خبير هندسة المياه، ناشط سياسي
المرجعية ما لها وما عليها
بقلم: لؤي الفروخ
في ظل تصاعد المصادمات في العراق بين المطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد وبين مكونات الدولة العراقية، برزت مرجعيات عراقية ومرجعيات إيرانية، وخرج أشخاص يطالبون باتباع هذه المرجعية أو تلك.
ما ينطبق على العراق ينطبق على كثير من الدول العربية، فنسمع عن المرجعيات السنية في لبنان ونسمع عن مرجعية الأزهر في مصر ونسمع عن مرجعيات سياسية وأخرى دينية وحزبية وعلمية هنا وهناك.
ما هي المرجعية؟
فما هي المرجعية، وهل إجماع الناس على مبادىء وقيم تتعلق بالإنسان والمجتمع وببنية الدولة كاف لتشكيل المرجعية لكل الناس، وهل المرجعية مرجعية أفكار أم أشخاص، وهل تصل هذه المرجعيات إلى مستوى الخروج من دائرة النقد إلى التقديس، أسئلة كثيرة لا زالت بحاجة إلى إجابات في زمان تبعثرت فيه الناس وراء هذه المرجعيات، وشكلت حالة من التصادم بين فترة وأخرى، مما أدى لسفك الدماء وتخريب البلاد.
ماذا نريد من المرجعية؟
الأصل في المرجعيات أنها مرجعيات فكر ومبادئ، وليست مرجعيات أشخاص وليست تبعيات لأشخاص أو أنساب أو عائلات، وكل شخص تبنى فكرا أو مبدأ فهو خاضع للنقد مهما بلغ من العلم، بما في ذلك العلم الديني، فليس مقبولا التبعية العمياء من الناس، وليس مقبولا ممن التفّ حوله أتباع أن يستخدم ذلك للمناورات السياسية لتمرير مخططات لدول ذات نفوذ أو لخدمة مصالحها، بل الأصل استخدام ذلك لحماية الفكر والمبادئ والدفاع عن مصالح الناس وكشف ومحاربة الفاسدين، والأصل في الأتباع دعم ومناصرة من يمثلهم ما دام يعمل من أجل تلك المبادئ، وفي حال خرج عن ذلك يجب عليهم تصحيح المسار ومساءلة هذه المرجعيات.
توظيف المرجعية في غير المراد
للأسف الشديد لا زالت المرجعيات لا تستخدم مكامن القوة لديها بوجود الأتباع لتغيير الواقع، بل للأسف يتم استخدامها وتوجيهها للمناكفات السياسية والبحث عن المناصب، مما يزيد من تشتت الناس وإشغالهم في قضايا جانبية.
وللأسف الشديد أن يصل مستوى الجهل عند كثير من الناس لمستوى إخراج المرجعيات من دائرة النقد والمحاسبة، بل تبعية عمياء مغلفة بغطاء ديني تصل إلى مرحلة التقديس عند البعض.
مرجعية الأفكار المجردة من المصالح الشخصية والمنبثقة عن تعاليم الخالق تؤهل كل من تنطبق عليه أن يكون مرجعا للناس، يساهم في التفاف الناس حول المبدأ أو الأفكار، فهل نعي ذلك ونخرج من دائرة التبعية العمياء بتشغيل العقول وفهم النصوص والعمل للتغيير من أجل الناس كل الناس وليس من أجل مصالح المرجعيات المزيفة.