إصبع أمي لم يكن كافيا.. فهل ننتظر أن نخسر يدها بسبب غياب السرير؟

الصورة
مريض يجري فحصا للسكري | المصدر: freepik
مريض يجري فحصا للسكري | المصدر: freepik
آخر تحديث

وسط الضغط المتواصل الذي يعاني منه القطاع الصحي في الأردن، تزداد مضاعفات الأمراض المزمنة مثل القدم السكري فتخرج قصص من غرف الانتظار في مستشفيات أنهكها الضغط، لتروي رحلة علاج بدأت بمضاد حيوي، وانتهت ببتر إصبع. 

هذه المرة، القصة جاءت من أحد المواطنين الذي روى لـ حسنى ما تعرضت له والدته السبعينية من رحلة علاج قاسية بدأت بمضادات حيوية وانتهت ببتر إصبع، ويخشى أن لا تكون النهاية.

أخذت 75 إبرة وفي النهاية بتروا إصبعها

بدأ المواطن محمد بدر حديثه لـ حسنى متأثرا بما جرى لوالدته، التي كانت قد أدخلت سابقا إلى مستشفى التوتنجي الحكومي والذي يقع في سحاب جنوب شرق العاصمة عمان، بعد تعرضها لالتهاب في يدها مرتبط بمرض السكري. 

"أخذت 75 إبرة مضاد حيوي"، قالها بحرقة، متابعا: "وفي الآخر بتروا لها إصبعها".

ما يزيد مرارة الحكاية، أن هذا السيناريو المرعب كاد أن يتكرر، فبحسب رواية محمد، فإن والدته أدخلت هذه المرة إلى طوارئ مستشفى البشير قبل ثلاثة أيام، وكانت حالتها مشابهة: 

"الالتهاب مش واصل للعظم، وإحنا بندورلها على سرير قبل ما يوصل".

ثلاثة أيام في الطوارئ.. ولا سرير عزل

ورغم الجهود التي بذلت، أكد محمد أن المشكلة الأساسية كانت في غياب غرفة عزل تناسب حالة والدته، قائلا:

"هي معها كبد وبائي ولازمها غرفة عزل... صارلها 3 أيام بالطوارئ تستنى في التخيط".

يشير محمد إلى أن إدارة المستشفى حاولت نقل والدته إلى مستشفى جرش، لكن العائق كان بعد المسافة وحاجة والدته إلى مرافق دائم نظرا لكبر سنها، قائلا: "الحجة عمرها 72 سنة وبدها حدا يلازمها ويعتني فيها".

"مشكلتي الوحيدة… نبلش علاج بالطوارئ"

ما طالب به المواطن لم يكن مستحيلا، وقد عبر بقوله: 

"كان بس بالإمكان إنه يبلشولها بروتوكول العلاج بالطوارئ... بس اللي يوقف الالتهاب". وأوضح أن هذا الطلب البسيط لو تحقق، لربما حال دون تدهور الحالة من جديد.

يقول محمد إن ما يريده ليس سوى "تنفيذ روح القانون، مش القانون نفسه"، مضيفا بحرقة: "والله الواحد بتقطع، ولا قادر يعمل أي شي".

رد المستشفى: العزل للقدم السكري وليس للكبد الوبائي

من جهته أوضح الدكتور علي العبدالله، مدير مستشفيات البشير، تفاصيل هامة تتعلق بالحالة، إذ أكد أن العزل المطلوب ليس بسبب إصابة السيدة بالتهاب الكبد الوبائي، وإنما بسبب "القدم السكري"، التي تحتاج لعناية خاصة لتجنب انتشار العدوى في أجنحة المستشفى. 

وقال الدكتور العبدالله: 

"التهاب الكبد الوبائي لا يستوجب العزل، فقط يتخذ الكادر الطبي احتياطاته عند سحب الدم أو إعطاء الإبر".

موضحا أن العزل المخصص في حالات السكري يكون بسبب "الالتهاب الطرفي الناتج عن السكري، الذي يمكن أن يكون معديا عند التعامل الخاطئ مع الإفرازات أو الأدوات الطبية".

حذر طبي مبرر... لكن السرير غير متوفر

أشار الدكتور علي إلى أن غياب غرف العزل في بعض الأوقات مرتبط بكثافة الحالات، قائلا إن الكادر الطبي "لا يقصر"، لكن الإمكانات محدودة. 

وأوضح أن هناك إجراءات صارمة لمنع انتقال العدوى، خاصة في حالات "القدم السكري"، إذ يمكن أن تنتقل العدوى إلى الطاقم الطبي إن لم يتم التعامل بحذر.

ألم المريض لا ينتظر دورة السرير

قصة محمد ووالدته ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة. هي ليست شكوى بقدر ما هي مناشدة؛ لأن كل لحظة تأخير في علاج مريض قد تعني بترا جديدا، أو ألما متصاعدا، أو حياة على حافة الانهيار. 

السؤال الذي لا يزال معلقا: إذا كان العلاج ممكنا بالطوارئ، فلماذا نربطه بسرير قد لا يأتي؟ وهل نحتاج دوما إلى فقدان جزء من جسم إنسان حتى ندرك أن الأولوية للعلاج، لا لإجراءات النقل أو توفر الأسرة؟ 

اقرأ المزيد.. مواطن لـ حسنى: دفعت فواتير جاري لإعادة الكهرباء إلى بيتي

00:00:00