لا قانون يمنع.. فهل تقصي الإعاقة محمد الغرابلي عن قيادة الشاحنات؟

الصورة
شاحنات أردنية
شاحنات أردنية
آخر تحديث

أثارت قضية السائق محمد الغرابلي الذي ضبطته إدارة السير أثناء قيادته شاحنة "تريلا" وهو مبتور الساق، تفاعلا واسعا، حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في قيادة الشاحنات، ومعايير السلامة، وحدود القانون في التعامل مع حالات كهذه.

السائق محمد الغرابلي: "أنا ما بدي أشحد.. بدي أشتغل" 

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، من مقابلة مع السائق محمد الغرابلي سائق شاحنة جرى إيقافه أثناء عمله، بسبب قيادته "تريلا" وهو مبتور الساق، حيث اعتبر مخالفا، رغم أنه يعمل سائقا منذ ما يقارب عقدين من الزمن، دون تسجيل أي حادث يذكر خلال فترة عمله الطويلة، حسب قوله. 

 وقال السائق محمد الغرابلي خلال المقابلة المتداولة:

"أنا ما بدي أشحد... بدي أشتغل، ولو انقطعت رجلي الثانية رح أظل أشتغل".

وأضاف أنه يقود الشاحنات منذ 19 عاما، وسبق له أن عمل في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن الشاحنة التي يقودها تعمل بناقل حركة يدوي.

"لو انقطعت الثانية، رح أشتغل. ما بدي شفقة ولا مساعدة. أنا بدي سيارة مهيئة أشتغل عليها".

هل تمنع الإعاقة قيادة الشاحنات؟ 

أكد الناطق باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي، لـ حسنى أنه لا يوجد نص في قانون السير الأردني يمنع الأشخاص ذوي الإعاقة من قيادة الشاحنات أو المركبات الثقيلة، طالما أنهم قادرون فنيا على التحكم الكامل بالمركبة، وأوضح أن القانون يسمح بقيادة المركبات المعدلة حسب متطلبات الإعاقة، بما في ذلك تجهيز المركبات –سواء كانت عادية أو شاحنات– بأنظمة تحكم يدوية تغني عن الحاجة لاستخدام القدمين.

صيغة البيان الرسمي مثار جدل حقوقي

قال الزيتاوي إن صيغة بيان الأمن العام تضمنت تمييزا واضحا وغير مقبول بحق السائق محمد الغرابلي مشيرا إلى أنه "لو أن الشخص لم يكن من ذوي الإعاقة وقاد شاحنة دون رخصة، لما تمت الإشارة إلى حالته الجسدية أو نشر بيان بهذه الطريقة"، وأكد أن الإعاقة لا يجب أن تكون سببا لإثارة الخبر أو الحدث ما لم تكن ذات علاقة مباشرة بالمخالفة القانونية.

وكان الأمن العام قد قال في بيانه: 

"فرع دوريات العقبة ضبط سائق تريلا من ذوي الاحتياجات الخاصة مبتور القدم اليمنى يحمل رخصة سوق من الفئه السابعة يقود مركبة "تريلا" رأس قاطرة "غير مبال بسلامته وسلامة الآخرين" حيث جرى ضبط السائق وتسليمه للمركز الأمني لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه لضمان عدم تكرار ذلك وردع المستهترين بسلامة مستخدمي الطريق".

وقال الزيتاوي "إذا كان الشخص يحمل رخصة سابقة وحدث له البتر بعد ذلك، تبقى الرخصة سارية المفعول ما لم يثبت عدم أهليته"، وأكد أن الجهات المعنية يجب أن تراجع موقفها في مثل هذه الحالات، وأن تركز على التأهيل والتجهيز بدلا من الحرمان والمنع. 

ولفت إلى أن المجلس لا يعارض شروط الفحص الفني أو اشتراطات السلامة، لكنه يعارض التمييز بسبب شكل الإعاقة إذا لم يكن لذلك تأثير على القدرة الفعلية للقيادة.

