يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ419 على التوالي، وسط تصاعد المعاناة الإنسانية مع استمرار الحصار الخانق والقصف المكثف، خاصة في
بحر غزة.. الشاهد الأبرز على وهن الاحتلال الإسرائيلي أمام كوماندوز المقاومة
الكوماندوز البحري.. تاريخ من العمليات النوعية
أفضت شمس السابع من تشرين الأول إلى تهديم خرافة الحصون المنيعة التي بناها الاحتلال الإسرائيلي حول قطاع غزة، وذلك إثر تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعمليات نوعية اخترقت كافة الجدران، البرية منها والبحرية التي ينفذها الكوماندوز في كتائب القسام.
ورغم ادعاء قوات الاحتلال الإسرائيلي أن الجدار البحري الذي بنته في بحر غزة يعد عصيا على الاختراق، إلا أن الكومانذر البحري للمقاومة الفلسطينية استطاع تنفيذ عمليات نوعية من خلال البحر، سببت صدمة جديدة للكيان المحتل، فمن هم الكومانذر وما هو تاريخهم؟
العمليات البحرية للمقاومة.. تاريخ من المفاجآت للاحتلال
بدأت العمليات البحرية للمقاومة الفلسطينية منذ 23 عاما بالتزامن مع انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث نفذ الاستشهادي القسامي حمدي إنصيو عمليات استشهادية حينما استهدف بقاربه المفخخ قوة تابعة للاحتلال الإسرائيلي في بحر غزة أدت إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف البحرية الإسرائيلية للمرة الأولى.
ومهدت العملية التي نفذها إنصيو لإنشاء ما بات يعرف بالكوماندوز البحري أو قوات الضفادع البشرية لكتائب عز الدين القسام، التي غدت فيما بعد هاجسا مقلقا لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتحديا آخر تفرضه المقاومة على الاحتلال.
العمليات البحرية أصبحت إحدى الجبهات القتالية التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها لتنفيذ عملياتها الاستشهادية، حيث نفذت سرايا القدس عام 2002 عملية استهداف لزورق حربي إسرائيلي عن طريق قارب مفخخ، كما نفذت كتائب القسام عملية أخرى عام 2004 باتباع النسق الاستراتيجي ذاته.
الكوماندوز البحري.. رواية سيتذكرها الإسرائيليون
عملت المقاومة الفلسطينية على تطوير قدراتها لاستخدام البحر كمنفذ مفتوح يمكنها من الوصول إلى المستوطنات الإسرائيلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، حيث شهد عام 2004 نقلة نوعية لميدان العمليات البحرية.
وردا على اغتيال الشيخ أحمد ياسين اقتحم الاستشهاديان إسحاق نصار وزكريا أبو زور من كتائب الشهيد عز الدين القسام مستوطنة "تل قطيف" جنوب قطاع غزة، حيث أسرا مستوطنا قتل خلال اشتباك المقاومين مع أفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء انسحابهما، لتشكل العملية ضربة نوعية للاحتلال.
وبعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 أولت المقاومة الفلسطينية جل اهتمامها بالجانب التسليحي والتدريبي على الأرض، بينما اقتصر عملها في الجانب البحري على عقد دورات سباحة مجانية لأفرادها وللشبان، لا سيما أولئك الذين يقطنون في مناطق ساحلية قريبة.
ودخلت جبهة البحر بعد ذلك في حالة سكون طويلة امتدت لنحو 10 أعوام؛ بحكم ارتفاع تكلفة المعدات الخاصة التي تتطلبها وحدات الضفادع البشرية إضافة إلى ضرورة توفر تقنيات متطورة لتنفيذ العمليات داخل البحر، عدا عن عدم وجود أهداف بحرية متاحة لاستهدافها.
وفي عام 2014، ظهرت قوات الكوماندوز البحرية من جديد إلى النور خلال تأبين القيادي في القسام إبراهيم الغول، حيث ظهر بعض المقاتلين وهم يرتدون سترات غوص وأجهزة تنفس تحت الماء، لتبدأ قصة جديدة من قصص المقاومة، ورواية سيقصها "الإسرائيليون" على أبنائهم عن رجال خرجوا من الماء وسط البر من دون أن يلحظهم الموج أو ترصدهم عيون المحتل.
