"إسرائيل" والدعاية السياسية السوداء.. ومنهج قوبلز وزير الإعلام النازي

الصورة
جوزريف قوبلز | المصدر: Getty Images
جوزريف قوبلز | المصدر: Getty Images
آخر تحديث

يعرف جورج قوبلز بلقب "أبو دعاية الإعلام السوداء" والذي شغل منصب وزير إعلام ألمانيا في عهد هتلر النازي. إذ كان يستخدم مجموعة من الأساليب للدعاية الإعلامية للترويج لأيديولوجيا الحزب النازي وكسب الشعبية لسياسات وخطاب الحزب النازي. 

في ظاهرة إعلامية إسرائيلية جديدة على الجمهور العربي، ظهر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، قسم الإعلام العربي، أفخاي أدرعي، يهودي من أصول عراقية، على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية، موجها خطابه إلى الجمهور العربي. أفخاي لديه أكثر من 3 ملايين متابع، معظمهم من العرب، كما ظهر إيدي كوهين يهودي من أصول لبنانية، يعمل باحثا في مركز بيغن السادات للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، ويعمل مستشارا في مكتب رئيس الوزراء الصهيوني.

7 سمات مشتركة بين منهجية قوبلز في الإعلام ومنهجية الإعلام الصهيوني

من يتابع هذه الوجوه الإعلامية الصهيونية، يجدها تمارس الدعاية السياسية السوداء ذاتها التي كان ينتهجها وزير الإعلام النازي جورج قوبلز، إذ اتسمت منهجية قوبلز في الإعلام وتطابقت مع منهجية الإعلام الصهيوني بالتالي:

1- توجيه الخطاب إلى الجمهور والالتفات عن النخب

إذ كان يعتقد قوبلز أنه يجب توجيه الخطاب الإعلامي إلى الجمهور العام وترك النخب، وأنه عندما تسيطر على الجماهير فإن النخب تتحول إلى جماهير وتحاول أن تقدم خطابا شعبويا ينسجم مع خطاب الجمهور وقناعاتهم. وهذا ملاحظ من خلال توجه إعلام الكيان الصهيوني إلى الجمهور العربي مباشرة وبلغة قريبة من الشارع ويتركوا الجمهور هو من يشكل قناعات النخب السياسية والإعلامية وليس العكس.

2- تبسيط الأفكار وتسطيحها

يعمل كوهين وأفخاي على محاولة تبسيط الأفكار المعقدة بأقل الكلمات وتسطيحها لتصبح قادرة على التسلل إلى فكر المواطن العربي المستهدف؛ فالأفكار البسيطة والسطحية أسهل للفهم وأكثر انتشارا. إذ يسعى أفخاي إلى تبسيط فكرة قوة الردع الإسرائيلي من خلال استعراض قدرات الجيش الإسرائيلي على ضرب أعدائه حتى يزرع في نفوس الجمهور العربي فكرة أن قوة الردع الإسرائيلية لا تسقط أولا تضعف. كما يسعى كوهين إلى محاولة تبسيط فكرة سيطرة الكيان الصهيوني على قرارات الأنظمة العربية من خلال محاولته التشكيك في المواقف الرسمية العربية المعلنة، ويبسط فكرة أن الأنظمة العربية مخترقة صهيونيا ومتعاونة معهم لتوسيع الفجوة بين ما هو رسمي وما هو شعبي.

3- استخدام الخطاب العاطفي

إذ يلاحظ كيف يستخدم أفخاي الخطاب العاطفي الأقرب إلى النفس العربية، ويتحدث بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والسيرة النبوية لمحاولة الترويج لقبول الكيان الصهيوني في المنطقة وإظهار وجه التسامح الديني الإسرائيلي. بينما يستخدم كوهين مشاعر الغضب الكامنة في نفوس بعض الشعوب العربية تجاه الأنظمة الحاكمة من خلال إظهار مواقف الأنظمة كخادم للكيان الصهيوني في السر. 

