قالت مستشار محافظ البنك المركزي الأردني للتأمين رنا طهبوب لـ حسنى اليوم الثلاثاء إن مجلس الوزراء قرر الأسبوع الماضي إصدار 3 أنظمة وهي: نظام
بعد خلاف الأطباء و شركات التأمين هل تقدم مظلة الرعاية الصحية الشاملة الحل؟
في الوقت الذي مازال فيه مجال الرعاية الصحية يواجه تحديات عديدة، تظل الخلافات بين شركات التأمين ومقدمي الخدمات الطبية جزءا لا يتجزأ من هذا السياق المعقد. وفي هذا الإطار يأتي الجدل الراهن بين شركات التأمين ونقابة الأطباء الأردنيين، والدائر حول عدة نقاط حساسة تتعلق بلائحة الأجور الجديدة التي أقرتها النقابة مؤخرا.
نقابة الأطباء تقرر وقف التعاون مع شركات التأمين
دفاعا عن حقوق منتسبيه، قرر مجلس نقابة الأطباء الأردنية التوقف عن استقبال حالات التأمين اعتبارا من الثاني من أيلول المقبل، وصرح المجلس في بيان السبت، أنه يستثني من هذا القرار الحالات الطارئة ومرضى السرطان والفشل الكلوي، مع استمرار تقديم الخدمات للمرضى نقدا وحسب التسعيرة النافذة لعام 2021، وأضاف البيان أنه وحفاظا على حقوق المنتفعين من التأمين الصحي الخاص؛ يتوجب على كل طبيب كتابة تقرير طبي ومنح المرضى وصلا ماليا لمراجعة الجهات التأمينية المختلفة.
قرار النقابة واجه رفضا من قبل اتحاد شركات التأمين الذي وصفه بأنه غير قانوني، مبينا أن النقابة ومنذ فترة تحاول رفع لائحة الأجور بنسبة تصل إلى 400% ومؤكدا أنه لا علاقة لشركات التأمين بقرار التوقف عن استقبال الحالات المؤمنة.
من جهته دافع نقيب الأطباء الأردنيين د. زياد الزعبي عن قرار النقابة، وأضاف لـ حسنى الأحد، أن اتحاد شركات التأمين رفض التفاوض مع النقابة أو الجلوس معها على طاولة الحوار بشأن النقاط التي تتمحور الخلافات حولها؛ والمتمثلة برفض الاتحاد تطبيق نظام الصندوق التعاوني للأطباء، علما أنه صادر بموجب إرادة ملكية ومنشور في الجريدة الرسمية منذ عام 2018، والخلاف حول لائحة الأجور 2021 والتي أقرها مجلس النقابة مؤخرا.
وبين الزعبي أن البنك المركزي عقد جلسة حوار واحدة فقط بين النقابة واتحاد شركات التأمين لبحث ملف لائحة الأجور لكنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة، ما دفع النقابة إلى إقرار تلك اللائحة.
وطالب الزعبي البنك المركزي بالتدخل في الخلاف مع شركات التأمين للحد من رفع نسبة التأمين على المواطن ودفع أجور الأطباء المتأخرة، مضيفا أن شركات التأمين رفعت نسبة اقتطاع التأمين على المواطنين بنسبة تصل إلى 200% وأن حجم التضخم وصل إلى 85%.
وعلق الزعبي: "يحق للنقابة وضع لائحة أجور الأطباء حيث كانت أجورهم التي تدفعها شركات التأمين من 10 إلى 20 دينارا للمراجعة الواحدة، أما الآن فهي من 20 إلى 30 دينار".
اتحاد شركات التأمين: قرار نقابة الأطباء غير قانوني
من جهته قال مدير عام الاتحاد الأردني لشركات التأمين مؤيد كلوب لـ حسنى إن لوائح الأجور التي تقرها كل من نقابتي الأطباء والصيادلة تخالف قانون المنافسة الذي لا يجيز لأي جهة احتكار التسعيرة، مبينا أن الأجور التي تقرها نقابة الأطباء وضعتها النقابة بشكل فردي وفرضتها على الشركات دون أي دراسات اكتوراية أو علمية ودون أي معايير.
