عقب قرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين رقم 14 لسنة 2011، أكد محامي النقابة بسام فريحات أن النقابة
قرار المحكمة الدستورية.. هل انتهى الكيان القانوني لنقابة المعلمين؟

أصدرت المحكمة الدستورية، اليوم الخميس، حكما يقضي بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين رقم (14) لسنة 2011 وتعديلاته، وبينت أنه باطل من تاريخ صدور الحكم. وقد أثار القرار تساؤلات واسعة حول خلفياته الدستورية وآثاره القانونية.
وفي هذا السياق، قدم الخبير القانوني جهاد العتيبي لـ حسنى شرحا وافيا لخلفية الحكم، مستندا إلى الأسس الدستورية التي اعتمدتها المحكمة.
مبدأ الفصل بين السلطات: أساس الحكم بعدم الدستورية
أوضح العتيبي أن المحكمة الدستورية استندت إلى مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المواد (24-27) من الدستور الأردني، والذي يمنح كلا من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحيات واضحة لا يجوز لإحداها تجاوزها. وأشار إلى أن المحكمة رأت أن السلطة التشريعية قد اعتدت على اختصاص أصيل للسلطة التنفيذية حينما شرعت قانونا ينظم شؤون الموظفين العموميين، وهم بطبيعتهم ضمن صلاحية الحكومة.
المادة 120 من الدستور: محور القرار الدستوري
ركزت المحكمة، بحسب العتيبي، على المادة 120 من الدستور الأردني التي تمنح السلطة التنفيذية حق التشريع التنظيمي لشؤون موظفي الدولة، بما يشمل تعيينهم، وإدارتهم، وعزلهم، ضمن أنظمة يصدرها مجلس الوزراء. وبينت المحكمة أن تشريع قانون نقابة المعلمين من قبل مجلس النواب يعد تعديا صريحا على هذا الاختصاص، وبالتالي مخالفة صريحة للدستور.
المعلمون موظفون حكوميون: لا يجوز فصلهم عن السلطة التنفيذية
بين العتيبي أن المحكمة عاملت المعلمين على أنهم موظفون عموميون، ما يعني أنهم يخضعون حصريا لإشراف السلطة التنفيذية وإدارتها. وبذلك، فإن أي تنظيم قانوني خاص بهم يجب أن يصدر عن هذه السلطة، لا عن السلطة التشريعية. ورفضت المحكمة أي توسع في تفسير المادة 120، مؤكدة ضرورة الالتزام بالحدود الضيقة لاختصاص التشريع في هذا السياق.
مبدأ دستوري: "إذا سكت الدستور، فلا يجوز الاجتهاد"
شدد العتيبي على أن المحكمة اعتمدت قاعدة فقهية دستورية تنص على:
"إذا أراد الدستور نص، وإذا سكت منع".
أي إنه لا يجوز استحداث قواعد تنظيمية جديدة إذا لم ينص عليها الدستور صراحة. ولهذا، فإن إقرار قانون نقابة المعلمين مثل تجاوزا صريحا للصلاحيات الممنوحة للسلطة التشريعية.
آثار الحكم: حل نقابة المعلمين واعتبارها غير قائمة
أكد العتيبي أن الحكم بعدم دستورية القانون يؤدي تلقائيا إلى فقدان النقابة للمشروعية القانونية، وبالتالي تعامل كأنها لم تكن موجودة من الأساس. ويترتب على ذلك حل النقابة، وتحويل أموالها إلى خزينة الدولة، وإلغاء أي إجراءات تنظيمية أو إدارية سابقة استندت إلى هذا القانون. كما أن القرار يعد ملزما للجهات كافة ولا يمكن الطعن فيه.
القرارات السابقة لاغية: الحكم الجديد ينسخ كل ما قبله
أوضح العتيبي أن قرار المحكمة الحالي يجُبّ كل القرارات السابقة المتعلقة بقانون نقابة المعلمين، ويعد المرجعية النهائية في تفسير مدى دستورية النصوص، ما ينهي الجدل القانوني حول شرعية النقابة.
الخلاصة: القرار قطعي وواجب التنفيذ
اختتم العتيبي بالتأكيد على أن قرار المحكمة الدستورية قطعي وواجب التنفيذ وهو عنوان الحقيقة، وأضاف بأن مجلس النواب لا يملك التشريع في شؤون الموظفين الحكوميين؛ لأن ذلك اختصاص حصري للسلطة التنفيذية، مشددا على أن احترام مبدأ الفصل بين السلطات هو ركيزة أساسية لضمان سلامة النظام الدستوري في الدولة.
ويذكر أن نقابة المعلمين الأردنيين تأسست بموجب القانون رقم (14) لسنة 2011، عقب حراك مطلبي واسع في صفوف المعلمين. وشكلت النقابة أحد أكبر التنظيمات المهنية في البلاد، قبل أن تدخل في صدامات متكررة مع الحكومة خلال السنوات الأخيرة.
وفي أيلول 2019، قادت النقابة إضرابا امتد نحو 30 يوما في جميع أنحاء البلاد، للمطالبة بزيادة الرواتب 50%، وهي زيادة قالت النقابة إن الحكومة وعدت بها في 2014.
وخلال تموز 2020، تم إيقاف عمل النقابة، وتقرر إغلاق مقارها على خلفية اتهامات بـ"تجاوزات مالية وإجراءات تحريضية"، بينما ينفي المتهمون صحة ذلك، ما أثار جدلا واسعا محليا ودوليا حول حرية التنظيم والعمل النقابي في الأردن، وتبع ذلك توقيف عدد من أعضاء مجلس النقابة.
ومنذ ذلك الحين، أحيلت العديد من القضايا المتعلقة بالنقابة إلى القضاء، إلى أن انتهى المسار القانوني أمام المحكمة الدستورية، وهي أعلى جهة تبت في مدى دستورية القوانين.
بحسب الدستور الأردني، فإن الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية ملزمة ونافذة، ولا يجوز الطعن فيها، وتعد بمنزلة إلغاء نهائي للنصوص التي تعد غير دستورية.
اقرأ المزيد.. محامي النقابة: نحترم القرار القضائي لكنه يتناقض مع تفسير دستوري سابق