الإصلاح السياسي في الأردن.. أكثر من انتفاضة وأقل من ثورة

الصورة

باتت القوى السياسي التي تطمح بأن يكون هناك إصلاح سياسي في الأردن، تعيش حالة من فقدان وتبدد الأمل في أي إصلاح سياسي يمكن أن تقوم به الجهات الرسمية.

لا نريد الإغراق في توصيف الحال، فكل من يعيش في الأردن يدرك حجم الإشكالية السياسية الكبيرة، فنحن دولة أشبه بدولة ما قبل عصر الحداثة السياسية.

خلال شهور قليلة غرقنا في مستنقع استخدام القانون بشكل متعسف لخنف أي صوت يزاحم صوت السلطة التنفيذية، وبالقانون حاليا يحاولوا خنق حزب الشراكة والإنقاذ ذلك الحزب الوليد، الذي أثبت وجوده في الساحة الحزبية، ولم يكن نسخة مضعفة من العمل الحزبي الأردني.

 برلمان يمثل "صورة ديكوريه" كما ورد على لسان رئيسه السابق ولا يعبر عن تطلعات الشعب كسلطة رقابية وتشريعية، وحكومة تضم كبار موظفين أقرب منهم إلى مناصب الوزراء وصناع القرار، البلاد تعيش حالة من التراجع السياسي الشديد، الذي مضى عليه أكثر من ربع قرن.

 كثير من المكلفين في ملفات الإصلاح السياسي هم من الفئات التي تعادي الإصلاح السياسي، وترى في قدوم الإصلاح انتهاء لدورهم الحالي غير المستحق لهم في كثير من الأحيان.

كثير من النواب والأعيان وأعضاء الحكومة بالإضافة إلى بعض الجهات المتنفذة في صناعة القرار، يحملون تصورا بدائيا وتقليديا عن مفهوم الإصلاح السياسي، ويرون أنه لن يكون بالإمكان أفضل مما كان، وأن أي عملية إصلاح سياسي يمكن أن تخرج الأمور في البلاد عن سكة الضبط والسيطرة، حسب تصورهم أن الصيغة الحالية هي أفضل ما هو موجود مع تحسين في بعض المقاعد البرلمانية، بما لا يتجاوز 20% كما يرى رئيس مجلس الأعيان في لقاء له على قناة المملكة.

هذه الآراء المحكومة بفكرة ونظرية "الأمنوقراط"، التي ترى في الحرية والديمقراطية نقيضا للأمن ونقيضا للامتيازات الممنوحة لهم، هؤلاء يدركون جيدا  أن مزيدا من الحرية وحكم الشعب لنفسه يعني أن تنقلب الأمور رأسا على عقب بالنسبة لأشخاصهم وقد يجدوا أنفسهم خارج دائرة التأثير أو حتى بعضهم، قد يجد نفسه خلف القضبان خلال الشهور القليلة، التي تعقب أي إصلاح سياسي حقيقي.

لا يمكن بدون ضغط شعبي كبير على تلك المؤسسات أن تقدم شيئا يمكن أن يحقق إصلاحا سياسيا ينتقل بالأردن من المملكة النصف شمولية إلى المملكة الدستورية الديمقراطية، التي يكون فيها الشعب صاحب الكلمة الرئيسية في تقرير مصيره.

كل ما يطرحه قادة تلك المؤسسات هو عبارة عن محاولة إفراغ التوجهات والرغبات الملكية في الإصلاح السياسي من مضمونها والتحايل عليها وتفريغها من محتواها وفلسفتها لكيلا يعود القرار للشعب في صناعة مستقبله وتحمله مسؤولية ذلك.

 كل ما نحتاجه حاليًا لإنجاح أي تحول سياسي في هذا الظرف هو حركة شعبية تضغط و تؤثر على المؤسسات لمنعها من تفريغ المطالب الملكية من مضمونها، نريد حركة شعبية واعية تنهي حالة وضع العصا في دواليب الإصلاح، التي يمارسها بعض الأشخاص والجهات في تلك المؤسسات، نريد تحركًا حزبيًا وشبابيًا ونقابيًا واعيًا ومدركًا لخطورة الموقف، يعمل على المحافظة على النظام السياسي وأجهزة الدولة ومؤسساتها التي تمت عبر القرن الماضي من عمر الدولة.

 نريد الوصول إلى حكومة برلمانية تولد من رحم البرلمان، وبرلمان يولد من رحم الأحزاب والشخصيات الوطنية، برلمان وطن لا برلمان يمثل الحارات والزقاق والقبائل والزعامات الجهوية والمحاصصات الجغرافية والديمغرافية.

يتوهم الشعب وتتوهم القوى السياسية إن ظنت ولو لبرهة قصيرة أن القطط السمان القابعة خلف كراسي المسؤولية والشخصيات النفعية يمكن أن يسمحوا لهم بأي تحول سياسي إصلاحي دون أن يمارسوا الضغط الكبير والمؤثر في الشارع.

إذا لم نتحرك في هذا الوقت وهذا الظرف لإنهاء حالة الاختناق السياسي القائم، فنحن نبيع لأنفسنا الأمل الموهوم ونحاول طحن الماء والهواء، والوهم السياسي في طواحين المؤسسات البيروقراطية المعطلة للإصلاح السياسي، هؤلاء قوم لن يتنازلوا ن مكتسباتهم إلا بالضغط الشعبي.. تذكروا جيدًا لن يمنحكم كهنة "الأمنوقراط" مكتسباتهم وامتيازاتهم ومناصبهم ويردوا لكم سلطة الشعب بالتمني والنضال الإلكتروني، ليس أمامنا إلا التحرك الجاد والواعي والمؤثر ، بحيث نحافظ على الأردن وننطلق نحو المئوية الثانية بثقة وطمانينة واعتماد على الذات.

بقلم محمد العودات

الأكثر قراءة
00:00:00