استقالة حمدوك تدخل السودان في مصير غامض

الصورة
المصدر
آخر تحديث

غادر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك منصبه تاركا الساحة فارغة دون تحقيق أي سلام على الأرض مما يدخل البلاد بمنعطف خطير ومصير غامض لا تعرف نهايته.

لم يتحقق لحمدوك أن يفي بما كلف به منذ تسلم منصب رئيس الوزراء بتاريخ 21 آب/ أغسطس 2019 على أرضية وثيقة دستورية وتوافق سياسي،" فما وعدنا به المواطن من أمن وسلام وعدالة وحقن للدماء، لم يحدث"، كما جاء في استقالته.

تحديات عديدة واجهتها حكومة حمدوك الذي عرض في استقالته ما واجه من تحديات أهمها،" تشويه الاقتصاد الوطني، والعزلة الدولية الخانقة، والفساد، والديون المترتبة على السودان وتجاوزت الستين مليار دولار، وتردي الخدمة المدنية، والتعليم والصحة، وتهتك النسيج الاجتماعي".

ورغم الظروف الصعبة التي واجهتها حكومته، لكن حمدوك يعتبر أنه بذل جهودا كبيرة لإخراج السودان من عزلتها الدولية ورفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعادة دمجها في المجتمع الدولي، من خلال مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون؛ حيث كان من المأمول إعفاء 90% من ديون السودان التي تجاوزت 60 مليار دولار أمريكي عند الوصول إلى نقطة الإكمال، وهذا لم يتحقق.

في ظل هذه الأوضاع لم يكتب للديمقراطية التي وعد بها الشعب السوداني أن تنجح، ليصحو الشعب السوداني على انقلاب في الخامس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، عندما استولى الفريق أول عبد الفتاح البرهان على السلطة ويضرب الوثيقة الدستورية التي تم التوافق عليها، فزاد من حدة الأزمة السودانية ودفع الشعب السوداني مجددا إلى الشارع مطالبا بالتمسك ببرنامج التحول الديمقراطي، فقتل وأصيب العشرات من المحتجين عدا عن الاعتقالات التي لم تفرق بين مدنيين وعسكريين.

حمدوك رغم ما حصل من معيقات، يتمسك بنهج الحوار للتغلب على الإخفاقات، ومعولا على إرادة الشعب الذي خاطبه في كتاب الاستقالة قائلا : " لقد أبليتم حسناً وكان صمودكم ملهماً وشكلتم ملامح سودان جديد، سودان لا تمييز فيه على أساس قبيلة أو لون أو جهة، فقد نلتم احترام الجميع وملكتم الحاضر ولا شك أن لكم كل المستقبل إن توجتم هذا الحماس الثوري بالتوافق على برامج للبناء والمشاركة في وضع رؤية شاملة لما يجب أن تكون عليه الأمور فيما تبقي من عمر الانتقال. وأعلموا أن الحياة من أجل تحقيق الغايات الكبرى لا تقل شرفا عن الاستشهاد في سبيل هذه الغايات والثورة دعوة للحياة ما استطعتم إليها سبيلا".

رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، رد على استقالة حمدوك بدعوة القوى السياسية إلى الوقوف مع النفس ومراجعة مواقفها وهي فرصة للعبور بالسودان إلى بر الأمان.

المحلل السياسي مرتضى الغالي يرى أن استقالة حمدوك قرار شديد الخطورة على الوضع الحالي في السودان لأنه يجعل ظهر الثورة مكشوفاً ويجعل حياة الشباب الذي يتظاهر سلمياً لحماية الثورة مكشوفاً في وقت يواجهون فيه القتل الصريح برصاص الانقلاب الحي، كما أنه باستقالته يترك الميدانً للانقلابيين ليعيثوا فساداً في البلاد.

أما لجان المقاومة السودانية فدعت إلى التصعيد والخروج إلى الشارع يوم غد الثلاثاء باتجاه القصر الرئاسي، لأن معركتها مع الانقلاب العسكري مؤكدة أنها ستواصل طريقها نحو التصعيد لإسقاط قادة الانقلاب ومحاكمتهم.

والسؤال هل تعيد استقالة حمدوك الشعب السوداني إلى الشارع للمطالبة بحكومة مدنية بعيدة عن سلطة العسكر، أم تخرج البلاد من أزمتها في اتجاه التوافق بين مختلف الأحزاب والجلوس على طاولة الحوار وتحقيق الوفاق بين المدنيين والعسكريين أم تتجه إلى التأزيم؟

دلالات
00:00:00