غزة 2025: عام الإبادة المفتوحة وتمدد النكبة من الحصار إلى المجاعة

الصورة
مجموعة صور تظهر أحداثًا من غزة خلال عام 2025
مجموعة صور تظهر أحداثًا من غزة خلال عام 2025
آخر تحديث

يسدل عام 2025 ستاره، وقطاع غزة لا يخرج من عام عادي في تاريخه المثقل بالجراح، بل من فصل غير مسبوق من فصول النكبة الفلسطينية، اتسعت فيه دوائر الإبادة والتدمير والتهجير، وتحول فيه القطاع المحاصر إلى نموذج مكشوف لانهيار المنظومة الدولية، وعجز القانون الإنساني عن حماية شعب يباد على مرأى العالم. 

فعلى امتداد عام كامل، عاش الفلسطينيون في غزة بين وقف نار هش، وحرب إبادة متجددة، ومجاعة معلنة، ومشاريع احتلال وتهجير، فيما كانت الكارثة الإنسانية تتعمق، وتتمدد تداعياتها السياسية والجغرافية إلى الضفة الغربية، مهددة ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني برمّته.

غزة مطلع 2025: هدنة مؤقتة فوق ركام الإبادة

دخل عام 2025 وقطاع غزة مثقل بآثار عامين متواصلين من حرب الإبادة الجماعية التي حولته إلى "منطقة منكوبة"، وفق توصيف تقارير حكومية فلسطينية وأممية. 

ورغم بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في كانون الثاني، فإن الأشهر الثلاثة الأولى من العام مرت ثقيلة على الفلسطينيين، إذ لم تكن الهدنة سوى متنفس مؤقت فوق أنقاض المدن المدمرة، قبل أن يعاود جيش الاحتلال الإسرائيلي استئناف حربه في 18 آذار، متنصلة من التزاماتها، ومؤكدة هشاشة أي اتفاق لا يستند إلى ضمانات دولية حقيقية.

استئناف الإبادة: نصف عام من القتل والدمار الشامل

مع استئناف العدوان، عاش الفلسطينيون أكثر من نصف عام على وقع جرائم إبادة متواصلة، طالت البشر والحجر والشجر، وامتدت آثارها الكارثية إلى جميع القطاعات الحيوية: الصحة، والمياه، والتعليم، والغذاء، والطاقة. 

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي مباشر، أكثر من 71 ألف شهيد و171 ألف جريح، فيما دمرت نحو 90% من البنى التحتية المدنية، وقدرت الأمم المتحدة كلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار، في ظل غياب أي أفق حقيقي للشروع فيها.

المحور

المؤشر الرقم/ النسبة

ضحايا الحرب -شهداء ومفقودون

مجموع أعداد الشهداء والمفقودين

أكثر من 77.500

عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات

أكثر من 68 ألف

عدد المفقودين

أكثر من 9.500

عدد الأسر التي أُبيدت كليا أو بشكل شبه كلي

أكثر من 39 ألف

عدد الأطفال الشهداء

أكثر من 20 ألف

عدد الشهيدات من النساء

أكثر من 12 ألف

عدد الرضّع الذين ولدوا واستشهدوا أثناء الحرب

450

الدمار في البنية التحتية

نسبة تدمير البنية التحتية المدنية

أكثر من 90%

الخسائر الأولية المباشرة في جميع القطاعات

أكثر من 70 مليار دولار

حجم الأنقاض في قطاع غزة

أكثر من 61 مليون طن

كمية المتفجرات التي أُلقيت على غزة

أكثر من200 ألف طن

عدد الذخائر/ القنابل غير المنفجرة

أكثر من 20 ألف

مساحة القطاع التي سيطر عليها الاحتلال بالاجتياح والنار

أكثر من 80%

عدد المستشفيات المدمّرة أو المعطّلة

38

عدد الجامعات والمؤسسات التعليمية المدمرة

165

عدد المدارس المدمرة

670

عدد المساجد المدمرة كليا

835

الشهداء من الكوادر الإنسانية والخدمية

عدد الشهداء من الكوادر الطبية

1.670

عدد الشهداء من طواقم الدفاع المدني

140

عدد الشهداء من موظفي البلديات (بينهم 4 رؤساء بلديات)

