الحارة في الأفلام والمسلسلات العربية
كانت أجمل اللحظات التي ارتبطت في عقليتنا ذهنيا في طفولتنا الحارة الجميلة التي صورتها الدراما العربية من خلال المسلسلات والأفلام العربية التي كانت تحاكيها؛ فقد شاهدنا الحارة بحلوها ومرها ومكوناتها وتفاصيلها وأزقتها وتقاليدها الشعبية وشخصياتها القوية التي كانت تنضج وتكبر أمام المشاهد، من خلال مسلسلات ما زالت تحدث تأثيرا إيجابيا في حياتنا.
الحارة في الأفلام والمسلسلات العربية القديمة
كانت الحارة قريبة منا ومن شخصياتنا ومن تقاليدنا التي تناقلت معنا، فالكثير من المسلسلات التي كانت تحاكي الحارة، كما في حلقات مقالب غوار التي صورت في الستينيات ومن بعدها في فترة السبعينيات من القرن الماضي مسلسل (صح النوم) الذي ظل يعاد على مدى سنوات متواصلة على التلفزيونات العربية خلال فترات شهر رمضان.
وكانت الأحداث التي تفاعل معها المشاهد مقنعة للجمهور وحقق المسلسل شهرة عالية، وكذلك المسلسل الأردني الشهير في بداية الثمانينات (حارة أبو عواد) الذي عايش الحارة الأردنية.
وفرضت الحارة نفسها في السينما المصرية أيضا وصاغها بشكل درامي الروائي صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ، فشاهدنا في الأفلام التي كتبها للسينما شخصية الفتوة والمعلم والإنسان المهمش في الحياة والصراع بين الفقراء والأغنياء وأنماط متعددة من الحياة الشعبية للناس، ومن واقع الحارة تجسدت تفاصيل صغيرة ورؤية فنية وصلت إلى العالمية.
ولا ننسى كتابات أسامة أنور عكاشة وبالذات مسلسله الشهير (ليالي الحلمية) الذي صور التحولات في الـحارة المصرية وتحولاتها خلال القرن الماضي والصراع بين الطبقات الاجتماعية، وغيرها العشرات من الأفلام والمسلسلات.
في كل ما كان ينتج من أفلام ومسلسلات عن الـحارة وفي أي بقعة في العالم العربي كانت تظهر سلطة القانون هي السائدة في نهاية العمل الدرامي ودون أي تلوين أو تفاصيل غير منطقية ولا تمت للواقع بصلة.
الحارة ليست اسفاف ولا ابتذال
الـحارة ليست اسفاف ولا ابتذال ولا خروج عن القيم والتقاليد، الـحارة هي رمز للارتباط في المكان والهوية في وجه التغريب والتشويه، كما أنها تحمل دائما قيما جميلة ومواقف وممارسات ليست فيها خدع أو تشويه، والحارة تتحيز للمكان الذي عشنا به وتربينا فيه، الـحارة ارتبطت فيها علاقاتنا الحميمة مع الناس وتجسدت فيها صداقتنا التي لن تموت.
الـحارة اليوم ليست ببعيدة عنا.. هذه هي (حارة الياسمينة) تلك الـحارة القديمة في نابلس العريقة بتاريخها ومعالمها القديمة برجالها الأشداء الذين بنوا عرينهم فيها لتبقى هذه الـحارة أيقونة المقاومة والصمود.