كاتب سياسي وباحث في الدراسات الإسلامية
ما الذي يفعله رئيس مجلس الأعيان؟
قام رئيس مجلس الأعيان مشكورا قبل أسابيع وبمبادرة شخصية منه (كما ذكر في اجتماعاته ) بالإلتقاء برؤساء الأحزاب السياسية والنقابات وغيرها من أجل التحضير لقفزة سياسية هامة في بداية المئوية الثانية للدولة، لا نعلمها نحن، ولا يعلمها هو، كما أخبر من حضر اللقاءات، لكنها مبادرة شخصية منه لتوضيح الخلل ومعرفته وتشخيصه ..ولا ندري إلى أين يقودنا ! .
فدولته – كما أخبرني بعض من حضر - وفي جميع تلك اللقاءات كان مُتقدما على جميع الأحزاب في نقد النهج السائد الذي أوصلنا إلى ما وصلنا اليه من تراجعٍ لهيبة الدولة، وعودة العصبيات الضيقة، واهتراء النهج السياسي والاقتصادي وغير ذلك من السلبيات التي يؤمن بوجودها .
في إطار هذا السياق الغريب، التقى الفايز خلال الأيام الماضية بفعاليات شعبية من مختلف المحافظات من المجالس المحلية والمخاتير والشباب وغير ذلك من المُسميات للحديث معهم في الشأن السياسي !وقد تصدرت اللقاءات عناوين الصحف والمواقع الالكترونية ،حيث تضمنت " التقاء رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، فعاليات شعبية ورسمية تمثل مختلف القوى السياسية والاجتماعية والنقابات والقطاعات الشبابية وممثلي الروابط والعشائر والدواوين في محافظتي جرش وعجلون، وتأتي اللقاءات لبحث أبرز القضايا الوطنية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف الخروج بتوصيات ومبادرات وحلول ناجعة حيالها، وهي ضمن سلسلة حوارات يُجريها على مستوى محافظات المملكة كافة".
أريد أن الفت نظر دولته إلى أن وصفة الاصلاح السياسي في الاردن ليست بحاجة إلى كل هذه اللقاءات والفعاليات والتصريحات وتبادل الرؤى مع الفعاليات الشعبية والحزبية وممثلي روابط العشائر والمخاتير وغيرهم، التي هي تكرار لما سبق من محاولات شبيهة ومماثلة، ولم تنجح ؛حيث بات يَعرف "الوصفة" الصغير والكبير والسياسي والإقطاعي والفاسد ويعرفها بالمناسبة ملك البلاد ويحضُ عليها في أوراقه النقاشية وتعرفها الأجهزة (كما يعرفون أبنائهم ) فلماذا هذا الخض في هذه "الشكوة السياسية"!
من غير المعقول أن نبقى نستمع يوميا لتلك الأخبار التي تقول بأن رئيس المجلس التقى بالفعاليات الشعبية والسياسية ليستمع منهم إلى وجهة النظر للنهوض بالشأن السياسي !وفي الأخبار أن الترتيبات تجري لقيام دولته بالترتيب للقاء جميع من ذكر أعلاه في المحافظات الاخرى ،ولا أدري ما الجديد الذي سيخرج به بعد هذه اللقاءات والترتيبات وضياع الوقت .
إذا أردتُ إحسان الظن؛ فدولته يريد الاستماع إلى طبيعة المشكلة السياسية وبواعثها وجوهرها والتي يعرفها هو أكثر مما يعرفها غيره ، ويعرف بلا شك الحلول لها، وطرق الوصول إلى بر الأمان دون الحاجة إلى هذه اللقاءات والترتيبات وإهدار الوقت ،وأنا حقيقة أخجل أن أكتب هنا كيفية الخروج من الأزمة السياسية التي نعانيها ، لأنني ببساطة أستطيع عبر محركات البحث أن سأل هذا السؤال ، فتأتيني مقررات ومخرجات الاجندات والحوارات الوطنية العديدة الوطنية التي تم الاتفاق عليها وتم وضعها داخل الأدراج !
وأود هنا أن استرجع خبرا نشر في الصحف الاردنية في عام 2011- أي قبل عشرة أعوام- و يقول بالنص والحرف: " وجّـه جلالة الملك عبد الله الثاني دولة رئيس الوزراء في كتاب التكليف السامي بضرورة إجراء حـوار وطني حول الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد ، وتنفيذاً للتوجه الملكي باشرت الحكومة بإجراء حوارات مهمـة ومكثفة مع العديد من القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، قررعلى إثرها مجلس الوزراء تشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة دولة رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري في 13/3/2011 ، وحدد مجلس الوزراء مهام اللجنة بإدارة حوار وطنـي مكثف حول مختلف التشريعات التي تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها، لإيجاد حياة حزبية وديمقراطية متقدمة ، وتشكيـل حكومات برلمانية عمادها الأحزاب ، وتقديم مشروعي قانونيين توافقيين للانتخابات النيابية والأحزاب لبيان هذه الأهداف، كما تضمن قرار مجلس الوزراء إعطاء اللجنة الحرية في البحث المعمق في مختلف التشريعات ذات الصلة وتقديم توصياتها" طبعا منذ تلك الفترة لم يحصل أي تقدم في هذا المجال وتمت اللقاءات والمشاورات، وخسرنا الوقت والجهد.. وتصور الناس حينها مع دولة رئيس الوزراء ووضعوا صورهم عبر صفحاتهم وهم يصافحون الرئيس للحديث في شأن سياسي خطير كما يحصل اليوم !
نحن في مشكلة عميقة بعمق معاناتنا وخيباتنا السابقة وبعمق رداءة الوضع السياسي، ونحن يا سيدي بحاجة الى (Action plan ) ، يتم العمل بها فورا ودون تردد وبحزم وعزم ، ولسنا بحاجة الى توصيفٍ للمشاكل وتوضيحِ الواضح وتفسير الماء بعد الجُهد بالماء! نحن يا سيدي.. نُسابق الوقت وكما يقول الشاعر الأردني :
أخشى أن يُدركنا يومٌ مُرٌ أحلى منه المُرُ