بسم الله الرحمن الرحيم، "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم
خطاب أبو عبيدة في 19 كانون الثاني 2025 مع بدء وقف إطلاق النار على غزة
بسم الله الرحمن الرحيم، "وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ فِى ٱلْكِتَـٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّۭا كَبِيرًۭا، فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًۭا لَّنَآ أُو۟لِى بَأْسٍۢ شَدِيدٍۢ فَجَاسُوا۟ خِلَـٰلَ ٱلدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًۭا مَّفْعُولا، ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَـٰكُم بِأَمْوَٰلٍۢ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَـٰكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُـۥٓـُٔوا۟ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا۟ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍۢ وَلِيُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوْا۟ تَتْبِيرًا".
الحمد لله رب العالمين، معز المجاهدين وناصر المؤمنين ومذل المستكبرين، والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد وعلى آله وصحبه ومن جاهد جهاده إلى يوم الدين وبعد.
يا أبناء شعبنا العظيم المبارك في غزة درة تاج الأحرار، يا أهلنا في القدس المباركة وفي الضفة المحتلة الباسلة، يا أسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني، يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية، ويا كل أحرار العالم، السلام عليكم ورحمة وبركاته.
كلمة أبو عبيدة بعد تنفيذ وقف إطلاق النار على غزة بعد 471 يوما
471 يوما منذ بدء معركة طوفان الأقصى التاريخية، التي أشعلت شرارة تحرير فلسطين، ودقت المسمار الـخير في نعش الاحتلال الصهيوني، هذا الاحتلال الزائل لا محالة بقوة الله، وأقامت فيها مقاومتنا في غزة وشعبها الأبي العظيم الحجة على كل العالم وقدمت نموذجا فريدا مذهلا في قدرة أصحاب الأرض والحق على الفعل الكبير المؤثر والصمود العظيم وصناعة التاريخ وقهر المحتلين وإسقاط أوهامهم. فقدم شعبنا من أجل حريته ومقدساته وأرضه قافلة عظيمة من الشهداء في أعظم موكب بين الأرض والسماء على مدار أكثر من خمسة عشر شهرا، فربح البيع يا شهداءنا الأبرار، ويا شعبنا الصابر المرابط، وإن هذه التضحيات والدماء العظيمة لها ما بعدها ولن تذهب سدى ومحال أن تضيع هدرا.
وطاب سعيكم أيها المجاهدون والصابرون إذ بذلتم الغالي والنفيس من الأهل والأحباب والأموال والبيوت، ومن الجهد والتعب والعناء، في ظروف مستحيلة قاهرة. وكنتم بحق -ولا نزكي على الله أحدا- ممن قال فيهم سبحانه: "فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ". وتمثلتم سنة نبي الله موسى عليه السلام، إذ لما قال الناس: "إِنَّا لَمُدْرَكُونَ" قلتم: "كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ" واقتفيتم خطى نبيكم صلى الله عليه وسلم والصديق في الغار "إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا".
وجلّ الله سبحانه بكم للعالمين بشرى نبيه الكريم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء". فتحية لكم يا أهلنا يا أبناء شعبنا في غزة، يا تاج رؤوسنا ويا مفخرة الأمة وعنوان كرامتها.
أبو عبيدة لأهل غزة: أعدتم إلى البشرية سير الأنبياء والصحابة والصالحين
أيها الصابرون المحتسبون، يا من نهضتم نهضة المعتصم دفاعا عن مسرى نبيكم صلى الله عليه وسلم، وصنعتم ملحمة تاريخية لم يعهد لها مثيل في العالم، وستسجل كمحطة فارقة وعلامة مضيئة في تاريخ شعبنا وقضيتنا، وكنموذج ملهم لكل أحرار العالم. فقد أذهل صمودكم وثباتكم العالم بأصدقائه وأعدائه، وقد أعدتم إلى البشرية سير الأنبياء والصحابة والصالحين، وقد فتحتم في كل بيت لأمتنا وللعالم كتابا مشاهدا في العظمة والفداء، وفي البطولات الأسطورية، يغني عن ملايين الكتب وتصغر أمامه كل النياشين والمفاخر والأمجاد. فسلام عليكم يا أبناء شعبنا بما صبرتم، وسلام عليكم بما ضحيتم، وسلام عليكم بما قدمتم.
