الحكومات البرلمانية تجربة لم تنضج بعد

الصورة
قاعة مجلس النواب الأردني | Husna Images
قاعة مجلس النواب الأردني | Husna Images
المصدر

رغم التجربة البرلمانية الطويلة التي امتدت منذ عهد الإمارة عندما تشكَّل أولُ مجلس تشريعي في الأردن، لم نصل بعد إلى مفهوم الحكومة البرلمانية ، ويبدو أننا ما زلنا نحتاج إلى وقت إضافي لنصل إلى هذا المفهوم الذي ما يزال يثير جدلا بين مختلف الأوساط وبالذات الحزبية والبرلمانية.

تصريحات رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي، بقوله إننا نحتاج إلى 20 سنة لتشكيل الحكومة البرلمانية واختصارها إلى 10 سنوات بطلب من الملك، تضعنا أمام تساؤلات عديدة، هل أننا غير مهيئين في هذه الفترة لتشكيل حكومات برلمانية، أم أن التجربة الحزبية غير ناضجة، أو أننا لم نصل بعد إلى تحديد مفهوم للحكومات البرلمانية؟

نحتاج إلى تحديد مفهوم للحكومة البرلمانية

يؤكد الناطق الإعلامي باسم اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الدكتور مهند مبيضين لـ حسنى، أن تشكيل حكومة برلمانية في الأردن يحتاج إلى وقت، "كوننا نحتاج إلى تحديد مفهوم للحكومة البرلمانية"، لافتا إلى أنه يمكن الاسترشاد بالأوراق النقاشية لجلالة الملك.

ويسترجع مبيضين التجربة الأردنية في محاولة تشكيل حكومات برلمانية، الأولى كانت خلال عهد الإمارة فكان الوزراء في الحكومة ممثلون في المجلس التشريعي الذي كان في ذلك الوقت، والثانية كانت في عهد حكومة مضر بدران بعد التحول الديمقراطي عام 1989 وإجراء الانتخابات النيابية حيث تم اختيار مجموعة من النواب وزراء في حكومته، أما التجربة الثالثة فكانت عندما كلف الملك وفي نهج جديد لتشكيل الحكومات، رئيس الديوان الملكي آنذاك فايز الطراونة، بدء مشاورات مع الكتل النيابية من أجل اختيار رئيس وزراء جديد، ليقع الاختيار على الدكتور عبدالله النسور الذي كلف مرة ثانية لتشكيل حكومته في 2013-03-30.

الحكومات البرلمانية لا تحتاج إلى وقت طويل

النائب عمر عياصرة يرى أن الحكومات البرلمانية لا تحتاج إلى وقت طويل جدا، ولكنها تحتاج إلى جهد من كافة الأطراف وإلى مجتمع مدني ومؤسسات حزبية وآليات محددة ترسم الطريق في اتجاه الحكومات الحزبية.

وقال إن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تضع الآن مخرجاتها فيما يتعلق بقانوني الأحزاب والانتخابات، لافتا إلى وجود تحديات كثيرة في مجال تشكيل الحكومات البرلمانية، ومنها غياب الأحزاب في الأردن وبالتالي مطلوب العمل على انضاج العمل الحزبي.

وأكد العياصرة أن النضوج يأتي من خلال المشاركة الشعبية والمحلية فهو ليس بالأمر السهل ولكنه ليس مستحيلا، ويعتقد أن الحياة البرلمانية واجهت تشوهات عديدة في الأردن وبالذات من النخب السياسية.

التجربة البرلمانية

الأردن بدأ مبكرا في الحكومات البرلمانية، ففي عام 1923 شكلت لجنة ممثلة لمناطق الأردن كافة تقوم مهمتها وضع قانون للمجلس النيابي والانتخابات النيابية، لكن الظروف لم تكن مهيأة إلا في عام 1929 حيث تم انتخاب المجلس التشريعي الأول وجرت الانتخابات في بعض الدوائر بتاريخ 18/2/1929، وتم انعقاده في 2/4/1929 وأستمر لغاية 9/2/1931 بعد ما حل نتيجة عدم موافقته على ملحق الموازنة.

في عام 1989 بعد العودة إلى الحياة البرلمانية شكل مضر بدران حكومته وعرض على العديد من النواب ليكونوا وزراء في حكومته ومنهم جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا أكثر كتلة برلمانية منظمة داخل البرلمان ولكنها تجربة لم تستمر طويلا بعد تغيير قانون الانتخاب الذي فرض الصوت الواحد فيما بعد.

وعندما شكل الدكتور عبدالله النسور، حكومته الأولى في 11 تشرين الأول/أكتوبر عام 2012، كانت مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات النيابية، وبعد إجراء الانتخابات أراد الملك عبدالله الثاني، اتباع آلية جديدة في تشكيل الحكومات عندما كلف رئيس الديوان الملكي آنذاك فايز الطراونة، بدء مشاورات مع مجلس النواب انطلاق هذه التجربة فعمل على إجراء مشاورات مع الكتل النيابية من أجل اختيار رئيس وزراء جديد، ليقع الاختيار مجددا على النسور الذي شكل حكومته الثانية في 2013-03-30.

وتم إشراك الكتل البرلمانية في المشاورات التي شملت ثماني كتل نيابية هي: وطن والتجمع الديموقراطي للإصلاح والمستقبل والوعد الحر والوفاق والوسط الإسلامي والاتحاد الوطني والنهج الجديد وأعضاء المجلس الأمستقلين ليتم اختيار الدكتور النسور ويعيد تشكيل الحكومة من جديد.

تجربة الحكومة البرلمانية لم تنضج

يرى الدكتور مبيضين أن هذه التجربة لم تنضج، مثلما لم تنضج بعض التجارب السابقة في تشكيل الحكومات البرلمانية بالقدر الكافي مما يحتم البحث عن صيغ أفضل في هذا الوقت، فقد توقفت الحكومة البرلمانية التي كانت مطلبا برلمانيا وشعبيا، لتتحول إلى حكومة تكنوقراط عندما شكل هاني الملقي حكومته في العام 2016.

ويعتقد أننا في هذه المرحلة نحتاج إلى مفهوم جديد في تشكيل الحكومات البرلمانية، كأن تكون الحكومة البرلمانية التي تأتي بأكثرية حزبية وهي أصلا غير موجودة، لافتا إلى ان هناك 104 دول في العالم لديها حكومات برلمانية وبأشكال مختلفة.

نحتاج إلى وقت طويل لتشكيل حكومات برلمانية

واعتبرت النائب زينت البدول أن تشكيل حكومات برلمانية في الأردن يحتاج إلى وقت طويل لأن العمل الحزبي لم يكن شاملا على مستوى المناطق والمحافظات والفئات وانما يقتصر على نخب محددة .

وأكدت البدول لحسنى، أن الحكومة إذا كانت جادة في ترسيخ حياة حزبية فعليها تنظيم برامج توعوية في مختلف المناطق ،حتى يتم إزالة الخوف وتبديد أي توجسات تتعلق بذلك، كما أن علينا الاستعانة بتجارب الدول الأخرى الأكثر عراقة في التجربة الحزبية والبرلمانية .

ودعت إلى عدم الاستعجال بتشكيل حكومات برلمانية ، لأن هذه العملية تتطلب الانتقال اليها ضمن خطوات محددة.

 

 

00:00:00