تأثيرات طوفان الأقصى: هدم لصورة "إسرائيل" وتحديات للأردن والمنطقة

الصورة
من العملية العسكرية الفلسطينية في الأراضي المحتلة «طوفان الأقصى»
من العملية العسكرية الفلسطينية في الأراضي المحتلة «طوفان الأقصى»

يجمع كثير من المحللين على أن معركة طوفان الأقصى التي أطلقت شرارتها كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" يوم الـ 7 من تشرين الأول 2023، ستؤدي إلى تبعات وتغيير في المنطقة بشكل واضح وكبير، وتبعات هذه المعركة غير المسبوقة في تاريخ دولة الاحتلال الإسرائيلي ستكون لها تداعيات، ولن تقتصر على شكل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنما ستمتد إلى كامل منطقة الشرق الأوسط التي ستتغير فيها بعض قواعد الصراع.

مشهد كبير ومعقد في الشرق الأوسط

وفي تقييم شامل للتطورات في منطقة الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، محمد أبو رمان، في لقاء مع حسنى إن المشهد الراهن كبير ومعقد للغاية، خصوصا أن حركة حماس قد هزمت جيش "إسرائيل" في ساعات وهدمت نظرية الردع الإسرائيلية. 

حديث أبو رمان يؤكد أن ما قبل السابع من تشرين أول 2023 ليس كما بعده، وذلك على الرغم من أن المعركة ما زالت مستمرة لليوم الـ 34 على التوالي، إذ إن المعركة خلطت الأوراق حيال المنطقة التي اتجهت في الآونة الأخيرة نحو تعزيز اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وتسويق الاحتلال على اعتبار أنه شريك إقليمي عبر دمجه بمشاريع اقتصادية كبيرة دون أن يكون ذلك مرتبطا بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية التي أعادتها حركة حماس عبر طوفان الأقصى لتتصدر الواجهة بعد أن تذيلت قائمة الاهتمام العربي والعالمي خلال السنوات الأخيرة. 

طوفان الأقصى عطلت في الوقت الراهن تقدم دول إقليمية نحو التطبيع كالمملكة العربية السعودية، لكن يبقى السؤال إذا ما كانت الرياض ستتخلى عنه على المدى الطويل؟ 

اقرأ المزيد.. مقابلة الباحث عريب الرنتاوي حول شكل المنطقة بعد معركة الـ 7 من تشرين الأول

طوفان الأقصى هدمت صورة الاحتلال

وأضاف أبو رمان أن معركة طوفان الأقصى هدمت ثلاثة محاور أساسية مرتبطة "بإسرائيل": 

  • أولا: هزيمة جيشها خلال ساعات، ونسف نظرية الردع الإسرائيلية والتي كانت تبنيها خلال العقود الماضية.

  • ثانيا: وهي النقطة الأخطر بالنسبة للاحتلال، وهي ضرب صورة "إسرائيل" من الداخل، والتي كانت تصدرها للإعلام بأنها واحة من الأمن والاستقرار، وقوة الردع. 

  • ثالثا: اهتزاز صورة "إسرائيل" بالمنطقة العربية، إذ أصبحت صورتها أكثر ارتباطا بالمشروع الصهيوني والسياسات الأمريكية الكبرى.

إبادة جماعية ومخطط تهجير قسري

وفيما يتعلق بالتطورات الميدانية في قطاع غزة، أشار أبو رمان إلى أن العدوان الوحشي الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الأبرياء قد تجاوز مرحلة المجازر وانتقل إلى ارتكاب حرب إبادة جماعية، فلم يبق شيء لم يتم استهدافه ولم يبق مكان آمن في غزة، وكل ذلك بغطاء من واشنطن والدول الغربية التي قدمت الدعم الكامل وعلى كافة المستويات للاحتلال لارتكاب تلك الجرائم.

تأثيرات خطيرة على الأردن 

ويبدو أن تل أبيب فهمت ذلك الدعم كضوء أخضر نحو تنفيذ مخططاتها ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط بل بتعديها إلى دول الجوار وأولها الأردن، وعليه حذر محمد أبو رمان من خطورة إمكانية إعطاء شرعية غير مباشرة "لإسرائيل" لتنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية بهدف تهجير الفلسطينيين قسرا والدفع بهم تجاه الأردن تنفيذا لطموحاتها بأن يكون الوطن البديل. 