يا أهلنا الكرام، أبى الله إلا أن يتم نوره علينا، فشرف كل بيت من بيوتنا بالشهداء الأبرار الأطهار ليكونوا شفعاء لأهلهم ولَبنات مباركة لتحرير الأرض والمقدسات، وحق لكل حجر في المسجد الأقصى المبارك أن يحمل اسم شهيد أو شهيدة من غزة. وإن هذه الدماء وهذه التضحيات، يا أبناء شعبنا ومجاهدينا، هي أغلى وأقدس وأعظم عند الله تعالى مما يظنه ويتصوره العباد، و"إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ".
يا شعبنا يا أمتنا يا كل أحرار العالم، إن معركة طوفان الأقصى بدأت من تخوم غزة لكنها غيرت وجه المنطقة بل أبعد من ذلك، وأدخلت معادلات جديدة للصراع مع هذا الكيان المحتل. وإن الهزة التي تعرض لها الكيان الصهيوني في هذه المعركة بدءا بـ:
-
سقوط نظرية ردعه وقتل وإصابة الآلاف من جنوده.
-
تدمير وإخراج نحو ألفي آلية عسكرية من آلياته عن الخدمة.
-
إصابة أساسات ما يسمى بأمنه القومي.
-
توجيه ضربة كبيرة جدا لاقتصاده.
-
فرض التهجير والنزوح على مناطق واسعة من الأرض المحتلة.
-
فتح جبهات قتال متعددة عليه، وحصاره بحرا، واضطراره للتستر والاختباء والاستنجاد بقوى دولية للدفاع عنه
كل هذا مرورا بإظهاره ككيان وحشي مجرم، وإساءة وجهه، وفضح من يقف وراءه من طغاة العالم ومنظماته الشكلية، وصولا إلى نبذه وملاحقة قادته وجنوده كمجرمي حرب مطلوبين للعدالة. كل هذا وغيره الكثير أوصل السواد الأعظم من شعوب العالم إلى قناعة بأن هذا الاحتلال هو أكبر خطيئة في هذا الزمان، وأن استمرار احتلاله لأرضنا سيؤثر على كل المنطقة والعالم، وإن سكوت وتواطؤ قوى الظلم -فيما يسمى بالمجتمع الدولي- على جرائم العدو في غزة ستكون له آثار بعيدة كل البعد حتى عن غزة، وستكون وبالا على الاحتلال وعلى كل داعميه وعلى المتواطئين معه والمتخاذلين والطغاة، فضلا عن العدو الصهيوني نفسه.
ما الذي أكد عليه أبو عبيدة في خطابه بعد وقف إطلاق النار
يا شعبنا وأمتنا ويا كل أحرار العالم، إننا اليوم في كتائب الشهيد عز الدين القسام، ومع بدء تنفيذ اتفاق صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، نؤكد على ما يلي:
-
أولا: لقد قاتلنا مع إخواننا في كافة فصائل المقاومة، صفا واحدا بكل صلابة وإيمان بفضل الله تعالى منذ أكثر من خمسة عشر شهرا في كل مكان من قطاع غزة من شماله إلى جنوبه. واستمر مجاهدونا في توجيه الضربات القاتلة للعدو حتى آخر يوم من القتال في كل بقعة من غزة وقد شاهد العالم كله ما يشبه الأساطير في معارك شمال قطاع غزة؛ في بيت حانون، ومخيم جباليا وجباليا البلد، وبيت لاهيا. وفي رفح حيث قاتل مجاهدونا باستبسال عظيم وبأس شديد حتى آخر اللحظات، وكبدوا الاحتلال خسائر فادحة حتى آخر أيام وساعات المواجهة، غير آبهين بطول المعركة ولا الحصار ولا التدمير والعقاب الجماعي الإجرامي، وقدموا نماذج وبطولات فريدة.