ودعا الزيتاوي إلى مراجعة إجراءات ترخيص المركبات الثقيلة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير برامج التأهيل الفني للمركبات، بما يتيح اندماجا حقيقيا لهؤلاء في سوق العمل، بدلا من دفعهم نحو التهميش أو التسول، على حد تعبيره.

صورة نمطية يجب أن تتغير

شدد الزيتاوي على ضرورة تجاوز الصورة النمطية السلبية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تفترض أنهم غير قادرين على أداء الأعمال. وقال إن على المجتمع أن يتيح لهم الفرصة، ثم يحكم على قدرتهم من خلال الأداء وليس من خلال المظهر أو التصنيف المسبق.

وأضاف: "التقنيات الحديثة تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من التحكم الكامل بالمركبات، وحتى الشاحنات باتت تتوفر بنماذج أوتوماتيكية تغني عن استخدام الرجل اليسرى".

الهوية التعريفية لذوي الإعاقة: أين وصل المشروع؟

وفي الختام أشار الزيتاوي إلى تقدم العمل على مشروع السجل الوطني والهوية التعريفية لذوي الإعاقة، وهي بطاقة تمنح للأشخاص بعد تقييم حالتهم الصحية، حيث تعد هذه البطاقة بديلا معتمدا للتقارير الطبية المتكررة، التي كان يتوجب على الأشخاص ذوي الإعاقة إحضارها في كل معاملة تتعلق بالتعليم أو الصحة أو غيرها من الخدمات. 

وأشار إلى أن البطاقة تثبت أن حاملها من الأشخاص ذوي الإعاقة، وتخولهم تلقائيا بالحصول على حزمة من الامتيازات، أبرزها:

  • خصم بنسبة 90% على الرسوم الجامعية للطلبة الحاصلين على البطاقة.

  • الحصول على المعينات الحركية والسمعية من وزارة الصحة.

  • الاستفادة من التأمين الصحي من الدرجة الثانية، وفي حال الإقامة في المستشفى تتم المعالجة على الدرجة الأولى.

  • منح تأمين صحي للأشخاص الذين لا يمتلكون أي تأمين صحي آخر، تجنبا للازدواجية في التغطية.

وبين الزيتاوي أن البطاقة تحتوي على معلومات عامة حول نوع الإعاقة "حركية، أو سمعية، أو بصرية، أو ذهنية" وشدتها "بسيطة، أو متوسطة، أو شديدة"، إضافة إلى توضيح إن كانت الإعاقة دائمة أم مؤقتة، لكن دون ذكر تفاصيل طبية أو تشخيصية، كون مزود الخدمة يحتاج فقط لمعرفة نوع الإعاقة وشدتها لتقديم الخدمة المناسبة.

وفيما يتعلق بالإعفاءات الجمركية، أوضح أن هناك نوعين منها: 

  • الأول يتعلق بالأدوات والتقنيات المساعدة، ويمنح بموجب جدول أقره مجلس الوزراء، وغالبا ما يطلب وجود البطاقة في هذه الحالات لتأكيد الاستحقاق.

  • أما الإعفاء الجمركي على السيارات، فيتطلب إضافة إلى البطاقة التعريفية استيفاء شروط ومتطلبات فنية محددة بحسب نوع الإعاقة.

وأكد الزيتاوي أن البطاقة لا تعد ضمانا تلقائيا للحصول على جميع الخدمات، بل تسهل الوصول إليها وتسرع الإجراءات، ضمن الشروط والمتطلبات القانونية لكل خدمة. 

يذكر أن المشروع ما يزال في مرحلة التطوير والتوسع، ويعد خطوة متقدمة نحو تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم بسهولة وكرامة دون الحاجة إلى إثبات حالتهم الصحية مرارا وتكرارا في كل معاملة. 

اقرأ المزيد.. مواطن لـ حسنى: دفعت فواتير جاري لإعادة الكهرباء إلى بيتي

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00