محرر ومذيع أخبار
مسؤول أممي يحذر من قطع "شريان الحياة" عبر الحدود لسوريا
ناشد مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة، مارك لوكوك، مجلس الأمن الدولي (الأربعاء)عدم قطع "شريان الحياة" عبر الحدود لزهاء ثلاثة ملايين سوري في شمال البلاد مع تشكيك روسيا، التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في أهمية هذه العملية.
وقال لوكوك للمجلس "نود أن نرى مزيدا من المساعدات عبر خطوط (المواجهة) ومزيدا من المساعدات عبر الحدود. العملية العابرة للحدود، وهي شريان حياة لأكثر من 3 ملايين شخص، ليس لها بديل".
وأضاف "نتطلع لهذا المجلس لضمان عدم قطع شريان الحياة هذا".
عام 2014 صدر أول تفويض دولي للمساعدات الإنسانية
وأصدر مجلس الأمن، الذي يضم في عضويته 15 دولة، أول تفويض لعملية المساعدات عبر الحدود إلى سوريا في 2014 من خلال أربع نقاط. وفي العام الماضي قصر التصريح على نقطة عبور واحدة من تركيا بسبب معارضة روسيا والصين تجديد التصريح للنقاط الأربع.
ومن المرجح حدوث مواجهة أخرى بخصوص تجديد التفويض للعملية والذي ينتهي في 10 من تموز / يوليو المقبل ويحتاج إصدار قرار لتمديد التصريح للعملية إلى موافقة تسعة أعضاء وعدم استخدام الفيتو من جانب أي من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وتدفع دول عدة أعضاء بالمجلس لزيادة عدد نقاط المساعدات عبر الحدود.
سيموت الناس
وقال ريتشارد ميلز، نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، للمجلس "لو لم نفعل، سيموت الناس. الأمر بسيط للغاية. نقطة عبور واحدة فقط لا يمكنها تلبية الاحتياجات الكبيرة للشعب السوري".
واتهم دميتري بوليانسكي، نائب سفير روسيا لدى المنظمة الدولية، نظراءه الغربيين بتجاهل أهمية توصيل المساعدات عبر خطوط المواجهة انطلاقا من دمشق ،مشيرا إلى أن هذا "يوضح أنهم لا يعتزمون اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تسبب مشكلات للمقاتلين المتحصنين في إدلب".
وقال للمجلس "هذا العرض المنافق للقضية مسألة لا يمكننا الموافقة عليها. واضح أنه سيتعين علينا أخذه في الاعتبار عند اتخاذ قرار بخصوص تمديد الآلية عبر الحدود".
16 فيتو روسي في مجلس الأمن ضد قرارات متعلقة بسوريا
وانقسم المجلس على مدى السنوات العشر الماضية حول كيفية التعامل مع سوريا، حيث كانت روسيا والصين، حليفتا دمشق، تقفان ضد الدول الغربية الأعضاء. واستخدمت روسيا حق النقض ضد 16 قرارا متعلقا بسوريا ودعمتها الصين في كثير من عمليات التصويت تلك.
أكثر من 13 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية
وفي أذار/ مارس الماضي بحث مجلس الأمن الدولي، في جلسة افتراضية ، الوضع الإنساني في سوريا، وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارك لوكوك في إحاطته إن أكثر من 13 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، في حين يعتمد أكثرُ من 4 ملايين آخرين في شمالي غربي البلاد على المساعدات الغذائية.
وكشف لوكوك عن حاجة نحو 70% من السكان في شمالي شرقي سوريا إلى مساعدات عاجلة، محذرا في الوقت ذاته من إمكانية توقف 9 منظمات غير حكومية عن تقديم المساعدات إذا لم تحصل على تمويل
النسخة الخامسة من مؤتمر بروكسل
وبسبب جائحة كورونا عقدت النسخة الخامسة من "مؤتمر بروكسل لدعم سوريا" عبر الفيديو بمشاركة 50 دولة، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية ومؤسسات مالية دولية ووكالات الأمم المتحدة.
وجاء في بيان لمختلف هيئات الأمم المتحدة المعنية بالمؤتمر أنه "مع التأثير الإضافي لكوفيد-19 لم يتمكن المدنيون السوريون الذين يواجهون تزايدا للفقر والجوع وتهجيرا وهجمات متواصلة من التقاط أنفاسهم".
ويهدف المؤتمر إلى توفير أكثر من 10 مليارات دولار، منها 4.2 مليارات دولار على الأقل للاستجابة الإنسانية داخل سوريا، و5.8 مليارات دولار إضافية لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.
ويذكّر البيان بأن تداعيات الحرب المستمرة منذ 10 سنوات في سوريا شملت لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.
مساعدة والتزامات
وتستضيف الدول المجاورة لسوريا 80% من اللاجئين السوريين "في أكبر أزمة لاجئين في العالم"، وفق البيان.
ومن شأن المساعدة المالية أن تسهل حصول الأطفال اللاجئين في هذه الدول على التعليم.
وفي حزيران/ يونيو الماضي اختتمت النسخة السابقة من المؤتمر بتعهدات بتقديم 5.5 مليارات دولار للعام 2020، وفق الأمم المتحدة.
من جهتها، أشارت المفوضية الأوروبية إلى وجود التزامات بالمساعدة قيمتها الإجمالية 7.7 مليارات دولار، نحو 30% منها تعهدات للعام 2021.
