أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر امرأة مخمورة وهي ترقص في منطقة الجبيهة، موجة من الغضب والاستنكار بين الأردنيين، وسط
تزوير شاصي يكشف قضية فساد بسوق السيارات في المنطقة الحرة

سيارات تباع بموديلات قديمة وقطع حديثة... والجمارك تتحرك
في حادثة تكشف عن ثغرات في نظام الاستيراد والتسجيل الجمركي، روى المواطن عبد الله الصواف لـ حسنى تفاصيل واقعية وصادمة عن شرائه سيارة مزورة من المنطقة الحرة، اكتشف لاحقا تزويرها من حيث الطراز والسنة.
القضية لا تتعلق بحالة فردية فقط، بل تتجاوز ذلك إلى عشرات وربما مئات السيارات الأخرى التي بيعت بالطريقة نفسها، مما يثير تساؤلات حول الرقابة والشفافية في عمليات استيراد السيارات وبيعها للمواطنين.
القصة التي سردها الصواف، كشفت حجم التلاعب والتزوير الذي طال سيارات مزودة بموديلات حديثة بيعت على أنها موديلات أقدم لتفادي قوانين جمركية جديدة.
قصة عبد الله الصواف مع سيارة مزورة
اشترى عبد الله الصواف سيارة من المنطقة الحرة موديل 2022، ودفع ثمنها كاملا نقدا، معتقدا أن كل الإجراءات سليمة، لكن بعد أشهر من الاستخدام، وأثناء مرور سيارة عبد الله بفحص روتيني في المنطقة الحرة، فوجئ بوجود تحريات حول السيارة واتهامها بأنها "مزورة".
والسبب هو أن القطع المركّبة على السيارة موديل 2024 بينما السيارة نفسها مسجلة كموديل 2022، هذا التناقض دفع الجمارك للاشتباه وتوقيف السيارة للحجز.
عبد الله الذي كان يرافقه والده كبير السن، حاول فهم الأمر لكنه اصطدم بصعوبات إدارية وقانونية، خاصة مع وجود 1200 سيارة مزورة أخرى تحمل المشكلة نفسها.
الكشف الأعمق: رقم شاصي مزدوج
بحسب ما أكدته جهات الفحص في المنطقة الحرة، فإن سيارات تم تعديل أرقام الشاصي الخاصة بها، بحيث تباع على أنها موديلات أقدم (2022) بدلا من موديلات حديثة (2024 و2025) لتفادي رسوم جمركية أعلى مفروضة على الموديلات الجديدة.
بعد أيام، استدعي عبد الله لمراجعة دائرة الجمارك مرة أخرى، وهناك خضعت سيارته لفحص دقيق باستخدام مواد كاشفة، ليتضح أن الشاصي الأصلي للسيارة يعود لموديل 2024، وتم التلاعب به ليظهر وكأنه موديل 2022. هذا التلاعب يشتبه بأنه تم بهدف تجاوز تعليمات جمركية جديدة تمنع إدخال سيارات حديثة الطراز.
التحقيقات أثبتت وجود رقمين شاصي على السيارة الواحدة، وهو أمر غير قانوني ويعد تزويرا واضحا، وتم تشكيل لجنة من قبل الجمارك والنيابة العامة لدراسة هذه القضية وتحديد المسؤوليات، مع احتمالية استدعاء جميع من اشترى هذه السيارات لسماع أقوالهم.
مئات السيارات المزورة بالأسلوب نفسه
المفاجأة الكبرى تمثلت في أن حالة عبد الله لم تكن الوحيدة، بل واحدة من سلسلة طويلة من السيارات التي تم استيرادها بالأسلوب نفسه. الجمارك أبلغته بأن عدد السيارات المشابهة وصل حتى لحظة مراجعته إلى 84 سيارة مزورة مع احتمال وصول الرقم إلى 120، فيما تم الحديث عن أعداد أكبر.
"المصدر المشبوه: تلاعب من التاجر أم من المصنع؟"
عبد الله حاول التواصل مع معرض السيارات الذي اشترى منه سيارته، وأبلغ بأن السيارة تم شراؤها من الشركة الأم على أنها موديل 2022، وأن تغيير الطراز حدث لاحقا بسبب قرارات جديدة. لكن الفاحص الجمركي أكد له أن التاجر لا يمكن أن يجهل الطراز الحقيقي للسيارة، مرجحا أن التزوير تم داخل الأردن من قبل المستوردين وليس في بلد التصنيع.
تأثير التزوير على المشترين
تضرر المشترون تضررا مباشرا، حيث أصبح من المستحيل عليهم بيع سياراتهم أو حتى ترخيصها بشكل رسمي، بسبب الخلاف في أرقام الشاصي والاختلاف في موديلات السيارات حسب الوثائق.