176

عدد شهداء الشرطة وعناصر تأمين المساعدات

787

عدد الشهداء من موظفي الأونروا

203

عدد الشهداء من الصحفيين

257

عدد الشهداء من العلماء والأكاديميين والمعلمين

1,023

عدد الشهداء من الرياضيين

894

الحصار والتجويع ومنع المساعدات والعلاج

عدد أيام إغلاق المعابر

أكثر من 600 يوم

عدد شاحنات المساعدات التي مُنع إدخالها

أكثر من 120 ألف

عدد تكيّات الطعام ومراكز توزيع المساعدات المستهدفة

108

عدد الشهداء بسبب الجوع وسوء التغذية

أكثر من 140

عدد الشهداء بسبب البرد في مخيمات النزوح القسري

أكثر من 17

عدد الشهداء في "مصائد الموت" للمساعدات

أكثر من 2.600

نسبة مرضى الكلى الذين فقدوا حياتهم لقلة العلاج

أكثر من 42%

عدد الأطفال المعرّضين للموت بسبب سوء التغذية

650 ألف

عدد المرضى المعرّضين للموت بسبب منع العلاج

أكثر من 350 ألف

خطة الاحتلال التدريجي: غزة تحت مشروع السيطرة الكاملة

في آب، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة لاحتلال قطاع غزة تدريجيا، بدءا من مدينة غزة، ترافقت مع هجوم واسع شمل تدمير أحياء سكنية، واستهداف مستشفيات، وإصدار أوامر إخلاء جماعية. 

ورأت منظمات حقوقية وأممية في الخطة تمهيدا لتهجير الفلسطينيين قسرا، فيما لا تزال "إسرائيل" تسيطر على أكثر من 50% من مساحة القطاع، وسط حديث عبري متزايد عن إعادة الاستيطان.

إعلان المجاعة: سلاح التجويع يبلغ ذروته

في 22 آب أعلنت "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" تفشي المجاعة رسميا في مدينة غزة، مع توقع تمددها إلى مناطق أخرى. 

ووظفت "إسرائيل" التجويع كسلاح حرب، عبر إغلاق المعابر، وتقليص المساعدات، واستهداف المخازن الزراعية والغذائية، ما أدى إلى ظهور مظاهر سوء التغذية الحاد، ودخول القطاع مرحلة غير مسبوقة من المجاعة، رغم أنه كان مكتفيا ذاتيا حتى في ظل الحصار السابق.

خطة ترامب: وقف النار مقابل الوصاية

في أيلول، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة من 20 بندا لإنهاء الحرب، شملت وقف إطلاق النار، ونزع سلاح "حماس"، وتشكيل هيئة دولية تشرف على إدارة غزة. 

ورغم أن الخطة أوقفت الإبادة والمجاعة مؤقتا، فإنها فرضت ما يشبه الوصاية الدولية على الفلسطينيين لمدة عامين على الأقل، بموجب القرار الأممي 2803، ما أثار مخاوف واسعة من الالتفاف على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

وقف نار: اتفاق ضعيف وخروقات دامية

في 9 تشرين الأول، توصلت دولة الاحتلال و"حماس" إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار من مرحلتين، دخلت أولاه حيز التنفيذ في اليوم التالي. 

لكن "إسرائيل" خرقت الاتفاق مئات المرات، ما أدى إلى استشهاد 418 فلسطينيا وإصابة أكثر من ألف، إضافة إلى استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، في انتهاك صريح للبروتوكول الإنساني.

الكارثة الإنسانية: موت بطيء تحت الحصار

رغم وقف إطلاق النار، لم يشهد الواقع الإنساني تحسنا ملموسا. فقد دخل القطاع أقل من نصف عدد الشاحنات المطلوبة، واستمر النقص الحاد في الغذاء والدواء والوقود. 

