الذكرى 74 للنكبة.. الفلسطينيون يتمسكون بأرضهم ويصرون على المقاومة
رغم مرور 74 عاما على نكبة فلسطين ما يزال الفلسطينيون يتمسكون بحقهم في العودة إلى أرضهم التي شردوا منها، رغم كل المنعطفات الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية وبالذات بعد أن فقدت الإسناد العربي بسبب وقوع العديد من الدول العربية في حضن التطبيع الإسرائيلي.
وبعد هذه السنوات من عمر النكبة وبكل تفاصيلها المأساوية فإن الفلسطينيين يزداد تمسكهم بأرضهم وإصرارهم على مواصلة المقاومة والنضال لنيل حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وهو حق كفلته المواثيق الدولية وفي مقدمتها قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها عام 1948.
التطبيع العربي الإسرائيلي أصاب الدول المطبعة مثلما أصاب إسرائيل بالوهم، معتقدين أن هذه الاتفاقيات ستجلب الاستقرار إلى المنطقة؛ والحقيقة غير ذلك، فالصراعات ما تزال مشتعلة، ويمكن أن تمتد إلى أكثر من ذلك، والأطماع الإسرائيلية تتوسع في إقامة المستوطنات داخل مدن الضفة الغربية ومحاولاتها شطب قضية اللاجئين من الاتفاقيات، وضم القدس والسماح لليهود بممارسة شعائرهم داخل الحرم القدسي ومحاولاتهم ذبح القرابين وهذا لم يكن معهودا من قبل،ولكنه اليوم ضمن خطة مبرمجة لإحياء هيكلهم المزعوم، كدلالة على الوجود اليهودي في القدس، وقد رأينا كيف تفجرت الأوضاع في القدس خلال شهر رمضان المبارك هذا العام ، حيث تكاتفت كل فصائل المقاومة الفلسطينية موجهة رسائل إلى العدو الصهيوني أن ذبح القرابين داخل المسجد الأقصى "تجاوز للخطوط الحمراء، وسيؤدي إلى تفجير الأوضاع في فلسطين والمنطقة"
منذ هجر الفلسطيني في 15 أيار / مايو عام 1948 وهو يحمل مفتاح بيته يورثه لمختلف الأجيال حتى لا تنسى هذه الأجيال معاناتهم وطريق الآلام الذي ما زال في يوميات وتفاصيل حياتهم وفي حلهم وترحالهم، منذ أن مارست العصابات الصهيونية القتل بحق الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، ومارست أبشع الجرائم التي ظلت دامغة في سجل النكبة الفلسطينية، وطردت الناس من قراهم وهدمت البيوت، للسيطرة على فلسطين وبدعم من الانتداب البريطاني.
العصابات اليهودية تنفذ مجازر خلال عام النكبة
نفذت العصابات الصهيونية العديد من المجازر ضد أبناء الشعب الفلسطيني لتجبرهم على مغادرة بيوتهم، فقد شهد عام النكبة أكثر من 70 مجزرة، منها مجزرة فندق سميراميس التي استشهد فيها 19 شخصا، ومجزرة القدس التي استشهد فيها 18 فلسطينيا، ومجزرة السرايا القديمة في يافا واستشهد فيها 30 فلسطينيا، ومجزرة حيفا واستشهد فيها 31 فلسطينيا، وجرح ما يزيد عن 60 آخرين، ومجزرة يازور وسقط فيها 15 شهيدا، ومجزرة سعسع، وتم فيها تدمير 20 منزلاً فوق رؤوس أصحابها، واستشهد فيها 60 شخصا، ومجزرة بناية السلام في القدس واستشهد فيها 14 فلسطينيا وجرح 26 آخرون، ومجزرة الحسينية واستشهد أكثر من 30 شخصا، و مجزرة الرملة واستشهد فيها 25 فلسطينياً، و مجزرة قطار القاهرة – حيفا حيث تم فيها زرع لغم في قطار القاهرة - حيفا السريع، فاستشهد 40 شخصاً وجرح 60 آخرون، ومجزرة قطار حيفا ـ يافا، واستشهد فيها 40 شخصاً،ومجـزرة ديـر ياسين التي استشهد فيها 254 شهيدا، ومجزرة الطنطورة التي وصل فيها عدد الشهداء إلى 200 شهيدا.
مجازر عديدة ارتكبتها العصابات الصهيونية في حي أبو كبير بمدينة يافا، وفي قرية قالونيا في القدس،و قرية اللجون من قضاء جنين، وقرية ناصر الدين بالقرب من طبريا، وكذلك مجزرة طبريا، وصفد، وغيرها من المجازر التي أرغمت الناس على مغادرة بيوتهم وأراضيهم.
15 ألف شهيد فلسطيني عام 48
وصل عدد الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني إلى 15 ألف شهيد، وسيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل، وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وتم تشريد 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 .
رغم كل عمليات التطهير والقتل والتشريد فقد تضاعف عدد الفلسطينيين منذ النكبة أكثر من 10 مرات، بحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني الذي أصدر تقريرا اليوم في ذكرى النكبة.
