تشهد مبيعات السيارات الكهربائية في الأردن نموا لافتا مؤخرا، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، والذي شكل حافزا للمواطنين لاقتناء السيارات الهجينة
الخبير هاشم عقل يتحدث لـ حسنى عن المشتقات النفطية وحلول تخفيض أسعارها
اعتبر الخبير الاقتصادي هاشم عقل أن التركيز الإعلامي على قضية الكاز غير مبرر، وذلك بسبب محدودية استخدام الكاز بالأردن، إذ أن الأرقام تشير إلى أن مادة الكاز تمثل 0.5% فقط من استهلاك الأردنيين للمحروقات، مبينا أن أكثر وسيلة للتدفئة تستخدم بين الأردنيين هي أسطوانات الغاز المنزلية وبنسبة تصل إلى 93%.
قضايا عديدة عن المشتقات النفطية
قضايا عديدة تتعلق بالنفط وآلية تسعير المشتقات النفطية وتكاليفها عالميا وما يفرض عليها من ضرائب والسقوف السعرية التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة لتحرير أسعار المشتقات النفطية يجيب عليها الخبير عقل في هذا اللقاء مع حسنى :
- ما الفرق بين سعر الغاز المعبأ باسطوانة الغاز وبين الغاز المركزي الذي يوزع من خلال صهاريج تتبع شركات خاصة؟
اسطوانة الغاز تحتوي على 12.5 كيلو من الغاز المسال، ووزنها فارغة 17 كيلو، ويبلغ سعر اسطوانة الغاز 7 دنانير وهو سعر ثابت منذ عام 2015 لغاية اليوم، هذا يعني بأن تكلفة الكيلو من الغاز 56 قرشا، بينما يعتمد سعر الغاز المركزي الذي يوزع من خلال صهاريج الغاز ويعبأ في خزانات الغاز الموجودة بالمطاعم والفنادق والفلل والإسكانات على الأسعار العالمية، وسعر الطن من هذا الغاز يبلغ حاليا 669.5 دينار إضافة إلى أجور النقل، حيث تصل كلفة الكيلو إلى 69.5 قرش، أي أن سعر الغاز باسطوانة الغاز المنزلية أقل من سعر الغاز المركزي بنحو 13.5 قرشا.
- أيهما أعلى سعرا الغاز المنزلي؟ أم الغاز المركزي الذي يعبأ للشركات والمصانع والفنادق؟
الغاز المركزي المعبأ من خلال الصهاريج أعلى بكثير من الغاز المعبأ باسطوانات الغاز المنزلي، ويعود سبب ذلك للدعم الحكومي الموجهة لاسطوانة الغاز المنزلي، والذي وصل في بعض الفترات السابقة إلى 5 دنانير و31 قرشا، كما وصل مجمل الدعم المقدم لاسطوانة الغاز في عام 2021 إلى ما يقارب 82 مليون دينار، في حين بلغت قيمة الدعم لغاية شهر 9 من هذا العام 102 مليون دينار.
- ما رأيك بقرارات الحكومة تثبيت المشتقات النفطية في وقت سابق؟
أخطأت الحكومة عندما قامت بتثبيت أسعار المشتقات النفطية لفترة طويلة، واعتبرته كدين على المواطن ولكنها أرادت استرداده فيما بعد، متوقعا انخفاض أسعار النفط وعودتها لمعدلاتها الطبيعية، ولكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، فالمؤشرات العالمية اليوم تشير إلى أن أسعار البترول سوف تبقى في معدل 90 إلى 100 دولار للبرميل، وسبب الارتفاع بهذه الأسعار هو اتفاق مجموعة "أوبك بلس" والتي تمثل 42% من إنتاج العالم من البترول على استغلال الأوضاع الحالية قبل الوصول لعام 2030، وهو عصر ما بعد النفط لتحقيق أعلى إيرادات ممكنة.
