه الهمجي النازي ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة بعد أن غدر ونقض العهود وانقلب على الاتفاق المبرم مع المقاومة في يناير من هذا العام وبعد أن كذب على الوسطاء وعلى العالم وعاد ليبحث عن نصره المزعوم، وليكمل ساديته ضد المدنيين والأطفال، وليمارس هواية عصاباته في التدمير الممنهج للأحياء والمدن والتجمعات السكانية المدنية، ليمضي على هذه المعركة وهذه الحرب الغاشمة ضد شعبنا واحد وعشرون شهرا تلخصت في ثبات الجبال من مجاهدي ومقاومي شعبنا، وصبر الأنبياء من شعبنا العظيم الأبي المعطاء، وخزي وعار الظلمة الفجرة من المحتلين الغاصبين، وخذلان مخزن من أشقاء الدم والعروبة والإسلام إلا من رحم الله من الصادقين والمجاهدين والشعوب المقهورة المغلوب على أمرها ومن أحرار العالم المنسجمين مع إنسانيتهم.

أبو عبيدة: واجهنا عملية عربات جدعون بسلسلة عمليات حجارة داود 

وكان العدو قد أعلن في هذه الأشهر الأخيرة عن عملية سماها عربات جدعون، محاولا إسقاط خرافات توراتية يضفي بها قداسة مزيفة على معركته العنصرية النازية التي لا تشبه سوى أفعال الشياطين وممارسات العصابات القذرة الجبانة، فواجهنا هذه العملية -ولا نزال بقوة الله- بسلسلة عمليات حجارة داود استلهاما لنصر الله لعبده المؤمن داوود عليه السلام في مواجهة الظالم الباغي المتجبر جالوت، ففتح الله على مجاهدينا وسدد رميهم بإذنه، وكانت معية الله لجنوده إذ رددوا مع كل ضربة: "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى"، فيخوض مجاهدونا وجنبا إلى جنب مع المجاهدين والمقاومين من إخواننا في فصائل المقاومة في غزة وخاصة إخواننا في سرايا القدس، مواجهة غير متكافئة، بإيمان منقطع نظير وبأس شديد وعزيمة لا تلين بقوة الله ومنته وتوفيقه، فأوقعنا خلال هذه الأشهر المئات من جنود العدو بين قتيل وجريح والآلاف من المصابين بالأمراض النفسية والصدمات، وها هي أعداد جنود العدو المنتحرين تتزايد لهول ما يمارسون من أفعال قذرة دموية ولعظم ما يواجهون من مقاومة محفوفة بمعية الله وجنده.

ويفاجئ مجاهدونا العدو بتكتيكات وأساليب جديدة ومتنوعة بعد استخلاصهم للعبر من أطول حرب ومواجهة في تاريخ شعبنا، فنفذ مجاهدونا عمليات نوعية بطولية فريدة -ولا يزالون- باستهداف الآليات بالقذائف والعبوات والالتحام المباشر مع هذا العدو وقنص جنوده وضباطه وتفجير المباني وفتحات الأنفاق والكمائن المركبة والإغارات على قوات العدو. 

وشاهد العالم أبطالنا وهم يعتلون آليات العدو في خانيونس جنوب غزة ويصلون للجنود المحتلين من نقطة الصفر وهم يلاحقون الجندي المجرم الذي تفنن في هدم بيوت المدنيين ويجهزون عليه ويغتنمون سلاحه. 

وقد حاول مجاهدونا في الأسابيع الأخيرة تنفيذ عدة عمليات أسر للجنود الصهاينة كاد بعضها أن ينجح لولا إرادة الله أولا ثم بسبب استخدام العدو لأسلوب القتل الجماعي لجنوده المشكوك في تعرضهم لمحاولات أسر. وقد انتشرت عمليات مجاهدينا من أقصى شمال وشرق بيت حانون وجباليا شمال غزة مرورا بحي التفاح والشجاعية والزيتون في غزة وصولا إلى خانيونس ورفح لتصبح مقاومة غزة أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر. 

أبرز ما جاء في خطاب أبو عبيدة في اليوم 651 من العدوان على غزة

يا شعبنا وأمتنا، إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وبعد مرور واحد وعشرين شهرا من معركة طوفان الأقصى والحرب الصهيونية النازية على شعبنا نؤكد على ما يلي:

  • أولا: إن مجاهدينا وإخوتنا في فصائل المقاومة على جهوزية تامة لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال مهما كان شكل عدوانه وخططه العدوانية، فقد تبايع مجاهدونا على الثبات والإثخان في العدو حتى دحر العدوان أو الشهادة، فقتالنا هو أمر مبدئي وحق لا جدال فيه وواجب ديني ووطني مقدس ولا خيار لنا سوى القتال بكل قوة وإصرار وبأس شديد بعون الله وتأييده.

