شهدت مدينة القدس المحتلة، سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك خلال شهر تشرين الثاني الماضي، ووثقت شبكة
هل أصبح التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى أمرا واقعا؟
مجلس الأوقاف: لم يعد التنديد كافيا
"تعد من أصعب أيام السنة" هذا ما يقوله المرابطون والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك والقدس المحتلة واصفين حزنهم الشديد وألمهم من تكرار الانتهاكات الشرسة التي يتعرض لها المسجد الأقصى خلال ما يسمى بأيام الأعياد اليهودية.
المسجد الأقصى اقتحامات متكررة
يقتحم المسجد الأقصى المبارك ما يزيد على 600 مستوطن يوميا منذ مطلع الأسبوع، مقابل طرد عشرات المسلمين وإبعادهم ومنعهم من دخوله وخاصة في أوقات حددها الاحتلال لتكون مخصصة فقط للمستوطنين.
فيديو | لحظة إخراج قوات الاحتلال وفدا من مشايخ الدروز أثناء وجودهم في باحات المسجد الأقصى
فيديو | وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي يقتحم الأقصى ويؤدي طقوسا تلمودية فيما يسمى بعيد العُرش اليهودي
لم يعد التنديد كافيا
وفي بيان له أمس، حمّل مجلس الأوقاف والمقدسات الإسلامية في القدس المسلمين المسؤولية الدينية للقيام بواجبهم تجاه الأقصى، مضيفا أنه أمانة في أعناقهم جميعا، ومبينا أن التنديد لم يعد كافيا، وداعيا دول العالم الحر بما فيها العربية والإسلامية إلى التحرك العاجل الجاد بشكل يصل إلى مستوى الخطورة التي يتعرض لها الأقصى.
وكرر المجلس مقولته الدائمة التي يصدرها في جميع بياناته:
"للمسلمين وحدهم الحق الحصري في المسجد الأقصى؛ عبادة ورفادة وسيادة تحت وصاية هاشمية تاريخية مباركة."
وعقد المجلس جلسة طارئة أمس لمناقشة الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى مجددا رفضه لجميع إجراءات الاحتلال، خاصة تلك التي تهدف إلى فرض واقع جديد في مدينة القدس المحتلة.
وقد حوّل الاحتلال مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية وحرمت جموع المصلين المسلمين من دخول المسجد أو حتى الوصول إليه وإلى جميع ساحاته، عبر تقطيع أوصال الشوارع بحواجز عسكرية لا تسمح إلا لجموع المتطرفين بالتنقل.
هذا واعتبر المجلس أن دخول المتطرفين اليهود وهم يحملون سعف النخيل وغيرها من الأدوات التي تصنف بالدينية لديهم ما هو إلا تحريض علني وانتهاك صارخ للقانون الدولي وتحدٍّ لمشاعر ملايين المسلمين.
هل تصل البيانات التحذيرية لحكومة الاحتلال؟
ومع كثافة الاقتحامات الإسرائيلية، تجدد مختلف الجهات الفلسطينية والأردنية وبعض الدول الإسلامية بيانتها المنددة والمحذرة والمستنكرة، فيما لا توجد وسيلة لرصد إذا ما كانت هذه البيانات قد تصل فعلا لحكومة الاحتلال أم أنها مجرد بيانات صورية.
حيث حذرت الرئاسة الفلسطينية من استمرار اقتحامات المتطرفين، واصفة أنها منهج خطير قد يفجر الأوضاع، وأنها محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد في القدس الشرقية.
ودعت الرئاسة العالم، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية إلى تحمل مسؤولية وقف هذه التصرفات غير المسؤولة.
أما حركتا المقاومة حماس والجهاد الإسلامي، فقد حذرتا من تبعات الاستمرار في فرص الواقع الإسرائيلي بالقوة على المسجد الأقصى، ووصفت ذلك بالتصعيد الخطير للحرب الدينية على المقدسات، وأكدتا أن ذلك لن يمر دون رد.
من جهتها أعادت وزارة الخارجية الأردنية التأكيد في بيان لها أول أمس الإثنين بأنه ليس لإسرائيل سيادة على القدس الشرقية المحتلة وبأنها لا تملك فرض أي قيود على دخول المسجد الأقصى المبارك.
كما عبرت الخارجية التركية عن قلقها العميق إزاء الإجراءات المتزايدة لانتهاك المسجد الأقصى.
التقسيم الزماني والمكاني هل أصبح واقعا؟
الجهات الفلسطينية والإسلامية، ووزارتي الخارجية الأردنية والتركية، تندد بمخططات الاحتلال للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، بينما يعد الاحتلال هذا التقسيم أمرا واقعا.
حيث يسعى الاحتلال منذ عام 2003 إلى تخصيص ساعات معينة لاقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى لأداء ثلاث صلوات فيه وهي: السابعة والنصف صباحا وحتى العاشرة، والواحدة والنصف ظهرا حتى الثانية والنصف ظهرا، ومرة واحدة مساء ما بعد الساعة الرابعة عصرا.