ووفق المادة 20-ج من قانون المنافسة، يحظر على أي جمعية أو أي جهة من القطاع الخاص تتولى تنظيم ممارسة أي مهنة أو رعاية مصالح المؤسسات الاقتصادية أو التجارية إصدار أي قرار يؤدي إلى الإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها خلافا لأحكام هذا القانون وأي تشريع آخر، وبخلاف ذلك تطبق على الجهة المخالفة العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (ب) من هذه المادة.
وأضاف كلوب أن لائحة أجور الأطباء 2021 والتي وضعتها النقابة رفعت أجور الأطباء لنسبة وصلت في بعض الأجور إلى 400% لافتا إلى أن المتضرر من ترك الأجور بيد النقابة هو المواطن، مشيرا أن الأرقام التي ذكرها نقيب الأطباء حول التضخم والأجور غير دقيقة.
وأشار كلوب إلى أنه تمت مطالبة وزير الصحة بوضع أسس لتعديل أجور الأطباء التي يتم اقتطاعها من شركات التأمين، مؤكدا أنهم لم يرفضوا التفاوض مع نقابة الأطباء ولكنهم لم يصلوا إلى حل يرضي الطرفين.
وبين كلوب أن شركات التأمين تشكل 8% فقط من مجموع المؤمنين في القطاع الخاص، مضيفا أن هناك تأمين الضمان الاجتماعي، وتأمين الصناديق ذاتية إدارة التأمين الصحي؛ كتأمين شركة البوتاس والفوسفات والبنوك، وتأمين نقابات العمال، وجمعية صناديق التأمين الصحي، وتأمين بعض الجامعات. كما لفت إلى أن عدد المؤمنين في القطاع الخاص من الجهات كافة قد يصل إلى 3 ملايين ونصف المليون مؤمن.
وشدد مدير عام الاتحاد الأردني لشركات التأمين على أنه كان من الأجدر أن تجمع النقابة تلك الأطراف كافة، وأن تبحث لائحة الأجور معهم بشكل يراعي مصالح الجميع قبل إقرار اللائحة، مؤكدا رفض شركات التأمين لمثل هذا القرار الذي اتخذته النقابة "بشكل فردي" دون التنسيق مع الأطراف كافة لدافعي الفاتورة الطبية، مضيفا: "النقابة تحاول الضغط على شركات التأمين لتمرير رفع الأجور ولا يجوز استخدام المواطن كضحية".
وكشف بأن البنك المركزي بصدد إصدار تعليمات تلزم شركات التأمين بدفع مطالبات الأطباء والصيدليات خلال مدة معينة يتفق عليها الطرفان، وفي حال مخالفة تلك التعليمات فيترتب على الشركة المخالفة غرامات مالية مضاعفة.
حماية الأطباء من تغول شركات التأمين
بدوره قال عضو مجلس نقابة الأطباء د. علاء الفروخ لـ حسنى إن قرار وقف التعامل مع شركات التأمين اعتبارا من مطلع أيلول المقبل هو قرار اتخذ بالإجماع من قبل الهيئة العامة لأطباء القطاع الخاص في الصندوق التعاوني؛ وذلك بسبب تغول شركات التأمين على الأطباء، وشدد الفروخ على أنه من وظيفة نقابة الأطباء تنظيم كل ما يتعلق بهذه المهنة، ومنها وضع حد أعلى وحد أدنى للأجور.
وأكد الفروخ أن اللائحة الجديدة جاءت لمعالجة الإجراءات الطبية التي استجدّت منذ عام 2008 وحتى 2023، والتي شملت عمليات وإجراءات لم تكن موجودة من قبل، مبينا أن عدم ضبطها سيحدث حالة من الانفلات والفوضى وضياع المواطن بين شركات التأمين التي لا تعترف بتلك الإجراءات لأنها لا تريد تغطيتها. وقال الفروخ إن لائحة الأجور لا تعني رفع كل الأجور بل على العكس بعض الإجراءات الطبية تم تخفيضها مع تحديد أجور الإجراءات الطبية الجديدة.
