يواصل جيش الاحتلال حصاره لشمال قطاع غزة منذ 11 يوما، حيث يشن الغارات العنيفة على مخيم جباليا والمناطق المحيطة به، وسط استمرار نسف واستهداف
مرضى الكلى على حافة الانهيار الصحي والنفسي جنوب غزة
قضايا إنسانية: شهادات مرضى كلى من داخل مستشفى أبو يوسف النجار
لا يخلو كل بيان صحفي يصدر عن وزارة الصحة في قطاع غزة من التحذير من الوضع الكارثي الذي يعيشه مرضى الكلى في القطاع، والإشارة إلى انعدام الخدمات في حال استمر الاحتلال الغاشم باستهداف المستشفيات.
في آخر بيان لها، قالت الوزارة إنها تقدم خدمة غسيل الكلى في 6 مراكز بواقع 15 ألف جلسة غسيل شهريا، محذرة من توقف عمل أقسام غسيل الكلى خلال أيام جراء النقص الحاد في المستهلكات الطبية.
نظرة أقرب من داخل مستشفى أبو يوسف النجار
من داخل مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار قامت مراسلة حسنى الصحفية مريم سلامة وهي برفقة والدها مريض الكلى باستطلاع أوضاع مرضى الكلى في هذا المستشفى الذي بات يستقبل 120 مريض كلى يوميا، وهي أعلى من الطاقة الاستيعابية بثلاث مرات على الأقل مقارنة بالأوضاع ما قبل العدوان على قطاع غزة.
وترصد سلامة اكتظاظ قسم غسيل الكلى في المستشفى بالعشرات الذين ينتظرون دورهم لأربع ساعات على الأقل يوميا، حيث يوفر المستشفى 18 جهازا لغسيل الكلى فقط، وهو يخدم مئات مرضى الكلى الذين نزحوا إلى جنوب القطاع.
وقلصت جميع المستشفيات خدمة غسيل الكلى لساعتين بدلا من أربع ساعات، ولمرتين أسبوعيا بدلا من ثلاث وفق وزارة الصحة، وذلك منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
وفيما يلي استعراض لأبرز شهادات مرضى الكلى رصدته مريم سلامة من داخل مستشفى أبو يوسف النجار.
"تقليص الساعات يترك سموما في دمنا"
علي حسن موسى السقا من سكان حي تل السلطان في رفح يبلغ من العمر 48 عاما، بدأ رحلة غسيل الكلى منذ عام 1999، يقول إن تقليص عدد ساعات غسيل الكلى لنحو 6 ساعات أسبوعيا بدلا من 12 ساعة هو لإبقائنا فقط على قيد الحياة، إلا أن السموم تبقى في دمنا.
"مش شايف إني بتحسن، حالتي متل ما هي قبل الجلسة وبعدها، جلسة الساعتين هي بس بتخليني عايش وبتنفس".
السيدة خيرية تحسين راضي بدأت رحلة علاجها في غسيل الكلى منذ ثلاث سنوات ونصف، وتقول إن تقليص عدد ساعات الغسيل يترك سموما في الدم، ويتحول الشخص إلى شخص متعب جدا، مضيفة:
"الواحد بضل تعبان ومرهق جدا وبتبلش تتشكل التهابات في الرئة وتتراكم السوائل في الصدر، السموم تبقى في دمنا رغم الغسيل المقنن".