وإننا نقاتل منذ بداية هذه المعركة في ظروف تبدو مستحيلة في الحسابات العسكرية، وفي ظل اختلال هائل في موازين القوى، وأمام جيش عصابات مجرمة قاتلة لا تعترف بأخلاقيات ولا قوانين للحرب ولا تأبه بحقوق إنسان ولا مبادئ وقوانين، فكنا أمام مواجهة غير متكافئة؛ لا من حيث القدرات العسكرية ولا من حيث أخلاقيات القتال.
فبينما واجهنا عدونا بالإيمان وبالحق الأصيل في أرضنا مع القليل من السلاح المبارك، استعان عدونا المجرم بأقوى قوى العالم المتجبرة الظالمة التي أمدته بجسور جوية من القنابل، وفتحت له مخازن الذخيرة. وبينما نوجه ضرباتنا منذ السابع من أكتوبر للجيش الصهيوني، إلا أن العدو واجهنا بقتل عوائلنا وأطفالنا وتدمير البيوت والأحياء والمرافق المدنية عشوائيا، وارتكب بكل قبح أساليب جديدة من الوحشية والتنكيل والانتقام من الأبرياء شاهدها كل العالم يوما بيوم وساعة بساعة.
وبينما ابتدعنا كل الوسائل والأساليب وبذلنا كل الجهود للحفاظ على أسرى العدو؛ عملا بأدبياتنا وحفاظا على أهدافنا النبيلة، استمات العدو في محاولة قتلهم على مدار الساعة، ونجح في قتل الكثير منهم كما بات معلوما.
وأمام هذه المعادلات المختلة، تتضح عظمة هذه المعركة، وكيف أنها ستصبح ملحمة تاريخية ملهمة للأجيال والأحرار، وستشكل مدرسة عسكرية جديدة، ونموذجا مبتدعا في فنون القتال البطولي والجهاد المقدس من أجل الحرية وطرد المحتلين.
أبو عبيدة: قصص البطولة لمجاهدينا لا زالت تتكشف كل يوم
-
وإن قصص البطولة والكرامات العظيمة لمجاهدينا لا زالت تتكشف كل يوم بفضل الله تعالى وعونه، مما لا يتسع المجال لذكره، كما أن مظاهر عظمة هذه المعركة تتجلى كذلك في تقدم قادة طوفان الأقصى لقوافل الشهداء، من رأس هرم القيادة السياسية القائد الشهيد إسماعيل هنية، والشهيد الشيخ صالح العاروري، وقائد الحركة في غزة الشهيد يحيى السنوار الذي باتت شهادته أيقونة عالمية ونموذجا فريدا في هذه المعركة. كما تقدمت قافلة الشهداء ثلة من قيادة حماس وقيادة كتائب القسام في كافة المستويات، وقادة من إخواننا في فصائل المقاومة الذين اختلطت دماؤهم مع دماء المجاهدين ودماء عموم أبناء شعبنا؛ لترسم صورة للبطولة والعطاء عظيمة لشعب يحتضن المقاومة ومقاومة تفديه بالدماء والأرواح.
أبو عبيدة: الاحتلال هو أس البلاء في هذه المنطقة
-
ثانيا: إن ما سبق طوفان الأقصى من مسببات ومفجرات؛ من عدوان خطير محدق بالمسجد الأقصى، واستباحة للضفة المحتلة، وتنكيل بالأسرى، وحصار لغزة، ومخططات للحرب على شعبنا وتهجيره من قبل الحكومة الصهيونية الفاشية، كل هذا وما يجري اليوم في الضفة من عدوان متواصل وما يهدد به الاحتلال من تصعيد أيضا لهذا العدوان، وما تتعرض له دول جوار فلسطين من عدوان على أراضيها وانتهاك لسيادتها، وما يصرح به العدو علنا وينشره من خرائط ومخططات لا ترى وجودا لشعوب وأمم ودول كبيرة وذات تاريخ متجذر في هذه الأرض. كل هذا يضع الحقيقة عيانا وأمام العالم بأن هذا العدو المجرم هو أس البلاء في هذه المنطقة، وأن كل الجهود والاستراتيجيات والخطط ينبغي أن تنصب على كيفية تحجيمه ومواجهة غطرسته وكف عدوانه، وإنهاء احتلاله لأرضنا.