أيضا هناك غضب عالمي على منظمة "أوبك بلس" التي أصبحت تسيطر على الأسواق، وهناك معاناة شديدة من جميع شعوب العالم، حتى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قامتا برفع أسعار الطاقة خاصة مادة الغاز التي تضاعف سعرها 7 مرات، وبدأتا بالاعتماد أكثر على مشتقات البترول مما زاد الطلب وأدى لرفع الأسعار، والأردن جزء من هذا العالم أيضاً ومن الطبيعي أن يتأثر بمثل هذه الارتفاعات.
- لماذا تم توحيد سعري الكاز والديزل؟
يعود ذلك لقيام بعض الباعة في أوقات سابقة بخلط مادتي الديزل مع الكاز، ورغم محاولات عديدة من الحكومة لوقف هذه الظاهرة، إلا أنها أصبحت ظاهرة مزعجة، وبالتالي تم تثبيت سعري الكاز والديزل بنفس السعر.
ومعروف عالميا، بأن سعر الكاز، أغلى قيمة من سعر الديزل، والكاز في معظم دول العالم لا يستعمل للتدفئة، بل يستعمل كوقود للطائرات.
- ما هو أكثر مشتق نفطي يستخدم بالتدفئة بالأردن؟
التركيز الإعلامي على قضية الكاز غير مبرر، وذلك بسبب محدودية استخدام الكاز بالأردن، حيث تشير الإحصاءات إلى أن مادة الكاز تمثل 0.5% فقط من استهلاك الأردنيين للمحروقات، باستخدام 4 مليار لتر من المحروقات، منها 2 مليار لتر من الديزل، و120 مليون لتر من الكاز فقط، يذهب قسم كبير منها للاستعمال الصناعي وليس المنزلي.
أكثر وسيلة للتدفئة تستخدم من الأردنيين وبنسبة 93% من وسائل التدفئة هي أسطوانات الغاز المنزلية، حيث يصل استهلاك أسطوانات الغاز المنزلي خلال المنخفضات الجوية يوميا إلى 200 ألف أسطوانة، في حين يصل الاستهلاك في أيام الصيف إلى 70 ألف أسطوانة يوميا.
- ما هي الحلول المقترحة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية في الأردن؟
تكاليف المشتقات النفطية بالأردن مرتفعة ومن أسباب ذلك، الضريبة المقطوعة والمفروضة على كل صنف من أصناف المشتقات النفطية، وهذا هو البند الوحيد الذي نستطيع التعامل معه محليا، لتخفيض الأسعار، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تستطع التأثير على مجموعة "أوبك بلس" لتخفيض الأسعار وزيادة الإنتاج.
والحكومة تدرس حاليا تطبيق بند السقوف السعرية ضمن قانون تحرير المشتقات النفطية، ويعني هذا وضع سقف سعري لكل مادة من المحروقات، وخلق تنافس محلي بين الشركات يستفيد منه المواطن، ومن المتوقع تطبيقه بداية العام المقبل، وهو الآن مطبق تحت الدراسة والتقييم، وهناك خلاف فني بخصوص تكلفة الإنتاج بين المحلي والمستورد.
أما المرحلة الثانية، والتي تسعى الحكومة لتطبيقها هي مرحلة انتقالية بين مرحلة وضع سقوف سعرية وبين تحرير أسعار المشتقات النفطية بشكل كامل، وهذا يعني أن لا تتدخل الحكومة في أسعار المشتقات النفطية، وأن تترك السوق حراً لينافس بعضه البعض، وتكتفي الحكومة بتقاضي الضريبة، وبالتالي سوف يستفيد المواطن بحيث تتغير أسعار المحروقات كل يومين أو ثلاث.
هناك عدد قليل من شركات توزيع المحروقات بالأردن، وهي 3 شركات، بينما في لبنان التي يبلغ عدد سكانها 7 مليون نسمة، فيها 76 شركة توزيع محروقات، و3100 محطة توزيع محروقات، وفتح الباب لشركات الطاقة للاستثمار بهذا المجال سوف يعزز إيرادات الحكومة من الضريبة، ويقلل من نسب البطالة.