عبد الله مثلا، رغم أنه دفع ثمن السيارة بالكامل، وجد نفسه محجوزا على سيارة مزورة ليست كما اشتراها، اللجنة التي تشكلت طالبت بعدم إمكانية التنازل عن هذه السيارات حاليا، مما يضيق الخناق على أصحابها ويزيد من خسائرهم الاقتصادية.
أنواع السيارات المتضررة والمصدر
تركزت المشكلة على نوعين رئيسيين من سيارات الشركة الصينية "شنجان": النوع الصغير "E-Star" والنوع الأكبر "Edo". كلا النوعين ظهرت عليهما مشكلة التزوير نفسها. حسب المصادر، التزوير لم يكن من المصنع نفسه، بل من المستوردين والتجار الذين قاموا بتعديل أرقام الشاصي لتفادي القوانين الجديدة.
تداعيات القضية: أزمة ثقة بين المستثمرين والمستهلكين
من جانبه قال جهاد أبو ناصر، عضو هيئة مستثمري المناطق الحرة لقطاع السيارات، لـ حسنى إن قضية التزوير في السيارات التي تم شراؤها من المنطقة الحرة تمثل إشكالية كبيرة تؤثر مباشر على الثقة بين المستثمرين والمستهلكين، وكذلك على سمعة المناطق الحرة كمصدر موثوق للمنتجات.
وأشار أبو ناصر إلى أن "المناطق الحرة يجب أن تكون بيئة شفافة ومضمونة، حيث لا مكان لأي تجاوزات أو ممارسات مخالفة للقانون، لأن هذا يضر بالاقتصاد الوطني وبالمستثمرين الذين يعملون بجد للحفاظ على مصداقيتهم."
وأكد أبو ناصر أن التحقيقات الجارية ينبغي أن تركز ليس فقط على الأشخاص أو الشركات المتورطة، بل على النظام الرقابي والإجراءات التي سمحت بمرور هذه السيارات المزورة عبر قنوات الاستيراد والتخليص الجمركي، مطالبا بـ"إعادة هيكلة دور الرقابة والمعاينة الفنية لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات."
وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي، قال أبو ناصر:
"هذه القضية تؤدي إلى خسائر فادحة للمستهلكين الذين دفعوا أموالا طائلة على سيارات يفترض أنها موديلات محددة، ولكنهم اكتشفوا لاحقا أنها مزورة، وهذا يفتح الباب أمام دعاوى قانونية ويضر بثقة المستهلك في السوق المحلية."
وأضاف:
"كما أن هناك ضررا كبيرا على المستثمرين الشرعيين والتجار النزيهين، الذين قد يجدون أنفسهم في منافسة غير عادلة مع من يستخدمون وسائل غير قانونية لتقديم منتجات تبدو أكثر جاذبية وأسعارها غير عادلة."
وأشار إلى أن الجهات المختصة بدأت بفحص السيارات التي أثير الشك حول أرقام شاصيها، مع استدعاء السيارات للتحقق من مطابقة أرقام الشاصي الأصلية، مبينا أن القضية قيد التحقيق منذ فترة تمتد إلى عام كامل. وأكد أن القرار بيد الجمارك والمحكمة لإثبات ما إذا كانت هناك نية سوء لدى بعض التجار المحليين، أو أن المشكلة حدثت في بلد المنشأ دون علم المستوردين.
حول تفاصيل رقم الشاصي، أوضح أبو ناصر أن كل سيارة تحمل 17 رقما أو حرفا، منها خانة مخصصة لسنة الصنع، حيث يشير حرف معين إلى سنة معينة (مثلا P تعني 2023، N تعني 2022، R تعني 2024)، ما يمكّن من تحديد موديل السيارة بدقة.
وأضاف القول إن هذه الممارسات غير القانونية تهدف إلى تجاوز قرارات المواصفات والمقاييس الحكومية، لكنه شدد على وجود أدوات رقابية تسمح بضبط هذه الحالات ومنع انتشارها، مؤكدا أن هناك تعاونا بين الجهات المعنية لضمان سلامة عمليات الاستيراد وضبط المخالفات.
في الختام، شدد جهاد أبو ناصر على أهمية سرعة التحقيق وإعلان نتائجه بشفافية، مع تقديم توصيات واضحة لتشديد العقوبات على المخالفين، وتعزيز التعاون بين الجهات الرسمية والمستثمرين لإصلاح الثغرات الحالية.
اقرأ المزيد.. تعديلات رسوم الترخيص: تخفيض 50% للسيارات الكهربائية