ونشر جهاز الإحصاء الفلسطيني في ذكرى النكبة احصائية تدل أن عدد السكان في فلسطين التاريخية كان في عام 1914 نحو 690 ألف نسمة، نسبة اليهود منهم 8% فقط، وفي العام 1948 بلغ عدد السكان أكثر من 2 مليون حوالي 31.5% منهم من اليهود، حيث تدفق بين عامي 1932 و1939 أكبر عدد من المهاجرين اليهود، وبلغ عددهم 225 ألف يهودي، وتدفق على فلسطين بين عامي 1940 و1947 أكثر من 93 ألف يهودي، وتكون فلسطين قد استقبلت بين الأعوام 1932 و1947 ما يقرب من 318 ألف يهودي، ومنذ العام 1948 وحتى العام 1975 تدفق أكثر من 540 ألف يهودي.
ويشير جهاز الإحصاء الفلسطيني في تقريره إلى أنه رغم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني في العام 1948 ونزوح أكثر من 200 ألف فلسطيني بعد حرب حزيران 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم مع نهاية العام 2021 حوالي 14 مليون نسمة، ما يعطي مؤشرات إلى تضاعف عدد الفلسطينيين نحو 10 مرات منذ أحداث نكبة 1948، حوالي نصفهم (7 مليون) نسمة في فلسطين التاريخية (1.7 مليون في المناطق المحتلة عام 1948).
كما بلغ عدد السكان الفلسطينيين في نهاية 2021 في الضفة الغربية "بما فيها القدس" 3.2مليون نسمة، وحوالي 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة، وفيما يتعلق بمحافظة القدس فقد بلغ عدد السكان حوالي 477 ألف نسمة في نهاية العام 2021، منهم حوالي 65% (حوالي 308 آلاف نسمة) يقيمون في مناطق القدس ((J1، والتي ضمها الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
ووفق هذه المعطيات، وبحسب التقرير فإن الفلسطينيين يشكلون 49.9% من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود ما نسبته 50.1% من مجموع السكان ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية (البالغة 27,000 كم2).
مائة ألف شهيد منذ عام 48
وبين التقرير أن عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) بلغ نحو مائة ألف شهيد، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى 11,358 شهيدا، خلال الفترة 29/09/2000 وحتى 30/04/2022.
ويشار إلى أن عام 2014 كان أكثر الأعوام دموية، حيث سقط 2,240 شهيدا، منهم 2,181 استشهدوا في قطاع غزة غالبيتهم استشهدوا خلال العدوان على قطاع غزة.
أما عدد اللاجئين الفلسطينين وفق سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بلغ بحسب ما أعلن في كانون الأول عام 2020، حوالي 6.4 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش 28.4% منهم في 58 مخيماً وتتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.
وبسبب تدفق اللاجئين إلى قطاع غزة (إذ أن 66% من سكان القطاع هم من اللاجئين)، فقد تحول لأكثر بقاع العالم اكتظاظاً بالسكان، وفي مساحة صغيرة إذ أن الاحتلال أقام منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة بعرض يزيد عن 1,500 م على طول الحدود الشرقية للقطاع، جعله يسيطر على حوالي 24% من مساحة القطاع البالغة 365 كم²، مما ساهم بارتفاع حاد بمعدل البطالة في قطاع غزة حيث بلغت 47%.
وما يزال الكيان المحتل يعمل على التوسع للوقوف في وجه الزيادة السكانية في فلسطين، وذلك من خلال إقامة المستعمرات حتى في مدن الضفة الغربية، وتسيطر أيضا على أراض لإقامة قواعد عسكرية فيها، حيث بلغ عدد المواقع والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2020 في الضفة الغربية 471 موقعاً، تتوزع بواقع 151 مستعمرة و26 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و150 بؤرة استعمارية، و 144 موقع مصنف أخرى وتشمل (مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال)، وبلغ عدد المستعمرين في الضفة الغربية 712,815 مستعمراً وذلك في نهاية العام 2020، بمعدل نمو سكاني يصل إلى نحو 3.6%، ويشكل استقدام اليهود من الخارج أكثر من ثلث صافي معدل النمو السكاني في دولة الاحتلال،
ويشير التقرير إلى أن حوالي 47% من المستعمرين يسكنون في محافظة القدس، حيث تمارس سلطات الاحتلال سياسة الترحيل والإحلال لتهويدها بشكل متسارع ومحاولة طمس معالمها العربية والإسلامية، وهي تضغط من أجل تشريد الفلسطينيين من مدينة القدس وإحلال الاسرائيليين القادمين من شتى بقاع الأرض مكانهم، حيث صادقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2021 على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية غالبيتها في القدس، في الوقت الذي قامت فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم أكثر من 300 مبنى وأصدرت قرارات هدم لأكثر من 200 مبنى، والمصادقة على مشروع الاستيلاء على 2,050 عقارا فلسطينياً ،وفي حيَيْ الشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية، عززت سلطات الاحتلال الاسرائيلي جهودها للاستيلاء على منازل الفلسطينيين وطرد سكانها الذين يقطنون هناك منذ فترة طويلة.
مع أن الاحتلال يمعن في عمليات الطرد ومصادرة الأبنية والأراضي في القدس ويمارس انتهاكاته ضد الفلسطينيين، ولا تنقطع محاولاته من أجل تهويد المدينة المقدسة وتقسيم المسجد الأقصى ليكون مكان عبادة لليهود، يثبت الشعب الفلسطيني أن" القدس خطر أحمر" وهي المعركة الفاصلة بين اليهود والمسلمين ولن يسمح بأي تقسيم للمسجد الأقصى، فقد أفشل مخطط ذبح القرابين، ومنع مسيرة الأعلام وأكد أن المقاومة مستمرة ضد الاحتلال .