الفرصة مواتية: مراجعة بيئة الصناعة الأردنية ودفعها نحو العالمية

الصورة
عبارة صنع في الأردن | تعبيرية
عبارة صنع في الأردن | تعبيرية
آخر تحديث

في خضم تجربة قصيرة لكنها مكثفة إلى حد ما داخل قطاع الصناعة الأردنية تترسخ لدي قناعة عميقة بأن الصناعات الوطنية الأردنية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التقدم والازدهار. مشاعر الفخر والاعتزاز لا تنبع فقط من حجم التطور الذي بلغته هذه الصناعات، بل أيضا من الإمكانات الكامنة التي تؤهلها للانطلاق نحو آفاق أوسع وأسواق عالمية جديدة. 

الطموح لا ينقصنا، لكن البيئة التنظيمية والإجرائية ما تزال بحاجة إلى مراجعة شاملة تفتح الطريق أمام هذا الطموح ليأخذ مداه الحقيقي. ومن خلال المعايشة اليومية لتفاصيل عمل الصناعة الأردنية، تبدو أمامنا بوضوح ثغرات إجرائية وقيود تنظيمية، قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها ذات أثر بالغ على قدرة القطاع على التوسع والتحديث. والفرصة اليوم مواتية لمعالجة هذه الإشكاليات، في ظل انفتاح الحكومة وفريقها الاقتصادي، على الإصلاح واستعدادهم التام للتعاون وتبني حلول عملية واقعية.

غياب المبادرة من القطاع الخاص هو الإشكالية الأبرز في قطاع الصناعة الأردنية

ربما التحدي الحقيقي، والإشكالية الأبرز، يكمن في غياب المبادرة من القطاع الخاص نفسه لتقديم حلول عملية واضحة للتحديات التي تعترض قطاع الصناعة الأردنية. 

ومن هنا، نحن بحاجة إلى تبني نهج جديد يرتكز على تشخيص التحديات مقرونا بتقديم حلول قابلة للتطبيق. ومن اللافت أن معظم هذه الحلول لا تفرض أعباء مالية تذكر على الخزينة العامة، بل على العكس، تحمل في طياتها فرصا حقيقية لتعزيز الإيرادات العامة، من خلال تحفيز الاستثمارات وتوسيع القاعدة الإنتاجية. 

المرحلة المقبلة بحاجة إلى التوسع نحو أسواق تصديرية جديدة وغير تقليدية

إن متطلبات المرحلة المقبلة تتجاوز الإصلاحات التنظيمية لتشمل التوسع نحو أسواق تصديرية جديدة وغير تقليدية، خصوصا في ظل الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية التي يشهدها العالم؛ فتنويع الأسواق لم يعد خيارا، بل ضرورة استراتيجية تفرضها المتغيرات العالمية. ويوازي ذلك أهمية كبرى لتعزيز التنسيق بين قطاع الصناعة الأردنية والقطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الصلة، وعلى رأسها القطاع الزراعي، بهدف بناء منظومة اقتصادية أكثر تكاملا وتماسكا.

وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى تطوير البنية اللوجستية الداعمة لسلاسل الإنتاج والقيمة. خلال الفترة المقبلة سيكون لدينا مجموعة من المبادرات الواعدة في هذا المجال، والتي إن كتب لها النجاح، فستمتد آثارها الإيجابية إلى مختلف الأنشطة الاقتصادية في المملكة، من الزراعة إلى الخدمات والتجارة؛ فرفع كفاءة الأنظمة اللوجستية وتحفيز شبكات النقل والتخزين والتوزيع يشكل عنصرا حاسما في تعزيز تنافسية المنتج الوطني وتمكينه من الوصول إلى الأسواق المستهدفة بكفاءة وتكلفة مناسبة.

ما نحتاجه اليوم هو تكامل في الرؤية ووضوح في المسار، ورؤية التحديث تشكل أرضية صلبة وواقعية لذلك، وتحتاج إلى شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص. فمستقبل الصناعة الأردنية لا يصنعه طرف واحد، بل هو ثمرة جهود جماعية متكاملة. والفرصة لا تزال أمامنا لنقل صناعتنا من مرحلة الاعتماد إلى مرحلة الريادة، ومن السوق المحلي إلى العالمية. 

اقرأ المزيد.. انتشال الاقتصاد من السقوط الحر

00:00:00