إلى شيرين.. أنت الحية وهم الأموات

الصورة
رلى الحروب
رلى الحروب

بقلم: رلى الحروب

آخر تحديث

اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفية الفلسطينية المناضلة مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة برصاصة قاتلة في الرأس أثناء تغطيتها اقتحام القوات الإسرائيلية الهمجي لمخيم جنين، وفي الوقت الذي ترتدي فيه سترة الصحافة، وحاولت اغتيال صحفي زميل لها هو علي السمودي الذي أصيب برصاصة في الظهر، استهدفت إصابته بالشلل على ما يبدو ولكن وضعه بحسب وزارة الصحة الفلسطينية مستقر.

جيش الاحتلال البربري الذي استشعر هزيمته لإقدام حفنة من الشبان الفلسطينيين غير المنظمين على ارتكاب عمليات في العمق الفلسطيني المحتل عام 1948 يحاول الثأر بأي شكل، ويهاجم المدنيين ويهدم البيوت ويقتل ويعتقل على غير هدى، في محاولة لاستعادة كرامته التي مسح بها الشبان الفلسطينيون الأرض، وهو باستهدافه الصحفية الفذة شيرين أبو عاقلة كان يريد قربانا كبيرا يقدمه إلى شعب منحاز بكليته إلى اليمين المتطرف العنصري اللا إنساني، ولم يجد أهم من شيرين لتكون ذلك القربان، وهو بذلك يوجه رسائل في كل الاتجاهات.

رسائل الاحتلال من اغتيال شيرين أبو عاقلة

هو أولا يريد إسكات صوت الصحافة الحرة وعلى رأسها قناة الجزيرة التي تبدع في بثها وتغطيتها المباشرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي لولاها لما عرف العالم ما يحدث هناك.

وثانيها ألا أحد بأمنٍ من غدر "إسرائيل" وجيشها الهمجي، وألا حصانة لأحد، لا صحافة ولا مدنيين ولا طواقم طبية، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فهذا الجيش عقيدته استباحة كل من هو ليس يهوديا، فلا كرامة ولا حصانة لأحد، ولتذهب كل الاتفاقيات الدولية إلى الجحيم، وليذهب القانون الدولي الإنساني إلى سلة المهملات، فإسرائيل وجيشها يصنعون قانونهم الخاص لأنهم فوق القانون وفوق المساءلة وفوق المجتمع الدولي المزعوم بأممه المتحدة ومحكمة جناياته الدولية ومجلس حقوق إنسانه وكل تلك المؤسسات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

أما رسالتهم الثالثة فهي لإخافة كل الشعب الفلسطيني ومعه الشعب العربي المتعاطف مع فلسطين، وهي رسالة قوة وبطش وغطرسة، مفادها أننا نفعل ما نريد، وويل لمن يجرؤ على أن يتحدانا.

استشهاد الصحافية اللامعة الرائعة الباسلة شيرين أبو عاقلة هو وصمة عار جديدة تضاف إلى جبين كل المطبعين من العرب والمسلمين الذين يضعون أيديهم في أيدي قتلة الأطفال والنساء والصحافيين والمدنيين مهدمي البيوت العامرة ومقتلعي أشجار الزيتون المعمرة، ومن ارتكبوا مجازر يندى لها جبين الإنسانية منذ بدء صراعهم مع الإنسان الفلسطيني والعربي والمسلم حتى اليوم، لم يسلم شيء أو شخص من إجرامهم، لا شجر ولا حجر ولا بحر ولا أرض ولا سماء ولا هواء ولا تربة، كل شيء أفسدوه ودنسوه وشوهوه، ألا شاهت وجوههم وساء ما يفعلون.

أطالب وزارات الإعلام العربية وجميع المؤسسات العربية الكبرى بتخصيص جائزة للصحافيين العرب في الميدان باسم جائزة شيرين أبو عاقلة، ليس تخليدا لذكرى هذه الصحافية الفذة فحسب، بل لتذكير العالم بجرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تجاوزت كل الحدود.

شيرين، ربما غادرت هذه الحياة الفانية البائسة، ولكنها أكثر حياة من 400 مليون عربي يعيشون بلا هدف ولا إنجاز، وهي بالتأكيد أكثر حياة من كل الخونة والمطبعين العرب الذين يدوسون بخيانتهم كل يوم تضحيات أطفال فلسطين ونسائها وشبابها وشيابها وشعبها المناضل الذي يتصدى وحيدا لمخططات الهيمنة على كل الرقعة العربية، بينما يرسل البعض صدقاتهم إلى إسرائيل ويعقد معها البعض الآخر صفقات اقتصادية وينسق معها البعض أمنيا وسياسيا ودبلوماسيا، كل ذلك، على حساب الشعب الفلسطيني وكرامة العرب والمسلمين التي باتت كلمة بلا معنى.

الألم يعتصرنا ولكننا سنسمو فوق الألم، وستكون شيرين دافعا إضافيا لمواصلة النضال ضد آخر استعمار استيطاني في العالم، ومهما فعل جيش الاحتلال ومعه كل طغاة العالم فإنهم لن يسكتوا صوت الصحافة الحرة أو صوت فلسطين.

00:00:00