كما تسعى حكومة بنيامين نتنياهو إلى دفع الغزيين إلى سيناء المصرية عبر تهجيرهم قسرا بعد إنهاء حركة حماس حسب ما تسعى إليه تل أبيب. 

اقرأ المزيد.. مساع لتهجير الغزيين وأهداف مستقبلية لتدمير مصر.. هذا ما تخبئه "إسرائيل"

وحذر أبو رمان من أن إنهاء حركة حماس سيفرض شروط تسوية خطيرة على المنطقة ومنها الأردن، مؤكدا أن تلك الشروط تنطلق من صفقة القرن، وهذا ما سيضر بالمصلحة الأردنية العليا وسيؤثر على المعادلة الداخلية في المملكة. 

وبين أبو رمان أن سياسيين أردنيين كانوا يستبعدون تطبيق مشروع الوطن البديل قبل السابع من تشرين أول المنصرم، لكنهم اليوم يرونه أمامهم. 

وفي ضوء الموقف الواضح للأردن من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أكد خلاله الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي بأنه عدوان غاشم وجرائم إبادة بحق الفلسطينيين، رافضين اعتباره دفاعا عن النفس من قبل "إسرائيل" يبقى موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باهتا إزاء ما يحدث، وخصوصا بعد التسريبات التي نشرتها بعض الصحف الأمريكية الرئيسية والتي أظهرت أن عباس أبدى استعداده لحكم غزة شريطة وجود حل سياسي وسلمي. 

أبو رمان يرى بأن موقف عباس ما يزال مقلقا وليس مطمئنا أبدا، وأضاف أن الحقيقة تقول إنه إذا أنهيت حركة حماس في غزة فإن عباس لن يستطيع الحكم لا في غزة ولا في الضفة الغربية، وإن القبول بذلك المخطط سيعطي شرعية غير مباشرة وبشكل خطير وضوءا أخضر للإسرائيليين للمضي قدما في مخططاتهم للضفة الغربية؛ وأحدها التهجير القسري نحو الأردن وتحقيق ما يعرف بالوطن البديل. 

وأضاف أن ما بعد حماس سيكون تحديا صعبا للغاية، حيث سيتعين إلغاء وكالة الأنوروا وحق العودة، وعدم الاعتراف بالنازحين، مما يشكل تحديات كبيرة للمنطقة. 

وفيما يتعلق بحل الدولتين، أكد أبو رمان أنه أصبح غير ممكن في الوقت الحالي، وإذا لم يتحقق مع وجود حماس، فإنه يصبح مستحيلا في مرحلة ما بعد حماس.

الموقف الأمريكي "ضحك على الذقون" ولا شيء منتظر من القمة العربية

وحول قراءته لتغير التصريحات الصادرة عن واشنطن التي ما زالت ترفض أي وقف لإطلاق النار، قال أبو رمان إن تخفيف حدة التصريحات الأمريكية هو "ضحك على الذقون". 

الموقف الأمريكي لم يتغير، ولكنه يحاول التلاعب بسبب تحولات الرأي العام الأمريكي وتحولات في بعض القيادات الديموقراطية فقط، لأنه في الوقت نفسه موّل تسليح المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، إضافة للدعم العسكري اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي. 

تتبنى واشنطن خطاب شيطنة حركة حماس وتضعها على لوائح الإرهاب، الأمر الذي يجد فيه أبو رمان مفارقة؛ حيث لا يمكن مقارنة قوائم الإرهاب الأمريكية بخصوص داعش بحركة حماس فهي حركة تحرر وطني مرتبطة بسياق اجتماعي وثقافي عربي وإسلامي، ولها عشرات الملايين من المناصرين في العالم، وهذا قد يؤدي إلى صدام حضارات. 

ولفت أبو رمان إلى أن العالم الغربي يجب أن يخاف من موجة جديدة من التطرف بعد تماهيه الواضح مع "إسرائيل" والدفاع المستميت عنها؛ لأن العديد من الشباب قد تغذى على حالة الاحتقان والإحباط بسبب دعم الغرب غير المشروط "لإسرائيل" لارتكاب مجازرها في غزة. 

وحول توقعاته عن ما سينتج عن مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في العاصمة الرياض في 11 من الشهر الجاري، أعرب أبو رمان عن عدم توقعه لأي تحركات أو قرارات عملية من القمة.

اقرأ المزيد.. هل تنجح القمة العربية الطارئة بوقف العدوان على غزة؟

ماذا بعد طوفان الأقصى؟ | مقابلة الباحث والكاتب محمد أبو رمان

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00