4- اختيار خصم محدد والتركيز على شيطنته

وهذا ما يمارسه أفخاي أدرعي من خلال محاولة حصر كل مشكلة غزة في حماس وقيادات حماس، ويحاول أن يظهر أن كل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي محصورة في حماس، ويحاول أن يصبغ عليهم أوصافا ويرسخها على مسامع الجمهور العربي كوصف حماس بالدواعش. فهو يسعى إلى شيطنة حماس وقادتها ويحاول إظهار الخلاف العربي الإسرائيلي على أنه خلاف حماس و"إسرائيل". بينما يعمل كوهين على محاولة شيطنة الحركات الإسلامية حتى تتعمق هوة الخلاف بين ما هو رسمي وما هو نخبوي عربي، هذا الخلاف الذي تحاول أن تستفيد منه "إسرائيل" بشكل دائم.

5- الكذب المفضوح وتكرار الكذب

هذا التكتيك يقوم به بشكل دائم أفخاي أدرعي من خلال محاولة إظهار "إسرائيل" في حالة دفاع عن النفس وأن المشكلة في عدوهم الفلسطيني الذي لا يقبلهم، رغم كل ما يشاهده العالم من وحشية الصهاينة وإجرامهم على الأرض. إلا أن تكرار تلك الكذبة المكشوفة يجعلها تتسرب إلى أذهان الجمهور شيئا فشيئا. 

الأمر ذاته الذي يمارسه كوهين عندما يطلق إشاعات وكذبا مفضوحا يشغل الرأي العام للدول العربية ويغذي الخلاف العربي العربي، مثال ذلك أنه اتهم مسؤولا أمنيا عربيا بالمساهمة باغتيال أحد قادة المقاومة في بلاده، وهدد هذا المسؤول بكشف الفيديوهات الخاصة به. هذه الكذبة المفضوحة مع التكرار والحديث المستمر حولها تتسرب إلى الوعي العربي وتؤثر به وتشكل قناعات الجمهور خاصة في ظل حالة عدم الثقة بين ما هو رسمي وما هو شعبي.

6- استغلال الأحداث والمناسبات للترويج لروايته الإعلامية

وهذا ما يبرع به أفخاي أدرعي في استغلال المناسبات الدينية والوطنية لمحاولة اختراق العقل العربي وتحسين صورة "إسرائيل"، مثل إقامة إفطار رمضان للجنود الصهاينة من المسلمين أو التهنئة بعيد ديني أو وطني عربي، والتركيز على فكرة التسامح الديني في المنطقة.

7- التنوع في استخدام أساليب الدعاية السياسية

من خلال الخلط بين الدعاية السياسية البيضاء ونشر المعلومات الصحيحة، والدعاية السياسية الرمادية من خلال خلط معلومات صحيحة بمعلومات كاذبة، والدعاية السياسية السوداء من خلال ترويج وإشاعة المعلومات الكاذبة. وفي هذا التنوع من الدعاية السياسية، يتم تمرير كثير من المعلومات المضللة.

فكرة إبادة الخصم مشتركة بين الأيديولوجية النازية والأيديولوجية الصهيونية 

وحيث إن هناك تشابها كبيرا بين الأيديولوجية النازية والأيديولوجية الصهيونية القائمة على أساس عنصري، يتمثل في احتقار الآخر واضطهاده والتفوق عليه، تشترك الأيديولوجية النازية مع الأيديولوجية الصهيونية في فكرة إبادة الخصم والتخلص منه بأسلوب صفري، فإن الدعاية الإعلامية السوداء هي الوسيلة المناسبة للترويج لتلك الصفات المشتركة بين الأيديولوجيتين ومحاولة تمريرها لجمهور الخصم. 

في ظل عصر الثورة المعلوماتية، ليس من المناسب الطلب من الجمهور العربي عدم المتابعة والتحذير من ذلك، فهي دعوات أصبحت خارج الزمن، والفضول يدفع الجميع للمعرفة وكل ممنوع مرغوب، لكن من المهم أن يفهم المواطن والجمهور العربي هذه الأساليب الصهيونية في الدعاية السياسية السوداء حتى يستطيع التعامل مع تلك المعلومات وتلك الأساليب الدعائية الخطيرة والتحذير منها وفضحها عندما يتابع الماكنة الإعلامية الصهيونية الموجهة للجمهور العربي. 

اقرأ المزيد.. مستقبل المشروع التركي في الشرق الأوسط

دلالات
00:00:00