لماذا اختار الملك مدرسة السلط الثانوية كمحطة أولى في زيارته لمدينة السلط؟

الصورة
مدخل مدرسة السلط | المصدر: حبر
مدخل مدرسة السلط | المصدر: حبر
آخر تحديث

عندما زار الملك عبد الله الثاني وولي العهد الأمير الحسين مدينة السلط، كانت أولى محطاتهما مدرسة السلط الثانوية. ولم يكن اختيار هذه المدرسة عشوائيا، بل حمل رسالة عميقة تبرز قيم التعليم والعلم التي تأسست عليها الدولة الأردنية منذ عهد الملك المؤسس.

رسالة هاشمية عبر الأجيال

اختيار الملك لهذه المدرسة تحديدا يعكس رؤية هاشمية تعتمد العلم والتعليم كركيزة أساسية في بناء الدولة الأردنية. فمدرسة السلط الثانوية، التي تُلقب بـ"أم المدارس الأردنية"، ليست مجرد صرح تعليمي، بل شاهدة على تاريخ الأردن الحديث، وارتبط اسمها بتأسيس الدولة ومساهمتها في تخريج قيادات بارزة في مختلف المجالات.

عراقة تاريخ مدرسة السلط الثانوية 

تأسست نواة مدرسة السلط الثانوية في عام 1919، متنقلة بين بيوت أهالي المدينة قبل أن يُبنى مبناها الحالي على تل الجادور عام 1923، وهو تل أثري يُقال إنه سُمِّي نسبة إلى جاد أحد أبناء النبي يعقوب عليه السلام. افتتحها الملك عبد الله الأول بن الحسين، مؤكدا أن التعليم هو رأس مال الإمارة الأردنية. ومنذ ذلك الحين أصبحت المدرسة منارة للعلم والمعرفة.

دورها الريادي في التعليم

بدأت المدرسة بطاقم تدريسي من فلسطين وسوريا ولبنان والعراق، وتخرج منها أول فوج عام 1925 وكان يضم أربعة طلاب وهم: أحمد الظاهر، داوود عبدالرحمن تفاحة، عبدالرحيم الواكد، علي محمد عبد الله مسمار. وفي عام 1926 تخرج منها الفوج الثاني بثلاثة طلاب. 

كان على الطالب الذي يلتحق بمدرسة السلط الثانوية أن يقرأ القرآن ويتلقى درسا في الحساب، والإملاء، وحسن الخط، ويتعلم الأخلاق والنشيد والرسم، ومع مرور الوقت كان عليه أن يتعلم الهندسة والجبر والمساحة، والتاريخ والجغرافيا والزراعة والطبيعيات والأشغال اليدوية، فضلت عن اللغة الإنجليزية والموسيقى والنظافة والترتيب. 

وقد عُرفت المدرسة بتنوع مناهجها التي شملت العلوم والآداب والرياضة والفنون، كما كانت سبّاقة في تأسيس ما يأتي:

  • أول فرقة كشفية عام 1923.

  • أول مكتبة مدرسية عام 1925.

  • أول جمعية لحماية الحيوان عام 1926.

  • أول مجلة مدرسية عام 1938.

  • أول مرصد جوي بسيط فيها.

  • المدرسة الوحيدة التي تظهر صورتها في طابع بريدي أردني تم إصداره في عام 1982.

إرث معماري وثقافي

بنيت المدرسة على الطراز العربي الإسلامي، متأثرة بعمارة مدينة نابلس نتيجة التمازج الثقافي بين المدينتين. وقد سميت المدرسة بعدة أسماء عبر تاريخها مثل المدرسة السلطانية وهو أول اسم أطلق عليها، ومدرسة السلط الأميرية، ومدرسة السلط التجهيزية، ومدرسة الحربي، والمدرسة الحزبية، ومدرسة التل، وأخيرا مدرسة السلط الثانوية منذ عام 1938. 

ولا ننسى الاسم المحبب الذي نالته المدرسة بجدارة وهو "أم المدارس"، كما قال الشاعر الراحل حسني فريز، وهو أحد خريجي الفوج الثاني منها وأحد معلميها فيما بعد ثم مديرها في قصيدته الشهيرة التي ألقاها أمام الملك الحسين بن طلال في اليوبيل الذهبي للمدرسة عام 1976: 

  • أم المدارس كم هنئت بظلها           ولَقَنت أو لُقِّنت حر مقال

  • قد أنجبت في نصف قرن نخبة         في ساحة الشهداء والأبطال

جهود توثيق تاريخ المدرسة

في عام 2007، أُطلق مشروع لتوثيق وثائق المدرسة بتمويل ملكي، بهدف الحفاظ على إرثها التاريخي. تضمنت المبادرة ترميم أكثر من 70.000 وثيقة وصورة، وتحويلها إلى الشكل الرقمي، إلى جانب تزويد المدرسة بحافظات حديثة لحمايتها.

حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي ووزارة التربية والتعليم بمدرسة السلط الثانوية وعلى نفقة المركز، علما بأن التكلفة التقديرية كانت بحدود 200 ألف دينار وفق تقديرات وزارة التربية والتعليم، وتنفيذا لذلك تم وضع خطة عمل لمعالجة الوثائق الموجودة بالمدرسة. واشتملت خطة العمل على ما يلي: 

  • تسليم المدرسة 60 صندوقا لحفظ الوثائق من الرطوبة.

  • استلام جميع الصور الموجودة في المدرسة وعددها 382 صورة والعمل على ترميمها ومعالجتها وتحويلها الى الشكل الإلكتروني

  • إجراء جميع العمليات الخاصة بالمحافظة على الوثائق الموجودة في 92 حافظة في المدرسة والتي بلغت 70591 وثيقة.

رسالة ملكية: التعليم أساس التنمية

زيارة الملك عبد الله الثاني وولي عهده إلى مدرسة السلط الثانوية هي تأكيد على أن التعليم هو الاستثمار الأهم في بناء الإنسان والمجتمع. فهذه المدرسة ليست مجرد مكان للتعليم، بل رمز للإبداع والريادة التي تميز الأردن، وركيزة أساسية لرؤيته المستقبلية. 

اقرأ المزيد.. كيف يتم تأليف المناهج في الأردن؟

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00