    سنقاتل بحجارة الأرض وبما نمتلكه من إرادة ورجال مؤمنين يصنعون بالقليل من السلاح المعجزات الباهرة بفضل الله".

    وإن استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هي تأكيد إيقاع مقتلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة. وإذا اختارت حكومة العدو الإرهابية استمرار حرب الإبادة فإنها تقرر في ذات الوقت استمرار استقبال جنائز الجنود والضباط، فلن تمنعهم دباباتهم ولن تحميهم من حمم الموت التي صنعت بأيد مؤمنة ورميت بيد الله، "وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ".

قيامنا بواجبنا في مدافعة هذا العدو وقتاله لا يعفي أمة المليارين من واجبها الذي ضيعته

  • ثانيا: إننا إذ نفخر بثبات وبطولات مجاهدينا، فإننا ندرك حجم الألم والمعاناة التي يعيشها شعبنا المكلوم وأهلنا الصابرون في غزة الذين نعيش آلامهم يوما بيوم، وإن قيامنا بواجبنا الذي كلفنا به ربنا في مدافعة هذا العدو وقتاله لا يعفي أمة المليارين من واجبها الذي ضيعته للأسف؛ فإن عدونا تمده أقوى القوى الظالمة في العالم بقوافل لا تتوقف من السلاح والذخيرة، في حين تتفرج أنظمة وقوى أمتنا على أشقائهم في أرض الرباط وهم يقتلون بعشرات الآلاف ويجوعون ويمنعون الماء والدواء.

    "وإننا نقول للتاريخ وبكل مرارة وألم وأمام كل أبناء أمتنا: يا قادة هذه الأمة الإسلامية والعربية، ويا نخبها وأحزابها الكبيرة، ويا علماءها، أنتم خصومنا أمام الله عز وجل، أنتم خصوم كل طفل يتيم وكل ثكلى، وكل نازح ومشرد ومكلوم وجريح ومجوع".

    أبو عبيدة: لا نعفي أحدا من مسؤولية هذا الدم النازف

    إن رقابكم مثقلة بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء الذين خذلوا بصمتكم، وإن هذا العدو المجرم النازي لم يكن ليرتكب هذه الإبادة على مسمعكم ومرآكم إلا وقد أمن العقوبة وضمن الصمت واشترى الخذلان. 

    لا نعفي أحدا من مسؤولية هذا الدم النازف، ولا نستثني أحدا ممن يملك التحرك، كل بحسب قدرته وتأثيره، فوالله إنا لنرى الهوان واستحقار العدو لأمتنا واستباحتها وعربدته فيها، وتنزف قلوبنا ألما لأننا ندرك جبن وضعف وذل هذا العدو وحجمه الحقيقي، وندرك قبل ذلك الحقيقة الإلهية فيه: "لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ" لو أنه قوبل بعزة الإسلام من أهله ونخوة العروبة المضيعة، ولكنه الوهن، وحسبنا الله ونعم الوكيل. 

    أما تستطيع أمة كبيرة عظيمة مجيدة أن تدخل طعاما وماء ودواء للمجوعين والمحاصرين في شعب غزة، وأن توقف شلال دمائهم الذي يهدر إرهابا لأمتنا وطمعا في كسرها من أجل إقامة إمبراطورية صهيونية على أرض العروبة والإسلام عاصمتها قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم صلى الله عليه وسلم أو ربما أنقاضه، فلا نامت أعين الجبناء.

    تحية لليمن

    في المقابل، فإننا نتوجه بالتحية لشعبنا العزيز المبارك في يمن الحكمة والإيمان، ولقواته المسلحة، ولإخوان الصدق أنصار الله الذين أذهلوا العالم بثباتهم وصدق مواقفهم مع فلسطين وغزة وأهلها ومجاهديها، وفرضوا على العدو جبهة فاعلة أقامت الحجة الدامغة على القاعدين والخانعين من أنظمة وقوى وأحزاب عربية وإسلامية كبيرة بات بعضها للأسف، واجهات للظلم ومسكنات للشعوب وشبابها الحر، وباتت مصداقيتها وشعاراتها الكبيرة على المحك أمام خذلانها وعجزها في نصرة أطهر وأقدس قضية للعرب والمسلمين.

    والتحية لكل الأحرار في العالم الذين يحاولون التضامن وكسر الحصار ورفع الظلم عن شعبنا في غزة بكل السبل، متجاهلين المخاطر والخذلان ومحاولات التشويه من منافقي الأمة الذين يحسبون كل صيحة عليهم، وإن كل مبادرات وتضامن الأحرار في العالم سواء نجحت أو أجهضت بإملاءات من الصهاينة لهي محط فخر واعتزاز من شعبنا، وندعو إلى تصعيدها وتواصلها وفضح هذا العدو بكل السبل وفي كل الميادين والمجالات. 

