أعاد مجلس الأعيان اليوم الثلاثاء، مشروع قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022 إلى مجلس النواب، منسبا بإجراء تعديلات على المواد 10 و31 و 40. ورفض
بدر ماضي: الأردني لم يغب يوما عن السياسة وللتدرج معنى آخر
التثقيف والتجنيد السياسي يجب أن يبدأ في الجامعات والمدارس
قال أستاذ العلوم السياسية د. بدر ماضي أن الأردني لم يغب يوما عن العمل السياسي وأن الدعوة إلى التدرج في الإصلاح يجب أن يتضح معناها، وأضاف ماضي في حديثه لـ حسنى أمس الأربعاء أن مفهوم التدرج لا ينبغي أن يصوغه المحافظون في الدولة الذين لا يريدون إصلاحا حقيقيا.
على الأردني أن يقرأ تاريخه
وحذر ماضي من فقدان الذاكرة وانقطاع تواصل الأردني مع تاريخ دولته، فقد انتزع الأردني حقه في البرلمان في دستور 1928 وجرت أول انتخابات برلمانية عام 1929، وعرف البرلمان الأردني في الخمسينات تشكيل حكومة حزبية برئاسة سليمان النابلسي عن الحزب الوطني الاشتراكي.
فلا يقبل أن يقال أن الأحزاب الأردنية غير واعية أو أن الإنسان الأردني الذي يهتم بالقضايا السياسية والإنسانية غير قادر على ممارسة العمل السياسي الديموقراطي رغم تجميد الأحزاب لمدة طويلة.
وأشار إلى أن النظام في الأردن متجه إلى الملكية الدستورية أكثر منه إلى الملكية المطلقة التي تضع الحكم في يد فرد واحد.
الحكومة البرلمانية فشل أم نجاح
وتتشكل الحكومات البرلمانية في الملكيات الدستورية بتكليف الملك للأغلبية في البرلمان سواء كانت حزبا أو تآلفا من الأحزاب أو المستقلين، بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو حتى الأيديولوجي إذا توافقوا فكريا على كيفية إدارة الدولة.
ويعد تشكيل حكومة برلمانية تحديا صعبا للديموقراطية في دول مختلفة، فقد تنشأ حالة استعصاء سياسي في حال فشل البرلمان في تشكيل ائتلاف ذو أغلبية يشكل الحكومة، إلا أن ماضي يرى أن النظام الملكي ومرونة النظام السياسي في الأردن يشكل ضمانة تمنع تعطل الحياة السياسية.
بين التجنيد السياسي وشيطنة الأحزاب
قد لا تكون الديموقراطية دائما الحل الأمثل للاستقرار السياسي والعدالة، لكن د. بدر يؤكد على أهمية خوض التجربة الإصلاحية الديموقراطية لإنضاجه بالتدريج ولكن ليس على طريقة المحافظين في الدولة " الذين لا يريدون إصلاحا حقيقيا".
وقال بأنه لا يمكن القول بالتدريج الذي يعتبر الأحزاب ضعيفة وغير قادرة على العمل السياسي، كما ينبغي عدم شيطنة الأحزاب،
ودعا إلى ما أسماه "التثقيف السياسي والتجنيد السياسي" الذي بحسب ماضي يجب أن يبدأ في المدارس والجامعات. فالعمل الحزبي ليس عيبا أو شرا مطلقا وليس بالضرورة تخندقا وليس بالضرورة انتماء تنظيميا رسميا لحزب ما.
ففي أمريكا ،يضيف ماضي، يكفي أن تناصر مرشحا ما سواء كان في الحزب الديموقراطي أو الجمهوري أو قد يكون مستقلا، المهم أن تناصر من تعتقد أنه يقدم البرنامج السياسي والإداري الأفضل.
التجربة تنضج بالتجربة
ويرى ماضي أن التجربة لا تنضجها إلا التجربة ويعتقد أن إعطاء الأحزاب في البرلمان كوتا بنسبة 30% كما يريدها الملك أمر يمكن البدء به إضافة إلى نسبة الحسم( أو العتبة الانتخابية ) بنسبة 1% يصل عليها الحزب للمنافسة بالفوز بالنتخابات وتشكيل الحكومة البرلمانية.
وتضمن نسبة الحسم عدم هدر أصوات الناخبين الذين لا يفوز مرشحهم حيث توزع على بقية الأحزاب الفائزة بنسب تزيد من تنافسيتها، ما يؤدي إلى غلق ما أسماه " الدكاكين السياسية" بشكل تلقائي، مشيرا إلى الأحزاب التي تؤسس دون قدرة على ممارسة العمل السياسي أو إقناع الناخب بجدواها أصلا.
تبديل النخب السياسية ممكن
يصر ماضي على قدرة الدولة الأردنية على التنوع وتبديل النخب السياسية القادرة على وضع برامج سياسية تعمل على تطوير البلد وإدارة شؤونه تتكتل في أحزاب وتيارات وتخوض الانتخابات وتشكل الحكومات البرلمانية، الأمر الذي تخشاه قوى الشد العكسي التي لا تريد الإصلاح وتخشى التنوع والثراء السياسي وتحاول أن تعيق العملية الإصلاحية.
ويذكر ماضي بالنخب السياسية التي عرفها الأردن في تاريخه السياسي القديم والممارسة السياسية المتقدمة التي كان عليها الإنسان الأردني في بداية تأسيس الإمارة، ويقدم الراحل يعقوب زيادين البدوي الشيوعي المسيحي ابن الكرك الذي ينجح في القدس في الثلاثينيات مثالا.
وسليمان النابلسي من الحزب الوطني الاشتراكي الذي شكل أول حكومة برلمانية في الخمسينيات، ولمن لا يقرأ التاريخ الأردني فعليه قراءته من جديد ليعلم أن الشعب الأردني شعب واع ناضج ويستطيع إنتاج التجربة من جديد، بما يخدم الدولة الأردنية نماء وتطوير واستقرارا بوجود الملك ضامنا للسلطات.