المسافة بين المتطرف والمعتدل "غَرفة ويسكي".. الاعتدال في نظر الغرب وعملائهم

الصورة
الاعتدال في نظر الغرب وعملائهم | مقال صالح نصيرات
الاعتدال في نظر الغرب وعملائهم | مقال صالح نصيرات

بقلم صالح نصيرات

آخر تحديث

في خبر منشور عن تدهور صحة عسكري منقلب على الديمقراطية في بلده، أشار الكاتب إلى أن ذلك الرئيس الذي حكم ثاني أكبر دولة إسلامية في العالم هو مسلم معتدل فهو "يدخن السيجار ويشرب الويسكي".

متطرفٌ من لا يفعل ما نريد

هذا ليس تعريفا للمتطرف أو المعتدل، ولكنه يمثل إشارة إلى أن الاعتدال مقترن في نظر الصحفي الذي كتب الخبر بممارسة "الموبقات" والمحرمات، وبالتعبير بشكل عكسي فإن المتطرف هو من لا يفعل تلك الأفعال، وربما يشار إليه بالإرهابي إذا حاول أن يستشهد على تلك الأفعال بآية كريمة أو حديث شريف.

ما زلت أذكر مقابلة أجريت معي بعد أحداث سبتمبر 2001 -حيث كنت مديرا لمدرسة عربية إسلامية في ألكسندريا فرجينيا- وأشارت الصحفية في مقدمة المقابلة إلى أنني ملتح وأصلي الفروض الخمسة، والإشارة إلى اللحية والصلاة قد يفهمها القارئ الأمريكي العادي وحتى المدعي للمعرفة بثقافتنا وديننا أنها درجة من درجات التطرف! خاصة وأن الإعلام الأمريكي اليميني –فوكس وأخواتها- جاهل ويدعي المعرفة، كما قال عنه الممثل المشهور بن أفليك في المقابلة المشهورة، وبإمكانه إثارة الرأي العام بسهولة ضد الآخر الرافض لما يسمى اليوم "التثاقف" أي الاستلاب الكامل والاندماج غير المشروط في ثقافة الآخر، كما يقول أحد الباحثين في تعريفه لمصطلح التثاقف" أنه علاقة تكشف عن اللاتكافؤ الواضح بين ثقافة الإنسان العربي الذي استُغِل واستُعمِر ولا زال، وثقافة الإنسان الغربي المستعمر القوي السيد الذي يراهن اليوم على فكرة العولمة "كأسلوب جديد للاستعمار". 

فالغرب -مع استثناءات قليلة- يتعامل مع المسلم الملتزم بتعاليم دينه تعاملا قد يصل به إلى الإرهاب.

معايير التطرف وصفات "المسلم المعتدل"

ولذلك تفضلت مؤسسة راند في تقريرها المهم الذي قدم عام 2007 باسم "بناء شبكات المسلم المعتدل - وقدمت لنا معايير "المسلم المعتدل" فهو المؤمن بالديمقراطية التي ترفض تطبيق الشريعة، وحرية المرأة، علماني ليبرالي، يحترم حقوق الأقليات التي يعتبر الشواذ جزءا منها، يرفض العنف الذي يتضمن رفض مقاومة المحتل، وهذه المصطلحات تأتي وفق النظرة الغربية لها، فحرية المرأة تعني لهم تعديل آيات الميراث، وتقديم تفسير للقرآن الكريم ينطلق من الرؤية الغربية للعالم.

هذه الرؤية الغربية للمسلم يجب دعمها وتقديم المال والإعلام اللازم لتكريسها، كما دعم الغرب الأوربيين خلال الحرب الباردة. 

فلا تعجبوا إذا رأيتم نماذج لهذا "المسلم المعتدل" يعتلي منبرا أو يتسلم منصبا أو يعمل مع مؤسسة مشبوهة همها القضاء على القيم والسلوكيات النابعة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فهؤلاء لا يُنصّبون في مواقع حساسة دون مقابل، والدعم اللامحدود لهم ماليا وإعلاميا تطبيق لتقرير راند الذي قال عنه أحد أعدى أعداء الإسلام في أمريكا الصهيوني دانيال بايبس:

 When I suggest that radical Muslims are the problem and that moderate Muslims are the solution, the nearly inevitable retort from most people is: 'What moderate Muslims?'… Moderate Muslims do exist. But, of course, they constitute a very small movement when compared to the Islamist onslaught. This means that the American government and other powerful institutions should give priority to locating, meeting with, funding, forwarding, empowering, and celebrating those brave Muslims who, at personal risk, stand up and confront the totalitarians. 'Building Moderate Muslim Networks' methodically takes up and thinks through this concept. [The authors] grapple intelligently with the innovative issue of helping moderate Muslims to grow and prosper… [The book] marks a major step toward the systematic reconfiguration of Washington's policy for combating Islamism. The study's meaty contents, clear analysis, and bold recommendations usefully move the debate forward, offering precisely the in-depth strategizing that Westerners urgently need."

Daniel Pipes, Middle East Forum, April 2007

وخلاصة ما قال هذا الأفّاك: "عندما أقترح أن الراديكاليين المسلمين هم المشكلة، وأن المعتدلين هم الحل.. المعتدلون موجودون بنسبة قليلة عند مقارنتهم بالإسلاميين المتسلحين بالعنف"، وهذا يؤكد أنهم يرون غالبية المسلمين كمتشددين، إن على الحكومات الأمريكية والمؤسسات النافذة أن تعطي هذا الأمر أولوية كبيرة بالبحث عن المعتدلين والاجتماع بهم وتقديم الدعم المالي لهم وتمكينهم والاحتفاء بهؤلاء "الشجعان" الذين يقفون في وجه المستبدين! ولا يقصد بالمستبدين الحكام الذين يحكمون حكما استبداديا، بل كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة والإسلام الذي نعرفه من القرآن والسنة.

الأكثر قراءة
00:00:00