رسالة مفتوحة إلى برينتون تارانت وأصدقائه

الصورة
الإعلامي حسام غرايبة
الإعلامي حسام غرايبة

بقلم: حسام غرايبة

آخر تحديث

نعيد نشر هذا المقال تزامنا مع الذكرى الثالثة لمجزرة مسجدي كرايستشيرش، في نيوزلندا عام 2019، والتي قتل فيها المجرم برنتون تارانت 51 مصل.

رسالة مفتوحة إلى برينتون تارانت وأصدقائه

أستطيع أن أفهم أن قراءتك للتاريخ قد ملأت قلبك حقدًا على فئة من البشر (الملونين من غير البيض)، وعندما تراهم يتكاثرون بسبب هجرتهم إلى بلدانكم -ومنها نيوزلندا- سأقول لك ولأصدقائك ما يلي: إن المهاجرين منّا إلى بلدانكم لم يهاجروا لأنهم يكرهون بلدانهم الأصلية، أو لأن بلدانهم ليست جميلة، فبلاد الشرق (بلادنا) ساحرة، تراثها وأنهارها وشواطئها الدافئة، بترولها ومعادنها وثرواتها الطبيعية، دفئها وبردها، شتاؤها وصيفها وربيعها، أجمل من كل ما تملكون أنتم في بلدانكم.

لكن أبناءنا يهاجرون إلى بلدانكم لأن حكوماتكم وقادتكم السياسيين قد وقفوا ودعموا وساندوا حكامًا مستبدين في منطقتنا، فأفقرونا وملأوا السجون بأبنائنا، قمعوا حرياتنا، دمروا نسيجنا الاجتماعي، قتلوا منا الملايين ليبقوا على كراسيهم، حكامكم دعموهم ووفروا لهم الغطاء والسلاح والمعلومات، لو أن حكامكم لم يدعموا الاستبداد في أوطاننا لما هاجرنا إليكم، بل لعاد المهاجرون من جديد إلى بلادهم، ولاستقبلناكم ضيوفًا وسائحين في بلداننا وأعطيناكم العهد، لما مسسنا شعرة من أحدكم، لاحتفينا بكم ووزعنا عليكم الورود طمعًا في هدايتكم وترغيبًا لكم لتعيشوا مثلنا ولتتنعموا بالعدل والتسامح والرحمة المنتشرة في بلداننا.

لن تتوقف الهجرات، ولن يتوقف خطاب الكراهية منكم أو من بعضنا، إلا إذا تنعّم أبناء الشرق بالحرية واستعادوا ثرواتهم وإرادتهم السياسية، وإن قتلك حوالي 50 مهاجرًا مسلمًا في مسجد يؤدون صلواتهم بسلام وسكينة ليس عملًا بطوليًا البتة، بل هو عمل جبان ودنيء، يدل على أنك بالرغم من نشأتك لأبوين بريطانيين، وولدت في أستراليا، وتعيش في نيوزلندا لم تتمكن من بناء ثقافة سليمة، وإن أصلك و نشأتك في دول ديموقراطية لم تغير فيك شيئًا ولم تؤثر عليك إيجابًا، فما زلت مسكونًا بالكراهية والبغضاء للآخر، ما زلت عنصريًا بغيضًا، والأحزاب التي تمثل فكرك ما زالت قائمة في بلدانكم وتدعوا لما تدعوا أنت إليه، وأنتم بأفكاركم هذه لا تختلفون عن فكر القاعدة أو داعش بشيء.

الأكثر قراءة
00:00:00