أكد الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أهمية التوصل إلى وقف فوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأشار الطرفان إلى
المقاطعة.. سلاح لضرب داعمي الاحتلال ورافعة للاقتصاد الوطني
استخدام المقاطعة كأداة فعالة في التعبير عن الاحتجاج ضد سياسات دولة معينة يعكس نهجا سلميا وفعالا للمواطنين في التعبير عن رفضهم للتصرفات أو السياسات غير المقبولة من الدول، وإن اتخاذ قرار المقاطعة للمنتجات أو الخدمات أو حتى الفعاليات الاقتصادية أو الثقافية يعكس تحركا فرديا أو جماعيا يهدف إلى إيصال رسالة واضحة إلى حكومات الدول بشأن مواقف الجمهور وتوقعاته.
وتستند فكرة المقاطعة إلى الاعتقاد بأن تأثير الجماهير المتحدة يمكن أن يكون قويا جدا، حيث يمكن للمستهلكين والمواطنين توجيه رسالة قوية إلى الحكومة أو الكيان الذي ينتهج سياسات تثير الاستياء والغضب، إذ إن المقاطعة يمكن أن تؤثر على الاقتصاد والصناعة، مما يدفع تلك الحكومات والكيانات التي ترتكب انتهاكات وجرائم إلى إعادة النظر والتوقف عنها.
واستخدم الأردنيون سلاح المقاطعة مرات عدة أبرزها عام 2020 عندما أعلنوا المقاطعة للمنتجات الفرنسية، استجابة لحملة نصرة لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد إصرار باريس على نشر رسومات كاريكاتيرية تنال من مقام نبينا الكريم فضلا عن إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن تلك الرسومات حرية تعبير.
واستجابت المراكز التجارية في الأردن وقتها لدعوة المقاطعة في وقت قياسي لا سيما بعد إصرار فرنسا على نشر الرسومات المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والتي نشرتها ابتداء مجلة "شارلي إيبدو" 2006، بعدما نشرتها صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية في 30 أيلول 2005.
الأردنيون يشهرون سلاح المقاطعة دعما لغزة
وما إن شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، حتى انطلقت في الأردن حملات تدعو إلى المقاطعة للشركات والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما بدا جليا في انحسار رواد العديد من المطاعم والمقاهي التي أصبحت شبه خالية.
وأخذت رقعة حملات المقاطعة تتسع في مختلف المحافظات الأردنية. كما أخذت الدعوات تنتشر لاستخدام المنتجات المصنعة محليا بدلا من منتجات تلك الشركات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بدأ الأردنيون يحثون بعضهم على المقاطعة لمنتجات شركات الدول التي تدعم الاحتلال ماليا أو سياسيا.
وإزاء تلك الحالة تبرز تساؤلات عدة عن مدى قدرة المنتجات الوطنية على تلبية رغبات الأردنيين ومنافستها للمنتجات الأجنبية من حيث الجودة والسعر؟ وكيف سينعكس الإقبال على شراء المنتجات المحلية على الاقتصاد الوطني؟ وهل إنتاجنا من تلك السلع قادر على تغطية حاجة السوق المحلي؟
اقرأ المزيد.. ملاجئ ومخزون من الغذاء والطاقة.. هكذا يستعد الأردن للتعامل مع سيناريو حرب
القصراوي: الصناعات الوطنية قادرة على تغطية احتياجاتنا
أمين سر غرفة صناعة عمان تميم القصراوي أكد أن الصناعات الوطنية الأردنية قادرة على تغطية احتياجات السوق المحلي بدرجة كبيرة.
وقال القصراوي لـ حسنى إنه لا توجد دولة في العالم تستطيع منتجاتها الوطنية تغطية احتياجاتها بنسبة 100%، إلا أن الصناعات المحلية قادرة على تغطية حاجات المستهلكين، وتوفر بدائل عالية الجودة.