ولفت الفروخ إلى أن شركات التأمين ترفض الصندوق التعاقدي؛ لأنه يلزمها بالتعامل مع الأطباء جماعيا وليس فرادى، ولأنه يضمن عدم تغولها على الأطباء وعدم احتكار الأطباء من قبل بعض شركات التأمين، إذ إنها تحصل على خصومات تعاقدية كبيرة قد تصل إلى 50% وفي بعض الأحيان تستغل حاجة الأطباء للعمل. كما أكد عضو مجلس النقابة أن الأطباء مستفيدون من الصندوق التعاقدي؛ إذ تتعاقد النقابة بالنيابة عن الأطباء مع شركات التأمين وتحصل الأجور مقابل حصولها على 10%.
هل الحل بالرعاية الصحية الشاملة؟
من جهته، قال الخبير القانوني هاني زاهدة، إن نقل إدارة التأمينات للبنك المركزي عام 2021 كان خطأ، على اعتبار أنها جهة ليس لديها خبرة في إدارة التفاوض بين الناس، وأن الأصل أن تتدخل الحكومة في حل هذه الخلافات وإدارتها.
ويتساءل زاهدة: "لماذا لم يتم حل ملف لائحة الأجور منذ العام 2018 عندما طعنت وزارة الصحة بلائحة الأجور التي قدمتها النقابة لدى المحكمة وتم إلغاؤها؟" لافتا إلى أن لائحة الأجور التي تم إعلانها مؤخرا هي لائحة عام 2021، ومن أعلنها ليس مجلس نقابة الأطباء الحالي بل اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة لتسيير أمور النقابة آنذاك، مبينا أن رئيس تلك اللجنة هو وزير الصحة ذاته وأن اللائحة لم يعترض عليها أحد ولم تنشر بالجريدة الرسمية، مضيفا أنه لا حاجة لنشرها أصلا بالجريدة الرسمية.
ووسط ذلك النقاش والخلاف المحتدم بين الأطراف، تظهر الحاجة الملحة لطرح ملف الرعاية الصحية الشاملة من جديد؛ لضمان عدم بقاء المواطنين رهن صراعات المصالح بين بعض الأطراف، فالرعاية الصحية الشاملة والتأمين الصحي من قبل الدولة أحد عوامل تحسين جودة الحياة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق التوازن بين مصالح مقدمي الخدمات الصحية والمرضى، كما أنها تخدم مصلحة المجتمع بشكل عام.
وفي آذار العام الماضي كشف الدكتور محمد عبد الحميد القضاة لـ حسنى أنه في عهد "الرزاز" تم الانتهاء من دراسة شاملة لإعادة إحياء روح المؤسسة الطبية العلاجية التي توحد جميع المستشفيات الحكومية تحت مظلة إدارية واحدة بما يعرف بالرعاية الصحية الشاملة.
وأضاف القضاة -وهو أستاذ علم الأمراض بكلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية- أن وزير صحة سابق ومدير خدمات رفضا الدراسة، إلا أن "الرزاز" أصر على فرضها عبر تشكيل لجنة جديدة لإقرارها بشكلها النهائي قبل تغيير الحكومة، حسب قوله.
وبين القضاة أن غاية الدراسة كانت الاستفادة من الكوادر البشرية والمباني للمستشفيات الحكومية التي تشمل الخدمات الطبية والمستشفيات الجامعية والمراكز المتخصصة، بالإضافة إلى المستشفيات الحكومية ما عدا القطاع الخاص؛ بحيث يتم توفير الرعاية الصحية نفسها لجميع المرضى في كل مكان علاج ودون أي كلفة مادية.