وبات معروفا لدى سكان القدس أن هذه الأوقات لم تعد مجرد مخطط وإنما يتم تنفيذ الاقتحامات في هذه الأوقات يوميا، إضافة إلى أن الأعياد اليهودية وعدد أيامها 100 يوم في السنة إضافة إلى أيام السبت، هي أيام مستباحة بشكل رسمي للمستوطنين لاقتحام الأقصى ودخوله دون إذن أو ترتيب مسبق، بل بحماية ومرافقة رسمية من قبل شرطة الاحتلال.
أما التقسيم المكاني، فقد خصصت قوات الاحتلال زوايا وأماكن للمستوطنين دونا عن المسلمين أبرزها حائط البراق لدخول المستوطنين إليه يوميا وأداء الطقوس التلمودية.
اقرأ المزيد.. يوم الغفران اليهودي... صورة للعذاب الفلسطيني تحت الاحتلال
قانون القوة هو السائد في المسجد الأقصى
وينظر القانون الدولي إلى هذه الممارسات بأنها خرق للوضع التاريخي القائم، الذي ساد في فترة الدولة العثمانية ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967، إذ إن الواقع الذي كان مطبقا في المسجد الأقصى في كل تلك الحقب هو أن الصلاة في المسجد تقتصر على المسلمين وحدهم، فيما يستطيع غير المسلمين الدخول إليه كسياح فقط.
وتستند سلطة الاحتلال في تنفيذ مخططاتها إلى "قانون القوة" وفيه تعمل على:
-
إبعاد المصلين لأشهر ومنع من هم دون الأربعين من دخول باحات المسجد الأقصى.
-
حظر تنظيم المرابطين والمرابطات من الدخول أو الاقتراب من المسجد.
-
الاعتداء على المعتكفين والمصلين في الصلوات التي تتقاطع مع المواعيد الزمنية التي حددتها لاقتحام المستوطنين.
فبعد أن كانت الاقتحامات تتم بشكل متباعد وعلى مدار أيام مختلفة، أصبحت في السنوات الأخيرة تتم بشكل يومي وعلى شكل مجموعات حتى وصل عدد المقتحمين للمسجد الأقصى العام الماضي إلى 34 ألف شخص.
أعداد مقتحمين غير مسبوقة
كما بينت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات في بيان لها أمس الثلاثاء أن المسجد الأقصى تحول إلى بؤرة استهداف من جميع المؤسسات الإسرائيلية في سعي منها لفرض وقائع جديدة تتيح لليهود الصلاة علانية في باحات المسجد، لافتة إلى أن أعداد المقتحمين سجلت أرقاما غير مسبوقة، كما أن باحات المسجد شهدت لأول مرة إدخال ما يسمى "أبناء جبل الهيكل" قرابين نباتية وإقامة صلوات توراتية في باحاته.
وتنتشر قوات الاحتلال وشرطة الاحتلال بشكل واسع وكثيف في باحات المسجد الأقصى وعند بواباته، وتطلب هويات المسلمين المتوجهين لأداء الصلاة فيه وتحتجز العديد من هوياتهم وترفض دخولهم إلى المسجد، كما تعمل قوات الاحتلال على نشر دوريات في أزقة البلدة القديمة لمنع وصول الفلسطينيين إلى أبواب المسجد، فيما سمحت بالمقابل لقطعان من المستوطنين بأداء صلوات تلمودية عند باب القطانين.
فيديو | جانب من انتشار المستوطنين في البلدة القديمة بالقدس المحتلة صباح اليوم الأربعاء
وأخرجت شرطة الاحتلال صباح اليوم الأربعاء 15 شابا فلسطينيا من المسجد الأقصى كانوا قد استطاعوا الدخول إليه لأداء صلاة الفجر.
وأشار تقرير فلسطيني شهري صادر عن مجلس أوقاف القدس إلى أن أكثر من 41 ألف مستوطن ومتطرف قد اقتحموا الأقصى منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أيلول.
هذا وقد بدأ "عيد العُرش" في التاسع والعشرين من أيلول الماضي ويستمر حتى 6 من تشرين الأول الجاري، وهو مرتبط بذكرى تيه اليهود في صحراء سيناء وسكنهم تحت المظلات وفي الخيام.
المرابطون في المرصاد..
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عددا من الصور والفيديوهات لتعرض مرابطين ومرابطات لاعتداءات وطرد وركل من قبل قوات الاحتلال في أزقة بلدة القدس أثناء محاولتهم الوصول إلى المسجد الأقصى.
فيديو | قوات الاحتلال تخرج سيدتين من منطقة باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة
فيديو | الاحتلال يعتدي على مرابطة في أحد أزقة القدس المحتلة