رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين
نحو تعديل مادة إطالة اللسان على الملك
بعد استضافتي ببرنامجه الصباحي المباشر على إذاعة حسنى حول قضية الفتاة التي حُكم عليها بالسجن سنة مع وقف التنفيذ بجنحة إطالة اللسان على جلالة الملك، ومبادرة جلالته للإتصال بها والعفو عنها طلب مني مدير عام الإذاعة حسام غرايبه أن أكتب مقالاً حول إمكانية تعديل المادة 195 من قانون العقوبات المتعلقة بإطالة اللسان على جلالة الملك.
نص المادة 195
وللتسهيل على القرّاء تنص المادة المادة 195:
1- يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من:
أ- ثبتت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك .
ب- أرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى جلالة الملك أو قام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة جلالته أو يفيد بذلك وتطبق العقوبة ذاتها إذا حمل غيره على القيام بأي من تلك الافعال .
ج- أذاع بأي وسيلة كانت ما تم ذكره في البند (ب) من الفقرة (1) من هذه المادة ونشره بين الناس .
د- تقول أو افترى على جلالة الملك بقول أو فعل لم يصدر عنه أو عمل على إذاعته ونشره بين الناس .
2- يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة إذا كان ما ورد فيها موجها ضد جلالة الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش أو أحد أعضاء هيئة النيابة.
الدعوة إلى إلغاء المادة
وقد دعا كثيرون عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الإجتماعي إلى إلغاء هذه المادة أو تعديلها لأنها أصبحت مطية للكيدية من "الملكيين أكثر من الملك" سواء في الحكومة أو من الأفراد والذين استغلوا هذه المادة في كثر من الحالات لمرمطة خصومهم في المحاكم.
وأمامي كتاب بعنوان "من أحكام محكمة أمن الدولة" لمؤلفه (آنذاك مساعد النائب العام لدى محكمة أمن الدولة المقدم مهند حجازي، رئيس مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد حالياً)، وفيه عدد من الأحكام بهذا الخصوص. ومن هذه الأحكام جرى الحكم ببراءة بعض الأظناء لقناعة المحكمة بأن العبارات المسندة لا تشكل إطالة اللسان على جلالة الملك أو لم يثبت أنها موجهة ضد جلالته مثل قول الظنين "يلعن أكبر مسؤول بالبلد" أو أن كلمة "النظام" لا تعني أن المقصود بها جلالة الملك.
ويتبين من قرارات البراءة أن بعض مقدمي البلاغ أو الإخبار للنيابة كان هدفهم الكيدية والإنتقام أو أنه جرى التوسع في الإحالات بسبب مطاطية نص التجريم.
ومع أن قرارات محكمة أمن الدولة مميزة حكمًا أو قابلة للتمييز إلا أن أحكامها في الجنح كانت قطعية في الفترة (2001-2003 في عهد حكومة أبو الراغب).
عقوبة إطالة اللسان في دول أخرى
وفي كثير من الممالك ما زالت هناك قوانين تعاقب على التشهير بالملك أو الملكة لكن نادرًا ما جرى استخدام هذه القوانين؛ ففي إسبانيا يعاقب بالحبس حتى سنتين من يقوم بالتشهير بالملك أو سلفه أو خلفه (المادة 490 من قانون العقوبات)، وفي الدنمارك تكون العقوبة حتى أربعة أشهر جرى استخدامها مرة واحدة قبل 15 سنة.
اقتراحات
وإذا أُريد تعديل المادة 195 هناك عدة مقترحات منها:
1- أن يتم الإبقاء على نص المادة وتخفيض عقوبة المخالف بأن يكون من شهر إلى سنة. ومن شأن ذلك عدم جواز التوقيف (الحبس الإحتياطي) بقرار من المدعي العام، وترك الأمر لمحكمة صلح الجزاء بنتيجة الحكم. ومن الحجج التي أسوقها لتخفيض عقوبة إطالة اللسان على جلالة الملك أن المادة 273 من قانون العقوبات تنص :" من ثبتت جرأته على إطالة اللسان علنًا على أرباب الشرائع من الأنبياء يحبس من سنة إلى ثلاث سنوات"، ويكون منطقياً عدم تساوي عقوبة إطالة اللسان على الملك بعقوبة إطالة اللسان على الأنبياء.
2- أما الداعين لإلغاء المادة كلها على غرار ما يحدث في أمريكا فلا أؤيد ذلك ففي النهاية الملك مواطن أردني ولا يعقل أن يعاقب القانون على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص ما عدا الملك. وهنا أقترح لحل بديل أن يتم معاملة الملك والملكة وولي العهد معاملة آحاد الناس إذا قام أحدم بذم أو قدح أو تحقير بحقهم. ففي سوريا مثلاً يفرد قانون العقوبات السوري (المأخوذ عنه قانون العقوبات الأردني بنسبة 95%) ثلاث مواد مخصصة لعقاب تحقير أو ذم أو قدح رئيس الجمهورية بعقوبات شهر إلى سنة بحالة القدح (المادة 374)، وستة أشهر إلى سنتين بحالة التحقير (المادة 374)، وسنة إلى ثلاث سنوات بحالة الذم (المادة 376).