يحيي السوريون الذكرى الأولى لـ"عيد التحرير" الذي شهد إسقاط نظام بشار الأسد بعد أكثر من نصف قرن من حكم سوريا من قبل عائلة الأسد، وذلك وسط
العالم العربي 2025: تحولات كبرى بين الاعترافات الدولية والحروب المفتوحة
شكل عام 2025 محطة مفصلية في تاريخ العالم العربي، اتسمت بتسارع التحولات السياسية، وتفاقم الصراعات العسكرية، وعودة القضايا المركزية إلى واجهة المشهد الدولي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
فقد تداخلت مشاهد الاعتراف الدولي بفلسطين مع حروب إبادة وصراعات داخلية وانقسامات إقليمية، بينما شهدت بعض الدول العربية محاولات انتقال سياسي هشة، واندلاع احتجاجات شعبية غير مسبوقة، وتحولات جيوسياسية عميقة أعادت رسم موازين القوى في المنطقة.
2025 عام الاعتراف الدولي بفلسطين
شهد عام 2025 تحولا لافتا في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، إذ أعلنت دول أوروبية وغربية وازنة، بينها فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو، الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، لتنضم إلى دول مثل المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال. وبذلك بات أكثر من ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعترف بفلسطين دولة ذات سيادة.
وتوج هذا المسار باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 12 أيلول، قرارا يؤكد إعلان نيويورك لتسوية القضية الفلسطينية سلميا وتنفيذ حل الدولتين، ورغم الطابع الرمزي لهذه الاعترافات، فإنها عكست عزلة متزايدة لدولة الاحتلال في ظل حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.
قطر: استهداف غير مسبوق وسيادة منتهكة
في أيلول 2025، نفذت دولة الاحتلال عدوانا على الأراضي القطرية، استهدفت عناصر من وفد حركة حماس في الدوحة. مثل الهجوم سابقة خطيرة في الخليج، وأعاد طرح أسئلة عميقة حول أمن دول المنطقة وحدود التحالفات الدولية.
وبرغم الاعتذار الإسرائيلي اللاحق بوساطة أمريكية، كشفت الحادثة هشاشة منظومة الردع، وأثارت قلقا خليجيا واسعا من قابلية تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلا.
اقرأ المزيد.. الأردن يدين العدوان الإسرائيلي على قطر ويؤكد التضامن الكامل معها
المغرب: احتجاجات "جيل زد" وصرخة الشباب
عرف المغرب في أواخر أيلول 2025 موجة احتجاجات قادها شبان أطلقوا على حراكهم اسم "جيل زد 212"، انطلقت من الفضاء الرقمي إلى الشارع، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية وتهميش القضايا الاجتماعية.
قوبلت الاحتجاجات بقمع أمني شديد، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى واعتقال الآلاف، مع صدور أحكام وصفت بالقاسية.
ورغم انحسار الحراك لاحقا، فقد شكل مؤشرا عميقا على تصدع العقد الاجتماعي، ورسالة تحذير من انفجارات مستقبلية محتملة.
سوريا: مرحلة انتقالية معقدة
دخلت سوريا عام 2025 مرحلة انتقال سياسي طويل برئاسة أحمد الشرع، وسط تحديات أمنية واقتصادية جسيمة. فعلى الصعيد الداخلي، واجهت البلاد توترات في الساحل والسويداء، وتباطؤا في ملف شمال شرق البلاد، إلى جانب عودة نشاط تنظيم "داعش".
في المقابل، شهد العام انفتاحا دوليا غير مسبوق، توّج بزيارة تاريخية لواشنطن، وإلغاء عقوبات دولية وأمريكية، أبرزها قانون قيصر. كما استعادت دمشق حضورها العربي، وسجلت عودة أكثر من مليون لاجئ. غير أن الانتقادات استمرت بشأن العدالة الانتقالية والانتهاكات الحقوقية، ما جعل مسار التعافي هشا وغير مكتمل.
اليمن: تعقيد الصراع وتفكك الجغرافيا
تفاقمت الأزمة اليمنية خلال 2025 مع تصاعد الصراع الداخلي والانخراط في التوترات الإقليمية المرتبطة بغزة، أعادت الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وتبع ذلك تصعيد عسكري واسع، قبل التوصل إلى وقف إطلاق نار هش.
وفي الجنوب، مثلت سيطرة المجلس الانتقالي على حضر موت والمهرة تحولا خطيرا هدد وحدة البلاد، وفاقم التوتر بين الرياض وأبو ظبي، ما أنذر بمرحلة جديدة من التشظي السياسي والعسكري.
وفي الـ29 من كانون أول الجاري نفذ التحالف الدولي بقيادة السعودية غارات على ميناء المكلا في اليمن استهدفت خلالها سفينتين إماراتيتين محملتين بالسلاح انطلقتا من ميناء الفجيرة الإماراتي بتجاه ميناء المكلا، وأفادت تقارير بأنها لتزويد المجلس الانفصالي الجنوبي بالسلاح، وبعد ساعات من تلك الضربة أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية -في بيان- انسحاب ما تبقى من قواتها من اليمن.
السودان: حرب الفظائع تتوسع
شهد السودان منعطفا دمويا مع سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في تشرين أول 2025، آخر معاقل الجيش في دارفور. رافقت السقوط مجازر وانتهاكات واسعة، أعادت إلى الأذهان فظائع دارفور مطلع القرن.
وأدى تمدد الصراع إلى كردفان إلى تعميق الانقسام الجغرافي، وسط تحذيرات أممية من تطهير عرقي، في نزاع بات يوصف دوليا بـ"حرب الفظائع".
لبنان: إنهاء الشغور السياسي
أنهى لبنان في كانون ثاني 2025 فراغا رئاسيا دام أكثر من عامين بانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية، تلاه تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام. ورغم الترحيب بهذه الخطوة، ظل البلد يرزح تحت أزمات اقتصادية ومالية خانقة، جعلت الاستقرار السياسي هشا ومشروطا.
طوى عام 2025 صفحته على عالم عربي مثقل بالجراح، تتجاور فيه الاعترافات الدولية مع المجازر، ومحاولات الانتقال السياسي مع التفكك الداخلي، والاحتجاجات الشعبية مع القمع. عام لم يكن عاديا، بل مفصلي، رسم ملامح مرحلة جديدة ستلقي بظلالها الثقيلة على السنوات القادمة، في إقليم ما زال يبحث عن الاستقرار والعدالة والكرامة.
اقرأ المزيد.. عام الإبادة المفتوحة وتمدد النكبة من الحصار إلى المجاعة