ولطالما اتهمت روسيا باستخدام ورقة المساعدات سياسياً لتخفيف العقوبات الغربية على النظام السوري
روسيا.. تدمير ومجازر
أسفر التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ 30 أيلول/ سبتمبر 2015، عن نتائج كارثية على كافة المستويات الإنسانية، في ظل مجازر وضحايا وعمليات تهجير وتدمير للبنية التحتية.
فقد تحولت المدن والبلدات السورية الخارجة عن سيطرة قوات النظام إلى ساحة حرب وأرض محروقة، تصب الترسانة العسكرية الروسية كل قوتها التدميرية فيها، وهو مشهد يوصف بأنه الأكثر تدميرا منذ الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945).
ووثقت فرق "الدفاع المدني السوري"، بين 30 أيلول /سبتمبر 2015 و20 ايلول / سبتمبر 2020، مقتل 3966 مدنيا، بينهم أطفال ونساء. وهذا الرقم لا يشمل عددا كبيرا من الضحايا توفوا بعد إسعافهم، أو بعد أيام من إصابتهم.
كما وثقت ارتكاب روسيا 182 مجزرة قتلت 2228 مدنيا وأصابت 3172 آخرين. وأغلب تلك المجازر كانت باستهداف منازل مدنيين وأسواق وأماكن مكتظة، بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا بين المدنيين.
اقرأ المزيد : سوريا 10 سنوات من الرعب والحرب الطاحنة.. هل من أفق؟
استهداف المدنيين
بشكل رئيسي، تركزت الهجمات الروسية على مراكز المدن ومنازل المدنيين والمرافق الحيوية، بهدف تهجير أكبر عدد من المدنيين، وتدمير كافة أشكال الحياة التي تدعم استقرارهم.
واستهدفت 69 بالمئة من تلك الهجمات منازل مدنيين، بواقع 3784 هجوما، وحلت الحقول الزراعية في المرتبة الثانية بـ15 بالمئة من الهجمات (821 هجوما)، ثم الطرق الرئيسية والفرعية 6 بالمئة (324 هجوما)، والمشافي والمراكز الطبية بـ70 هجوما.
وبعدها مراكز للدفاع المدني بـ59 هجوما، وأسواق شعبية بــ53 هجوما، ومدارس بـ46 هجوما، ومخيمات نازحين بـ23 هجوما، إضافة لعشرات الهجمات استهدفت مساجد وأفرانا ومعامل وأبنية عامة.
حملات تهجير
أدى تدخل الروس عسكريا، وتهديدهم بتدمير الأحياء الشرقية من مدينة حلب (شمال) عام 2016، إلى تهجير سكانها.
ثم انتقلت عدوى التهجير إلى ريف دمشق الغربي وأحياء دمشق الشرقية، في 2017، وكان 2018 عام التهجير بامتياز، إذ شمل الغوطة الشرقية والقلمون وأحياء دمشق الجنوبية بريف دمشق، وريف حمص الشمالي، إضافة للجنوب السوري، الذي يضم القنيطرة ودرعا.
وترافقت حملات التهجير مع قصف مكثف من الطيران الحربي الروسي، ووصفت الأمم المتحدة موجات النزوح التي شهدها الشمال السوري خلال الحملة العسكرية للنظام العام الماضي، بأنها الأكبر في تاريخ سوريا، حيث أُجبر أكثر من 1,182,772 مدنيا على ترك منازلهم والهرب من الموت خلال 2019.
فيما بلغ عدد النازحين، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 وحتى نهاية شباط/فبراير 2020، أكثر من 1,037,890 شخصا، منهم من نزح أكثر من خمس مرات على فترات متفرقة، بالتزامن مع الحملات العسكرية التي شنها النظام وروسيا على مناطقهم في أرياف إدلب وحماة وحلب، بالإضافة إلى المدن القريبة من خطوط التماس، مثل أريحا وسرمين ودارة عزة والأتارب.
وتوجه نصف مليون نازح إلى مخيمات الشريط الحدودي مع تركيا، والتي كانت تضم نحو مليون نازح، ليرتفع العدد فيها إلى مليون ونصف مليون، بينما توجه القسم الآخر إلى ريفي حلب الشمالي والشرقي وعفرين واعزاز والباب وجرابلس.
تغيير ديمغرافي
منذ تدخلها العسكري، سعت روسيا إلى صياغة المشهد السوري بطريقة تمكنها من الإمساك بزمام الأمور.
واعتمدت على تفوقها الجوي، ودعم المليشيات الإيرانية على الأرض، واستخدام سياسة الأرض المحروقة، على نموذج "غروزني"، فاستطاعت قلب موازين القوى العسكرية لصالح النظام على حساب المعارضة.
بعد تحقيق التفوق العسكري، وبينما اتبع الإيرانيون سياسة تهجير السكان من أرضهم، حدثت أكبر عملية تغيير ديمغرافي في التاريخ الحديث، حيث دفعوا بالملايين من سكان الغوطة وحمص باتجاه إدلب، التي بقيت من حصة المعارضة.
وبالتزامن، أجرى الروس ما أطلقوا عليها "مصالحات"، وهي عملية إخضاع لمن رفضوا التهجير القسري لسلطة نظام الأسد.