نحو تغيير ثقافي ملحّ.. عندما تقتل العيارات النارية صوت الفرح

الصورة
العيارات النارية
العيارات النارية
آخر تحديث

أتساءل كيف للفرح والخوف أن يجتمعا في آن، حيث من المفترض أن تكون اللحظات التي يجتمع بها الأحبة والأصدقاء بقلوب تملؤها البهجة، يظل هناك صدى العيارات النارية المخيف الذي يقلق فرحتنا، والخوف الذي يطفو على سطح تلك اللحظات الفرحة فيحولها إلى كابوس. 

العيارات النارية .. كيف تحول التعبير عن الفرح إلى موت؟

كيف للفرح أن يقتل عريسا في يوم كان من المفترض أن يكون بداية حياة، فتحوله يد مرتجفة وعقل مسكون بالجهل إلى نهاية؟ 

إنه صوت الرصاص الصاخب المنطلق دونما أي تبرير وبطريقة استعراضية، مخلّفا وراءه تداعيات مدمرة تمس بأمن الأفراد وتفطر قلوب الأهل والأحبة. عندما تتحول البهجة إلى قلق، والسرور إلى خوف، يكون من الضروري أن نلقي نظرة عميقة على خطورة هذه العادة السيئة وأهمية العمل المشترك من الجهات كافة للتخلص منها. 

لا شك أن الأفراح والمناسبات تمثل جزءا مهما من ثقافاتنا وتقاليدنا، ومع ذلك، لا زال البعض يعد ظاهرة إطلاق العيارات النارية خلال هذه المناسبات تصرفا مألوفا، علما بأنها تحمل في طياتها خطورة كبيرة على الأفراد والمجتمع ككل. إن التحديات الأمنية والاجتماعية التي تنطوي عليها هذه العادة السيئة تتطلب تدخلا فوريا من جميع الجهات المعنية، ولا سيما الجهات الحكومية والمجتمع ككل. 

تفعيل المسؤولية الاجتماعية واجب ضروري، يجب أن يتخذ كل فرد دوره في تغيير هذه العادة. وهذا يمكن أن يطرح سؤالا كبيرا:

كيف لنا أن نحتفل بسعادتنا دون أن نهدد سلامة الآخرين؟

أين دور الشخصيات الدينية والقادة المجتمعيين عن توجيه الناس نحو ترك ونبذ هذه العادة وتشجيع التصرف المسؤول، وأين هو دور مدارسنا وجامعاتنا من هذا العبث؟ 

أعتقد أن إطلاق العيارات النارية لا يتوقف على الأضرار المباشرة من قتل وتخريب للممتلكات، بل يتعداه الأمر إلى الضرر النفسي، خاصة لدى الأطفال، بل وحتى الكبار أيضا؛ بسبب الضجيج والصوت العالي الذي يحدثه إطلاق العيارات، وحالة القلق والضغط النفسي والترقب التي تصيب بعضنا خوفا من مصيبة قد تحدث. 

مسؤولية المجتمع

الحاجة إلى تغيير ثقافة إطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات باتت ملحة، يجب على المجتمع أن يتّحد للقضاء على هذه العادة الخطيرة من خلال التوعية بمخاطرها، وتبني سلوكيات بديلة تحترم السلامة العامة وتعزز من فرحة المناسبات دون التسبب بآثار سلبية. 

مسؤولية الدولة

على الحكومة وأجهزة الدولة أن تلعب دورا مهما في ضبط سلوك إطلاق العيارات النارية وذلك من خلال تشديد القوانين المنظمة وتطبيقها بحزم. ويجب أن تكون العقوبات الرادعة للمخالفين موجودة ومنصفة، مع دراسة ما إذا كانت هناك حاجة لتشديد القوانين أو تطوير آليات تفعيلها؟ 

واجب إنساني واجتماعي

يتجلى أمامنا واجب إنساني واجتماعي يتعين علينا جميعا تحمله بجدية؛ فإطلاق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات لم يعد مجرد مظهر من مظاهر التسلية أو التعبير، بل أصبح يهدد الأمان الجماعي ويسلب منا قسما من البهجة التي نسعى لمشاركتها مع أحبائنا. 

كلنا نعلم أن تغيير ثقافة المجتمع ليست مهمة يمكن تحقيقها في لحظة، بل هي مسيرة تحتاج إلى تعاون مشترك وجهود متواصلة. علينا أن نبني مفهوما جديدا للفرح والاحتفال، يستند إلى السلامة والمشاركة الإيجابية، وذلك عبر تبني تصرفات مسؤولة ومتعاونة. 

لن تتحقق هذه التغييرات إلا بجهود متواصلة وصبر، ولكنها تستحق كل الجهد. 

اقرأ المزيد...قصة أبو يامن الذي فقد زوجته وثلاثة من أطفاله في حادث حوفا

الأكثر قراءة
00:00:00