وبالتالي فإن كل محاولات دمج هذا الكيان في المنطقة، خاصة بعد طوفان الأقصى، سيواجه ويفشل بطوفان الوعي وبالمقاومة المتجذرة والشعوب الحرة. فقد حكم العدو على نفسه بالفناء من عقول وقلوب مئات الملايين من أمتنا ومن أحرار العالم التي تتمنى وتعمل وستعمل لزواله لا لدمجه.
وأمام هذا الواقع تتعاظم اليوم المسؤولية على أهلنا ومقاومتنا في الضفة المحتلة التي نوجه لها كل التحية والإكبار. ونقدر وقوف أبطال الضفة وقفة عز وشرف رغم كل محاولات الاستهداف والتصفية. وتحية خاصة لجنين شقيقة الروح لغزة في البطولة والعنفوان، تحية لمقاوميها وأهلها الكرام الشجعان الصامدين المرابطين، والتحية لأهلنا ومقاومينا ومجاهدينا في كل مدن وقرى ومخيمات الضفة العزيزة، وندعوهم إلى الاستعداد للانخراط في مواجهة مخططات العدو الخطيرة القادمة، وتصعيد المواجهة مع المحتل المجرم والتوحد في سبيل ذلك، ونبذ كل محاولات الفتنة وتجميل التعاون مع الاحتلال. وهذا عهدنا بشباب الضفة ورجالها المقاومين الأبطال من كل الفصائل الفلسطينية.
أبو عبيدة: الاتفاق الذي توصلنا إليه كان ممكنا منذ أكثر من عام لو ناسب نتنياهو
-
ثالثا: إن التوصل لاتفاق لوقف العدوان الصهيوني وحرب الإبادة على شعبنا كان هدفا لنا منذ شهور طويلة بل منذ بدء هذا العدوان، وما تم التوصل إليه من اتفاق كان ممكنا منذ أكثر من عام لو ناسب ذلك طموحات نتنياهو وحكومته الفاشية التي أصرت على استمرار الإبادة وهدفت لتهجير شعبنا وتدمير أكبر قدر ممكن.
وإننا كنا على مدار هذه الحرب الأحرص على سرعة إيقافها لحقن دماء أبناء شعبنا وأهلنا ووقف هذه الإبادة الجماعية. وإننا ومع كل إخواننا في فصائل المقاومة الفلسطينية نعلن التزامنا باتفاق وقف إطلاق النار والجاهزية لتمثيل بنوده والالتزام بشروطه من حيث وقف القتال، والالتزام بالجدول الزمني للتبادل، وتأمين أسرى العدو وصولا إلى تسليمهم مقابل أسرى شعبنا الأبطال الأحرار، وذلك في كافة مراحل الصفقة المتفق عليها. مع تأكيدنا على أن كل ذلك مرهون بالالتزام من قبل العدو، وإننا نضع الجميع أمام مسؤولياته بشأن الانتهاكات من قبل الاحتلال للاتفاق، والتي يمكن أن تعرض العملية للمخاطر من حيث التزامنا وقدرتنا على تنفيذ التبادل، ومن حيث تأثيرها مباشرة على سلامة وحياة أسرى العدو في كافة مراحل الصفقة وتفاصيلها وتوقيتاتها. وإننا حريصون على إنجاح كافة بنود الاتفاق ومراحله؛ حقنا لدماء شعبنا، وتطلعا لتحقيق أهدافه وآماله، وندعو كافة الوسطاء إلى إلزام العدو بذلك.