ولفت القصراوي إلى جهود جعل المنتجات الأردنية هدفا للمواطن الأردني والمستهلك بشكل عام، وأشار إلى برنامج "صنع في الأردن" الذي أطلقته غرفة صناعة عمان بالتشارك مع مؤسسات حكومية وعامة، بهدف بناء علامة للمنتج الأردني المتميز وتوليد الثقة بجودة المنتج الأردني محليا وخارجيا.
وليصبح المنتج الأردني خيارا مفضلا للمستهلك من خلال تعظيم وعيه بجودة المنتجات الصناعية الأردنية وتحفيزه لشراء المنتجات الأردنية بدلا من المنتجات المستوردة وتعزيز قدرات الصناعة الأردنية وتنمية صادراتها للوصول بها إلى آفاق جديدة.
وبين القصراوي أن الموقع الرسمي للبرنامج يقدم شرحا كاملا عن أهمية الصناعة المحلية، ويقيم معارض دولية لعرض المنتج الأردني وتسويقه على الصعيد العالمي، كما أن الموقع يتضمن قائمة بأسماء المصانع الوطنية ويشتمل على أسماء معظم الصناعات التي تمت صناعتها داخل المملكة، بحيث يستطيع المقاطع الباحث عن أسماء المنتجات المحلية التعرف عليها بسهولة.
شراء المنتج المحلي يعود على الدولة بنحو 60٪ من قيمته
وبحسب القصراوي فإن الصناعات المحلية تسهم بتحريك العجلة الاقتصادية للدولة؛ نظرا إلى أن الصناعات تمثل سلسلة متكاملة من الخطوط الإنتاجية؛ فهي توظف الأيدي العاملة وتشغل خطوط النقل، وتدفع الضرائب وتستهلك الطاقة، وغير ذلك.
القصراوي بين لـ حسنى أن القيمة المضافة للدولة من الصناعات المحلية تتراوح ما بين 35-60% حسب الصناعة، في حين يتراوح العائد الخاص بالمنتج المستورد ما بين 8-14%.
وقال إن الصناعة تقوم على سلسلة متصلة وطويلة من الإنتاج والقطاعات المشغلة بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ إن حجم العمالة التي توفرها المصانع تزيد عن أي قطاعات أخرى.
وبين أن العمليات التي ترتبط بالصناعة الوطنية من توظيف أيدي عاملة وشراء مواد خام وإنتاج سلع وتغليفها ونقلها وبيعها تؤدي إلى إنتاج قيمة مضافة للدولة تتراوح ما بين 36-60%
وعلى سبيل المثال:
"شراء منتج صناعة محلية بدينار واحد يعني أن 35 إلى 60 قرشا من ذلك الدينار يدفع داخل الأردن ويدور بين المواطنين خلال عملية إنتاج السلعة وتستفيد منه قطاعات متعددة، في حين أن شراء منتج مستورد بدينار واحد يعني أن 8 إلى 14 قرشا فقط تكون قد دفعت داخل الأردن واستفادت منها الشركة المستوردة والبائع".
الصناعة توظف الأيدي العاملة أكثر من أي قطاع آخر
وتلعب الصناعة دورا بارزا في تشغيل مختلف القطاعات الاقتصادية وتوفير فرص العمل وزيادة العائد للدول، أمين سر غرفة صناعة عمان تميم القصراوي أشار إلى أن قطاع الصناعة يمتص نسب بطالة أكبر من أي قطاع آخر في العالم. وتابع:
"المصنع الذي ينتج سلع بقيمة 100 ألف دينار ويبيعها يحتاج وفق الدراسات من 15-16 عاملا، إلا أن الشركات المستوردة تحتاج لعاملين فقط لتحقيق مبيعات بقيمة 100 ألف، لأن القيمة المضافة للمنتج تجعلنا بحاجة إلى عمالة أكبر".
وأشار إلى أن جائحة كورونا تسببت بتوقف غالبية خطوط الإمداد للتجارة العالمية، مما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة لعل أبرزها مفهوم الأمن الغذائي للدول، حيث لا يمكن الوصول إلى الأمن الغذائي من دون امتلاك منظومة صناعية داخلية قوية، وفق القصراوي.