اقرأ المزيد.. مريم تروي قصة نزوح عائلتها 3 مرات وتقول "يا أسفاه على العروبة"
"أخاف أن يفارق ابني الحياة"
يقف بجانب ابنه ذي العشر سنوات السيد سهيل سعد بعد رحلة استغرقت أكثر من ساعتين للوصول إلى المستشفى ليتلقى طفله زين سعد ذو الـ 10 سنوات خدمة غسيل الكلى، ويقول إن ابنه يقوم بغسيل الكلى منذ ولادته.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، عانى الطفل زين من رحلة نزوح طويلة أملا في أن يتلقى خدمة غسيل الكلى، حيث يقول والده إنه كان يذهب لغسيل الكلى إلى مستشفى الرنتيسي شمالا قبل قصفه، لينزح إلى وسط القطاع ويقوم بغسيل الكلى في مستشفى شهداء الأقصى والذي لاقى المصير ذاته من قصف وتهديدات بالاقتحام، لينزح هو وطفله إلى رفح آملا أن يحصل على خدمة غسيل الكلى وأن لا ينقطع العلاج عنه، مضيفا:
"بنزح لجنب المستشفيات عشان أوفر لابني غسيل الكلى، في كل مرة كنت أنزح كنت أخاف تنقطع الطريق للمستشفى ويفقد ابني حياته، مش من القصف أو القنص لا من قلة غسيل الكلى، لأنو مريض الكلى إذا انقطع أسبوع واحد ممكن يفقد حياته!!".
ويضيف أبو زين أن الوقت المستغرق للوصول إلى المستشفى مع وقت الانتظار والقيام بغسيل الكلى ومن ثم العودة إلى خيمة النزوح يصل إلى 12 ساعة على الأقل في كل مرة.
"يستغرق الوصول إلى المستشفى ساعتين ثم الانتظار نحو 4 ساعات في دور طويل، ثم غسيل الكلى لمدة ساعتين، وبعدها العودة بطريق محفوفة بالقصف والقنص لمدة ساعتين".
اقرأ المزيد.. متى تنتهي الحرب على القطاع؟
المعلبات والخبز المليء برماد النار يرفع نسبة السموم
وبألم وحسرة وعيون تملؤها الدموع، طالبت السيدة فريال زهدي قروط كلا من العرب ودول الخليج والدول العربية بأن ينظروا إلى حال مرضى الكلى وأن يجدوا حلا لهم، مناشدة إياهم بتسهيل خروجها من القطاع لاستكمال علاجها، واصفة الوضع داخل المستشفى بغير المناسب.
" زحمة.. وقرف.. ونحن هون كتير مبهدلين.. ما في خصوصية ولا بناخد راحتنا، وبنجي تعبانين وبنروح تعبانين، ما في كوادر تمريض ولا مستشفى نظيف والمايكروبات والأوبئة بكل مكان".
وتشكو فريال -التي تبلغ من العمر 54 عاما وتقوم بغسيل الكلى منذ 9 أعوام- من قلة الأدوية، إذ إنها تعاني من مرض الضغط ونقص الكالسيوم الشديد إضافة إلى معاناة غسيل الكلى، وتؤكد أنه لا أدوية متوفرة لا في المستشفيات الحكومية ولا الخاصة ولا في مخازن الأونروا ولا حتى في الصيدليات.
مرضى الكلى في غزة: "منشان الله لاقولنا حل!"
وتضيف فريال:
"وضعي المادي صفر بعد أكثر من 100 يوم على الحرب، والمواصلات مكلفة، فعشان أوصل مستشفى أبو يوسف النجار بحتاج أسبوعيا 150 شيكل، كل أكلنا معلبات والخبز كلو عليه رماد النار صار معنا تسمم من هذا الأكل، وصرنا ننتق دم!".
وختمت فريال قولها: "مشان الله شوفولنا حل!".
ومن الجدير بالذكر أن جيش الاحتلال وطائراته الحربية استهدفت المستشفيات بشكل متعمد منذ بداية العدوان الغاشم في السابع من تشرين أول الماضي، حيث استهدفت مستشفى الشفاء الطبي والمستشفى المعمداني ومستشفى كمال عدوان ومستشفى شهداء الأقصى والتي كانت جميعها تقدم خدمات غسيل الكلى وتوقفت كليا أو جزئيا عنها بسبب العدوان الإسرائيلي.
اقرأ المزيد.. طوفان الأقصى في يومها الـ106 قصف محيط مستشفيي ناصر والشفاء