أبو عبيدة يوجه تحية لمن شارك في التصدي للظلم والطغيان وانخرط في معركة طوفان الأقصى
-
رابعا: إن شعبنا الذي تعرض للظلم ويعرف مرارته، ومقاومتنا التي نشأت على الكرامة وتعرف ثمنها، لتتقدم بالتحية وعظيم الشكر لمن شاركها في التصدي للظلم والطغيان والانخراط في معركة طوفان الأقصى. وهنا نخص إخوان الصدق أنصار الله وشعبنا الشقيق المبارك في يمن الحكمة والإيمان، الذين شعرنا كم يشبهون غزة وتشبههم في العظمة والكبرياء، وفي التحدي والكرامة، وفي النخوة والعزة، ففاجأ عنفوانهم العالم وفرضوا معادلات من حيث لا يحتسب العدو ومن وراءه، وشكلوا نموذجا فريدا تاريخيا؛ كيف أنه متى توفرت الإرادة لمقاومة عدو الأمة فإن ذلك ممكن ولو من بعد مئات بل آلاف الأميال. فطوبى لليمن، توأم الشام في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما نحيي إخوة المعركة ورفاق السلاح في المقاومة الإسلامية في لبنان، ومن ورائهم شعب لبنان الحر الذي طالما كان سندا ورديفا للمقاومة والثورة الفلسطينية منذ عقود طويلة، وقدم في هذه المعركة أثمانا باهظة من قيادة المقاومة وجنودها وأبناء الشعب اللبناني الشقيق، وجسدوا وحدة الدم والمصير والهدف مع إخوانهم في غزة وفلسطين.
كما نحيي الإخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران على دعمهم الدائم المستمر وانخراطهم في هذه المعركة التاريخية؛ بالوعد الصادق، والإسناد المتواصل بكل السبل. وكذلك الإخوة الأحرار في المقاومة العراقية الباسلة، وأحرار الأردن المجاهدين الفدائيين الذين اخترقوا الحدود ووجهوا سلاحهم إلى بوصلته الحقيقية الصحيحة.
ونبعث بالتحية لكل شعوب أمتنا العربية والإسلامية التي تظاهرت وناصرت معركتنا وقضيتنا ولا تزال، وأرسلت لنا كل اشكال الدعم المادي والمعنوي، وتلقينا ولا زلنا نتلقى في كتائب القسام ملايين رسائل الدعم والإسناد والتأييد، بل والتحرق للقتال معنا، وطلبات الانخراط والتجنيد في أي جهد ممكن مضاد للعدو من كل شعوب أمتنا بلا استثناء؛ من شعوب الخليج شرقا وحتى شعوب المغرب العربي غربا، ومن كافة شعوب أمتنا الإسلامية من طنجة إلى جاكرتا.
كما نحيي كل أحرار العالم الذين تظاهروا بالملايين في آلاف الميادين حول العالم، ولا يزالون، لأكثر من خمسة عشر شهرا، معلنين عن التفافهم حول نموذج البطولة والمقاومة والصمود، ورفضهم لحرب الإبادة الصهيونية الغاشمة، ونصرتهم للقضية الفلسطينية العادلة.
ختاما يا شعبنا يا أهلنا، نحن منكم وأنتم منا، جرحكم جرحنا، وآلامكم آلامنا، وآمالكم هي آمالنا، وسنبني معا ما هدمه الاحتلال بعون الله تعالى، وسنقف في مواجهة آثار العدوان معا، كما وقفنا في مواجهة الإبادة معا.
وإن ما اقترفه المجرمون من ظلم وإبادة، ستفتح عليهم أبواب الجحيم من الله عز وجل ومن العباد، وستكون عاقبته وخيمة عليهم بلا شك. وفي المقابل فإن الثمن العظيم والآلام الكبيرة التي أصابتنا ونشعر بها ونتألم منها مع شعبنا. لهي ثمن لنصر عظيم وفتح مبارك واقع لا محالة، وحينه سنعلم وتعلمون أن كل قطرة دم سالت على هذه الأرض، هي أثمن من ملء الأرض ذهبا؛ إذ كانت ثمنا لتحرير الأرض والإنسان والمقدسات.
يا أهلنا في غزة هذا وقت التضامن والتكافل والتراحم، وكما قدمنا نموذج البطولة والعظمة في الميدان، سنقدم نموذج الصمود والبناء وانتزاع الحق وإفشال كل مخططات وأطماع الاحتلال وهزيمته بإرادتنا ووحدتنا بإذن الله تعالى.
"وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
والسلام عليكم ورحمة الله