وعاش مئات آلاف النازحين في خيام هشة غرقت واقتلعت بفعل الأمطار والرياح، وسط منع إدخال البيوت المتنقلة، وتراجع خطير في الخدمات الصحية، ومنع المرضى من السفر للعلاج.

مساعي التهجير: من غزة إلى "أرض الصومال"

أثار الاعتراف المتبادل بين دولة الاحتلال وإقليم "أرض الصومال" الانفصالي مخاوف فلسطينية ودولية من استخدامه كوجهة لتهجير سكان غزة.
وأكد الفلسطينيون، رسميا وشعبيا، رفضهم القاطع لهذه المخططات، في ظل تصريحات إسرائيلية وإعلام عبري يروّج لخلق “بيئة طاردة” عبر تعميق الكارثة الإنسانية.

56 صحفيا ارتقوا في 2025

ومع إسدال الستار على عام 2025، تتجلى واحدة من أكثر صور الاستهداف فداحة في سياق حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، تمثلت في الاستهداف المنهجي للصحفيين الفلسطينيين. 

وقد وثق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة استشهاد 56 صحفيا خلال عام 2025 أثناء تأديتهم واجبهم المهني، ليرتفع عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء حرب الإبادة الجماعية إلى 257 صحفيا، في مؤشر خطير على حجم العدوان الموجه ضد الرواية الفلسطينية الحرة. 

كما لا يزال مصير ثلاثة صحفيين مجهولا حتى اليوم، فيما أصيب أكثر من 420 صحفيا بجراح متفاوتة، وتعرض نحو 50 آخرين للاعتقال والتعذيب، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والمواثيق التي تكفل حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة. 

استشهاد قادة الصف الأول وترسيخ نهج المواجهة

خلال عام 2025، سجلت المقاومة الفلسطينية محطة مفصلية باستشهاد عدد من أبرز قادتها العسكريين الذين شكلوا عمودها الفقري في التخطيط والإدارة والقيادة الميدانية، حيث نعت حركة "حماس" في 29 كانون أول الجاري خمسة من كبار قادة جناحها العسكري "كتائب القسام" الذين ارتقوا في معركة "طوفان الأقصى"، وضمت القائمة محمد السنوار قائد هيئة الأركان وخليفة القائد العام الشهيد محمد الضيف، ومحمد شبانة قائد لواء رفح، وحكم العيسى قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، ورائد سعد قائد ركن التصنيع العسكري، وحذيفة الكحلوت "أبو عبيدة" قائد الإعلام العسكري والمتحدث السابق باسم القسام. 

وأكدت "حماس" أن استشهاد هؤلاء القادة لا يمثل خسارة عابرة، بل هو امتداد لمدرسة قيادية متجذرة جمعت بين الصلابة العسكرية والعمل التربوي والرؤية الاستراتيجية، مشددة على أن دماءهم ستبقى وقودا لاستمرار المقاومة، وأن اغتيال القادة لن يكسر إرادتها ولا يغير بوصلتها نحو تحرير الأرض والقدس والمسجد الأقصى، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

عزلة "إسرائيل" والمحاسبة الدولية

ورغم هول الجرائم، لم تمر "إسرائيل" من دون أثمان، إذ تصاعدت عزلتها الدولية، ووجد قادتها أنفسهم أمام المحاكم الدولية والوطنية بتهم الإبادة وجرائم الحرب، إلى جانب موجة مقاطعة سياسية واقتصادية وثقافية، وتسونامي دبلوماسي للاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير.

هكذا، يخرج عام 2025 شاهدا على عام تمددت فيه النكبة الفلسطينية إلى حدود غير مسبوقة، وتحولت فيه غزة إلى عنوان عالمي للفشل الأخلاقي والسياسي، فيما يبقى السؤال مفتوحا: 

هل يكون هذا العام ذروة الانهيار، أم بداية مسار دولي جاد يعيد الاعتبار لحق الفلسطينيين في الحرية والحياة وتقرير المصير؟

دلالات
00:00:00