- هل يمكن لشركات التوزيع الثلاث الاتفاق لاحتكار السوق؟
استبعد بعض الشائعات التي تتحدث عن احتكار الشركات الثلاث للسوق، وأعتقد بأنها تفتقر للمصداقية، فالسياسة الداخلية لهذه الشركات تؤكد أنها ملتزمة بالقانون، وليس لديها أي نيّة لمخالفة القانون وذلك بسبب تبعات ذلك من الخسائر المالية في حال سحب الترخيص الممنوح لها من قبل وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة، بالإضافة إلى الرقابة الصارمة التي تقوم بها الوزارة لهذا القطاع.
- كيف يمكن التعامل مع التغير المستمر لأسعار البترول، وربطه بالضريبة؟
بعض الدول تقوم باعتماد طريقة السعر المرجعي للبترول في احتساب الضريبة المناسبة للمواطنين، وتتم عن طريق تثبيت سعر برميل البترول عند 60 دولار مثلا، وعند ارتفاع سعر البترول يتم تخفيض الضريبة، وعند انخفاض الأسعار يتم زيادة الضريبة، بحيث تصبح الضريبة مرنة ومناسبة للمواطنين.
- ما هي الحلول المقترحة لتخفيض الضريبة المقطوعة على المشتقات النفطية؟
أدعو الحكومة لتخفيض الضريبة المقطوعة على المشتقات النفطية، لأن ذلك سوف يحقق الفائدة الاقتصادية للمواطن والحكومة في نفس الوقت، فهناك مقولة اقتصادية بأن الضريبة المرتفعة تقلل الإيرادات الضريبية، والضريبة المنخفضة تزيد الإيرادات الضريبية.
فتخفيض الضريبة سوف يسهم في توفير من 50 – 100 دينار من مصروف المواطن الأردني،ومن هذا التوفير يقوم بشراء سلع أخرى، تحقق عوائد ضريبة أخرى للحكومة، بمعنى أن الوعاء الضريبي يظل ثابتا، وأن ما تغير هو فقط مصدر إيراد هذه الضريبة.
- هل تخفيض الضريبة على بنزين 95 سوف ينعكس على الإيرادات الضريبية الحكومية وعلى المواطن؟
إذا قامت الحكومة بتخفيض ضريبة بنزين 95، وهي بالمناسبة ضريبة مرتفعة جداً، من 57 قرشا إلى 40 قرشا وبفارق 30 قرشا فقط، سوف يتجه معظم أصحاب السيارات إلى استخدام بنزين 95 بدلاً من بنزين 90، مما سوف يحقق عوائد ضريبية أعلى للحكومة، لأن 90% من السيارات في الأردن تعتمد بنزين 95 ولكن المواطنين لا يستطيعون استعماله بسبب سعره المرتفع، وتخفيض الضريبة عليه سوف يسهم في إدامة العمر التشغيلي لهذه السيارات وتقليل كلف الصيانة، حيث تبلغ الضريبة المحصلة من بنزين 95 ما يقارب 169 مليون دينار من مجمل 1.2 مليار دينار إيرادات الضريبة المقطوعة على المشتقات النفطية.
- كيف يمكن تخفيض المديونية من خلال السيارات الكهربائية؟
إذا اعتمد الأردن على السيارات الكهربائية بشكل كامل، سوف يحقق فائض بالموازنة العامة، وذلك من خلال توفير مبلغ 3.6 مليار دينار يتم دفعها ككلفة لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج والتي تمثل 97% من المشتقات النفطية المستخدمة في الأردن.
هذا يعني تطبيق القاعدة الاقتصادية لتخفيض المديونية، من خلال تعزيز الصادرات وتعزيز نسب النمو، وتوفر 3.6 مليار دينار داخل الأردن كعملات صعبة سوف تؤدي إلى زيادة الاستثمار، وبالتالي زيادة نسب النمو وإحداث فارق بين الصادرات والمستوردات وبالتالي تخفيض المديونية.
العالم اليوم يتجه نحو السيارات الكهربائية، وغير مستغرب أن تصبح السيارات التقليدية عبئا على الدول، وأن تتوقف المصانع عن صناعتها، وهذا يتطلب إلغاء كافة الضرائب على استيراد السيارات الكهربائية، وتوفير نقاط الشحن في داخل وخارج المدن.