وذكر أن سمعة المنتج الوطني الأردني في دول العالم أفضل من سمعته على المستوى الداخلي، داعيا المواطنين إلى زيارة المصانع الأردنية والاطلاع على أساليب الإنتاج المتبعة وشهادات الجودة التي تملكها تلك المصانع.
اقرأ المزيد.. ماذا يعني أن يكون الأردن مركزا للأمن الغذائي في المنطقة؟
دورات تدريبية وشهادات بريطانية للعاملين في المصانع
وقال القصراوي إن غرفة الصناعة لديها أذرع ممتدة مع الهيئة العامة، حيث يعد معهد إيجابي أحد تلك الأذرع، ويوفر هذا المعهد عملية تدريب في القطاع الصناعي على مختلف النظريات الإدارية والجودة.
وبين أن المعهد سيمنح المتدربين شهادات صادرة عن الجامعات البريطانية خلال الفترة المقبلة، حيث توفر هذه الدورات برسوم مخفضة، ويتم تحديد نوعيتها وفقا لحاجة المصانع.
كما توجد لدى غرفة الصناعة وحدة تشغيل بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي "JIZ" تعمل على تسجيل أسماء الباحثين عن عمل وتسعى إلى ربطهم مع المصانع التي يوجد لديها شواغر وظيفية.
وأضاف:
"تمتلك الغرفة مركز "جو باك" للتصميم والابتكار والتغليف، والذي يعد أحدث مركز في الشرق الأوسط، حيث يساعد هذا المركز أصحاب المصانع الذين يحتاجون لتصميم وتغليف منتجاتهم، ويقوم العاملون بالمركز بتصميم التغليف المناسب للمنتج ويقدمون طبعة تجريبية لصاحب المصنع، كما يخضعون النسخة لمجموعة من الفحوصات والتجارب التي تنتج أفضل منتج".
المنتجات الأردنية تصل إلى 144 بلدا
وتقول الأرقام إن منتجاتنا الوطنية تصل إلى 144 بلدا، كما أن القطاع الصناعي ينتج 1500 سلعة فيما تصل حصة الصناعة إلى 46% من السوق المحلية وتبلغ قيمة الإنتاج القائم 17 مليار دينار، ويصل عدد السلع التي تم تصديرها نحو 1400 سلعة.
ويوجد في الأردن حوالي 17 ألف منشأة صناعية، باستثمار يقدر بنحو 15 مليار دينار، توفر قرابة 260 ألف فرصة عمل، وتصل مساهمة الصناعة بالناتج المحلي الإجمالي إلى ما نسبته 25%.
ولا تقتصر فوائد الاعتماد على الصناعات المحلية على سد حاجات سوقنا المحلية، بل أيضا زيادة إنتاج المصانع وتوسيع استثماراتها وخلق فرص عمل للأردنيين حيث وصلت نسبة البطالة إلى 21.9% فضلا عن تعزيز الاحتياطي الأردني من العملات الأجنبية عبر تصدير السلع.
ما هو المطلوب من الحكومة؟
والحكومة الأردنية مطالبة اليوم بضرورة وضع برامج وخطط لدعم الصناعة الوطنية ودعم تنافسية منتجاتها محليا وخارجيا أكثر من أي وقت مضى، وذلك من خلال إعادة النظر بكلف الإنتاج والعمل على تخفيضها خصوصا "الطاقة" والتي تشكل قرابة 40% من كلف الإنتاج في بعض الصناعات الوطنية.
كما يجب على الحكومة تحفيز الاستثمار في القطاع الصناعي وزيادة الإنتاج لتحقيق مبدأ الاعتماد على الذات وسرعة إيصال الغاز إلى التجمعات الصناعية والحد من تزايد مستوردات سلع يوجد لها مثيل محلي قادر على تلبية احتياجات المستهلكين وتشديد تطبيق قرار حصر المشتريات الحكومية من الصناعة الوطنية.
اقرأ المزيد.. حملات لمقاطعة العلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي