يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ709 منذ السابع من أكتوبر 2023، ولليوم الـ179 منذ استئنافه في آذار الماضي، مخلفا المزيد من
عصابة الكفار في غزة: حين تتحول المساعدات الإنسانية إلى ساحة معادية للإسلام

في قلب حرب الإبادة التي تعصف بقطاع غزة، وبينما يبحث آلاف المدنيين عن كسرة الخبز، تتكشف حقائق صادمة عن هوية من يتولون مهمة توزيع المساعدات الإنسانية، خلف الشعارات البراقة لمؤسسات إغاثية دولية، حيث برز اسم عصابة دراجات نارية أمريكية متطرفة تدعى عصابة الكفار – إنفيدلز MC، وهي ذات تاريخ عنيف وخطاب كراهية صريح ضد المسلمين.
كيف انتقلت هذه الجماعة من شوارع أمريكا إلى إدارة مواقع مساعدات في غزة؟ ومن سمح لهم بالتحكم في غذاء الجوعى؟
عصابة الكفار – إنفيدلز MC
كشف تحقيق استقصائي أجرته شبكة "بي بي سي" عن تورط عصابة دراجات نارية أمريكية تعرف باسم عصابة الكفار – إنفيدلز MC في إدارة وتوزيع المساعدات داخل غزة عبر شركة متعاقدة تدعى "UG Solutions".
ويثير هذا الكشف جدلا واسعا نظرا لخلفية عصابة الكفار المرتبطة بخطاب الكراهية ضد المسلمين وتاريخها العنيف، إضافة إلى سوابق قضائية تطال بعض قادتها وأعضائها. التقرير التالي يستعرض تفاصيل القضية بتسلسل شامل.
وأكدت "بي بي سي" هوية 10 من أعضاء عصابة الكفار الذين يعملون في غزة لصالح شركة UG Solutions، وهي مقاول خاص يوفر الحماية لمواقع مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) حيث قتل المئات من المدنيين الباحثين عن الغذاء وسط فوضى وإطلاق نار.
وتبين أن 7 من هؤلاء يتولون مناصب قيادية للإشراف على مواقع العملية الإغاثية المثيرة للجدل، والمدعومة من "إسرائيل" و الولايات المتحدة الأمريكية.
جذور عصابة "الكفار" وشعاراتها الصليبية
تأسس نادي "الكفار – إنفيدلز" للدراجات النارية عام 2006 على يد محاربين أمريكيين قدامى خدموا في حرب العراق، ويتبنى النادي هوية صليبية متشددة، حيث يستخدم الصليب رمزا له، في استدعاء مباشر للحملات الصليبية ضد المسلمين في العصور الوسطى.
كان موقع Infidels MC يعرض أيضا شعار الجمجمة لشخصية Punisher العنيفة في القصص المصورة من Marvel، وهو رمز استولت عليه مجموعات العنصريين البيض، مكتوبا عليه "كافر" بالخط العربي، والذي يترجم إلى "غير مؤمن" (أو "كافر").
خطاب الكراهية والرموز الصليبية
نشرت صفحات تابعة للعصابة وأعضائها شعارات ولافتات مثل "لنجعل غزة عظيمة من جديد"، إلى جانب قمصان تحمل عبارات مثل "احتضان العنف".
قائد فريق أمني في غزة، جوش ميلر، يضع وشما لكلمة "صليبي" ورقم 1095، في إشارة إلى الحملة الصليبية الأولى. كما روجت شركته لملابس بشعارات تمجد العنف المسلح.
السيد ميلر لديه وشم لكلمة "صليبي" على أصابعه، ورقم "1095" على إبهامه. في هذا العام، أطلق البابا أوربان الثاني، زعيم الكنيسة الكاثوليكية، الحملة الصليبية الأولى، مهاجما المسلمين واصفا إياهم بـ"العرق الحقير". لم يستجب السيد ميلر لطلبات التعليق.

كما وثقت "بي بي سي" منشورات للعصابة تهين الإسلام، منها صور لامرأة ببرقع ممزق وتعليقات معادية للمسلمين.
كما نشرت عصابة الكفار صورا وشعارات تحتفي بعام 1095، وهو العام الذي أطلق فيه البابا أوربان الثاني أولى الحملات الصليبية ضد المسلمين، كما استخدمت شعار شخصية "المعاقِب" (Punisher) مع كلمة "كافر" بالعربية.
وتضمنت منشوراتها عبارات معادية للإسلام، منها الدعوة لطرد المسلمين والسخرية من النبي محمد ﷺ.
من بين التعليقات المنشورة على صفحة العصابة:
-
"لن تكون هذه المرة الأولى التي نختلف فيها مع المسلمين".
-
هجمات لفظية مسيئة ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين عموما.
ورغم مرور سنوات، لا تزال هذه التعليقات متاحة حتى أيلول 2025.
وتظهر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أنه في أيار الماضي، قبل أسبوعين فقط من سفره إلى غزة، سعى مولفورد لتجنيد قدامى المحاربين الأمريكيين الذين يتابعونه على فيسبوك، داعيا أي شخص "لا يزال قادرا على إطلاق النار والحركة والتواصل" للتقدم.
ومن بين الآراء المعادية للإسلام التي عبرت عنها عصابة الكفار منشور عن حفل شواء خنزير خلال شهر رمضان، وجدته "بي بي سي" على صفحة إلكترونية مؤرشفة. يقول المنشور:
"في تحد لعيد رمضان الإسلامي.. ندعوكم لحضور حفل شواء مفتوح للدراجات النارية في فرع نادي إنفيدلز إم سي في كولورادو سبرينغز".

واستضافت صفحة نادي "إنفيدلز إم سي" على فيسبوك نقاشات معادية للإسلام بشكل واضح. في عام 2020، نشر النادي رابطا لمقال ساخر زائف يزعم أن أربعة سياسيين ديمقراطيين أمريكيين، اثنان منهم مسلمان، "يريدون اعتبار الإنجيل خطاب كراهية".
الجدل حول المساعدات الإنسانية
أثار تكليف أفراد من عصابة الكفار بتوزيع المساعدات في غزة استياء واسعا. نائب مدير مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إدوارد أحمد ميتشل، شبه الأمر بتكليف جماعة كو كلوكس كلان العنصرية بتوزيع مساعدات في السودان، معتبرا أن وجود هذه العصابة في بيئة إنسانية إسلامية أمر غير منطقي وخطير.
قائد عصابة الكفار في غزة: جوني "تاز" مولفورد
يقود العمليات الميدانية في غزة جوني مولفورد، رقيب أمريكي سابق، سبق أن عوقب بتهم التآمر على الرشوة والسرقة والإدلاء بتصريحات كاذبة للسلطات العسكرية.
مولفورد اليوم هو "قائد الفريق" الذي يدير عقد شركة UG Solutions في غزة، وهو المسؤول عن جلب أعضاء من عصابته للعمل في مواقع توزيع المساعدات.
تسريبات تكشف هوية الأعضاء
أظهرت مراسلات إلكترونية مسربة خطأ من مولفورد أسماء عشرة أعضاء من عصابة الكفار يعملون في غزة. وبين هؤلاء:
-
لاري "جيه-رود" جاريت: نائب رئيس العصابة، مسؤول لوجستي في UGS.
-
بيل "سانت" سيبي: أمين الصندوق الوطني للعصابة، يقود فريق الأمن في أحد مواقع التوزيع.
-
ريتشارد "إيه-تراكر" لوفتون: عضو مؤسس، قائد فريق في موقع توزيع آخر.
وقد أكدت وثائق سرية ومصادر مطلعة أن ستة أعضاء آخرين من العصابة جرى تجنيدهم للعمل في فرق الأمن المسلحة التابعة للشركة.

خلفيات قضائية مثيرة للجدل
-
لاري جاريت: ألقي القبض عليه مرتين بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول.
-
جيمسون جوفوني: مؤسس شركة UG Solutions، اعتقل في كارولاينا الشمالية هذا العام بعد حادث دهس وهروب وفرار من الشرطة.
هذه السجلات تثير تساؤلات حول جدية الشركة في إجراء التحريات الأمنية المزعومة.
عملية التجنيد والرواتب
قبل سفره إلى غزة، دعا مولفورد عبر فيسبوك قدامى المحاربين الأمريكيين للانضمام إليه بشرط أن يكونوا قادرين على "إطلاق النار والحركة والتواصل". بحسب تقديرات، جرى تجنيد 40 عنصرا من العصابة من أصل 320 موظفا في UGS بغزة.
تدفع الشركة:
-
980 دولارا يوميا للمتعاقد العادي.
-
1580 دولارا يوميا لقادة فرق الأمن في "المواقع الآمنة".
ردود الشركة والمؤسسة الإنسانية
-
UG Solutions وصفت مولفورد بأنه "شخصية موثوقة ومحترمة"، وأكدت أنها لا تحقق في "الهوايات أو الانتماءات" غير المرتبطة بالعمل.
-
مؤسسة غزة الإنسانية قالت إنها تعتمد على "أشخاص من مختلف الخلفيات" لبناء الثقة مع السكان، مشيدة بتنوع فرقها.
يثير وجود عصابة "الكفار – إنفيدلز" وسط بيئة إنسانية حساسة في غزة علامات استفهام كبيرة حول آليات التعاقدات الدولية وغياب الرقابة الجدية. وبينما تتواصل معاناة المدنيين الباحثين عن الغذاء، تتكشف تفاصيل صادمة عن خلفيات من يكلفون بمهمة يفترض أن تكون إنسانية بحتة.
سجلات جنائية وفضائح
أفادت تقارير بأن لاري جاريت اعتقل قبل عامين في الولايات المتحدة بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول، فيما اعتقل مؤسس ومدير الشركة جيمسون جوفوني مطلع العام بتهمة التسبب في حادث دهس والهرب من الشرطة.
دماء في مواقع المساعدات
وانتشرت مشاهد الفوضى والخطر في مواقع توزيع المساعدات في غزة منذ افتتاحها نهاية أيار وحتى 2 أيلول قتل 1135 طفلا وامرأة ورجلا بالقرب من مواقع منظمة GHF أثناء بحثهم عن الطعام، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ورغم نفي UG Solutions تورط موظفيها في إطلاق النار على المدنيين، فقد أقرت باستخدام "طلقات تحذيرية" لتفريق الحشود.
وتظهر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أنه في أيار الماضي، قبل أسبوعين فقط من سفره إلى غزة، سعى مولفورد لتجنيد قدامى المحاربين الأمريكيين الذين يتابعونه على فيسبوك، داعيا أي شخص "لا يزال قادرا على إطلاق النار والحركة والتواصل" للتقدم.

ردود الشركة ومؤسسة غزة
وفي بيان لها، قالت شركة UG Solutions، ومقرها ولاية كارولينا الشمالية، إن جوني مولفورد "شخصية موثوقة ومحترمة" يتمتع بخبرة تزيد على 30 عاما في دعم الولايات المتحدة وحلفائها عالميا. وأضافت الشركة: "نحن ندعم سمعته وسجله ومساهماته في نجاح المهمات المعقدة".
لا نتحقق من هواياتنا الشخصية أو انتماءاتنا التي لا تتعلق بالأداء الوظيفي أو معايير الأمن. يخضع كل عضو في الفريق لفحوصات خلفية شاملة، ولا يوظف في عمليات UG Solutions إلا الأفراد المؤهلون والمدققون.
وأكدت مؤسسة غزة الإنسانية أنها تعتمد على "أشخاص من جميع الخلفيات" لتقديم المساعدة في غزة وبناء الثقة مع سكانها.
وأضافت المؤسسة: "يتميز الفريق الذي يقدم المساعدة في مواقع المؤسسة بالتنوع، ولهذا السبب هو ناجح".

مؤسسة غزة الإنسانية خلفية مثيرة للجدل
وفي أيار الماضي كشفت معلومات حصلت عليها حسنى من مصادر مطلعة، إلى جانب مراجعة وثائق التسجيل الرسمية في السجل التجاري السويسري، عن تفاصيل مثيرة للجدل حول مؤسسة غزة الإنسانية (Gaza Humanitarian Foundation - GHF)، كيان جديد تم تسجيله رسميا في سويسرا في شباط 2025.
تقدم المؤسسة نفسها كمبادرة إنسانية لإغاثة المدنيين في قطاع غزة، في وقت يشهد القطاع واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، إلا أن سجلات التأسيس تشير إلى أنها مسجلة بصيغة قانونية "Stiftung"، أي إنها تدار بالكامل من قبل مؤسسيها الذين يمتلكون السلطة المطلقة على قراراتها وتوجهاتها، دون أي هيئة عامة أو أعضاء مشاركين.
والأكثر إثارة للجدل، أنها نجحت سريعا في الحصول على تمويلات خارجية تتجاوز 20 ألف فرنك سويسري، رغم غياب أي سجل سابق في العمل الإنساني. كما تكشف قائمة المؤسسين عن شخصيات أمريكية وغربية ذات خلفيات أمنية ومالية، أبرزهم الفريق المتقاعد مارك سي شوارتز، الذي شغل سابقا منصب منسق أمني أمريكي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، ما يثير تساؤلات جدية حول طبيعة الدور الأمني الذي تمارسه المؤسسة في نشاطها المعلن إنسانيا.
اقرأ المزيد.. مؤسسة GHF: عمل إنساني أم اختراق أمني؟