    أبو عبيدة: ندعم موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية 

  • ثالثا: إننا ندعم بكل قوة موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة مع العدو، وإننا عرضنا مرارا خلال الأشهر الأخيرة عقد صفقة شاملة نسلم فيها كل أسر العدو دفعة واحدة، لكن مجرم الحرب نتنياهو ووزراءه من الحركة النازية رفضوا هذا العرض، وتبين لنا أنهم ليسوا معنيين بالأسرى كونهم من الجنود وأن ملفهم ليس أولوية، وأنهم هيئوا الجمهور في الكيان لتقبل فكرة مقتلهم جميعا، لكننا تمسكنا بالحفاظ عليهم بقدر مستطاع حتى الآن، ونحن نرقب عن كثب ما يجري من مفاوضات، ونأمل أن تسفر عن اتفاق وصفقة تضمن وقف الحرب على شعبنا وانسحاب قوات الاحتلال وإغاثة أهلنا، ولكن إذا تعنت العدو وتنصل من هذه الجولة كما فعل في كل مرة فإننا لن نضمن العودة مجددا لصيغة الصفقات الجزئية ولا لمقترح الأسرى العشرة.

جرائم الحرب والعقاب الجماعي وتوظيف المرتزقة والعملاء من معالم الفشل الصهيوني

  • رابعا: إن من معالم الفشل الصهيوني في مواجهة المقاومة وكسر شعبنا هو هروبه باتجاه الحلول القذرة التي تشكل جرائم حرب وعقابا جماعيا وإبادة وتطهيرا عرقيا، والمدعومة للأسف بكل وضوح من الإدارة الأمريكية، فهو يتفنن في تعذيب الأبرياء، ويصرح علنا بنيته تهجير الناس، ويتفاخر بالتدمير الممنهج على أنه إنجاز عسكري، ويقدم أمام العالم مخططات لإقامة معسكرات اعتقال نازية تحت مسميات إنسانية وهمية كاذبة، وكأن هذا العدو يريد أن يجتر تجارب وقعت قبل عقود طويلة، ويسقطها على أعدائه بسادية وإجرام تتصاغر أمامه النازية، والذي يستدعي رفض العالم كله لهذه المعسكرات، وإلا فإن أكذوبة معاداة السامية التي يقتات عليها أعداؤنا منذ عقود ستكون مهزلة وفضيحة. فليس ذنب شعبنا أن يدفع ثمن العقد النفسية للصهيونية المجرمة بل على الصهاينة أن يعلموا أن سبب عداوة الأمم وكرهها الفطري لهم هو أفعالهم وجرائمهم بحق الإنسانية.

  • خامسا: إن محاولات توظيف مرتزقة وعملاء للاحتلال بأسماء عربية هي دلالة على الفشل ووصفة مضمونة للهزيمة، ولن يكون هؤلاء العملاء سوى ورقة محروقة في مهب وعي شعبنا وكرامته ورفضه للخيانة، وسيكون ما ينفقه العدو عليهم حسرة ووبالا وخسرانا مبينا للاحتلال ولعملائه بإذن الله.

    فندعو هؤلاء العملاء إلى التوبة فورا والرجوع إلى أحضان شعبهم قبل فوات الأوان حين لا ينفع الندم، وإلا فإن نهايتهم ستكون مأساوية وعبرة لكل خائن وجبان.

    ولا ننسى أن نعبر عن عظيم الشكر والفخر بمواقف عائلات وعشائر شعبنا الكريمة التي تبرأت من هذه الشرذمة من العملاء المعزولين الذين لا يمثلون إلا أنفسهم.

وختاما يا أبناء شعبنا الصابر العظيم، يا نبع الثورة ويا مصنع الرجال، يا من تودعون في كل يوم قافلة نورانية من الشهداء، يا إخوة موسى كليم الله الذي آذاه ألد أعداء الله، فلم يبح إلا بـ: "كَلا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"، يا أحفاد يوسف الصديق إذ خذله إخوته وألقوه في غيابة الجب فجاءه النصر والتمكين.

يا أحباب محمد صلى الله عليه وسلم الذي حوصر في الشعب وطورد إلى الغار وألجئ إلى أحد، فجاءه الغوث من ربه "فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ". يا إخوة آل ياسر إذ عذبوا في الله فبشروا: صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة. 

إن ثباتكم رغم الخذلان وصبركم وعطاءكم وتحديكم للقهر والحرمان هو أشد ما يغيظ أعداءكم، وإن لهذا الليل آخر لا محالة، وإن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا. وإننا نقبل رأس كل أبناء شعبنا الكبار الصابرين المرابطين المنصورين بإذن الله، ونرفع لهم أعظم التحية ونبشرهم ببشرى ربنا سبحانه: "لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".

"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"

وإنه لجهاد نصر أو استشهاد 

والسلام عليكم ورحمة وبركاته 

اقرأ المزيد.. خطاب أبو عبيدة في 19 كانون الثاني 2025 

شاهد الكلمة المصورة لأبو عبيدة

00:00:00