الاقتحام الأول لقاعدة "زيكيم"
في الثامن من تموز لعام 2014 حمل أربعة مقاتلين من القسام أرواحهم على أكتافهم، وساروا تحت الماء رافعين شعار النصر، ليصلوا إلى شاطئ عسقلان ومن ثم اخترقوا قاعدة "زيكيم" العسكرية المحصنة واشتبكوا مع جنودها، قبل أن يدمروا دبابة من نوع "ميركافا" بمن فيها باستخدام قنبلة ناسفة، وأثناء انسحابهم نحو الشاطئ اغتالهم الاحتلال الإسرائيلي بقصف جوي وبحري وبري مكثف ليرتقوا شهداء.
القسام كشفت بعد عام من تنفيذ قواتها للعملية النوعية عن أسماء المنفذين الذين ينتمون إلى وحدة الكوماندوز البحرية التابعة لها، مشيرة خلال توضيحها إلى أن منفذي العملية تلقوا تدريبات شاقة مكنتهم من السباحة لمسافات طويلة بدءا من شاطئ غزة ووصولا إلى موقع القاعدة العسكرية.
وقالت القسام إن مجموعة الكوماندوز اخترقت الحدود البحرية ثم انقسم أفرادها إلى مجموعتين إحداها توجهت نحو القيادة والسيطرة البحرية للاحتلال الإسرائيلي، لتشتبك مع أفرادها وتحقق إصابات بينهم بعد إبحارها، وبعد 45 دقيقة التقت المجموعتان في قاعدة القيادة والسيطرة ليكملوا بعدها عمليتهم نحو قاعدة "زيكيم"، فيما نسق منفذو العملية مع مدفعية القسام؛ لتدك القاعدة العسكرية بقذائف الهاون وصواريخ 107.
وتقع مستوطنة "زيكيم" على الحدود الشمالية من قطاع غزة وجنوب مدينة تل أبيب، وتتبع مدينة عسقلان، وفيها قاعدة "زيكيم" العسكرية المطلة على شواطئ المدينة، حيث تكمن أهمية القاعدة في وقوعها ضمن المستوطنة التي تتمتع بتحصينات أمنية مشددة، حيث توجد مصفاة للنفط ومحطة توليد كهرباء تمد جنوب دولة الاحتلال الإسرائيلي بالكهرباء إلى جانب القاعدة العسكرية المذكورة.
طوفان الأقصى تفتح جراح العدو من البر والبحر والجو
ولم تنته العمليات البحرية المتعددة للمقاومة على مدار سنوات، ليصاب العدو الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول بصدمة لم يفق منها حتى اللحظة بعد أن انهارت منظومته الدفاعية أمام الهجوم البري والبحري والجوي الذي نفذته قوات النخبة لدى كتائب القسام.
وكانت للكوماندوز البحري بصمة واضحة مع انطلاق معركة طوفان الأقصى، حيث استخدم أفرادها زوارق بحرية سريعة وصلوا بها إلى شواطئ عسقلان وسيطروا من هناك مجددا على قاعدة "زيكيم" العسكرية ووثقوا تفاصيل العملية التي أسفرت عن مقتل عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وشكلت عملية الكوماندوز البحري صدمة أشد وطأة على الداخل الإسرائيلي، الذي ظن أن إجراءاته الدفاعية ستقيه جنود البحر، قبل أن يدرك أن جداره الحديدي الذي بناه داخل الماء سقط أمام "الضفادع البشرية" القادمة من القطاع المحاصر.
اقرأ المزيد.. من هي وحدة دلتا التي أرسلتها أميركا إلى "إسرائيل"
جدار "إسرائيل" البحري يسقط أمام الكوماندوز
وشرعت دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 2018 ببناء جدار بحري فاصل في بحر غزة أسوة بالجدار الحدودي البري الذكي الذي بني حول القطاع، ليكتمل بناء الجدار البحري بعد عامين، حيث تكون من سياج فوق الأرض بطول 6 أمتار وجدار خرساني تحت الماء، إضافة إلى مجسات وأنظمة استشعار عن بعد.
ورغم تنفيذ دولة الاحتلال الإسرائيل لكافة الأنظمة الدفاعية الممكنة والأكثر تطورا عبر العالم إلا أن المقاومة استطاعت تنفيذ عمليات بحرية نوعية مخترقة الأنظمة المتبعة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
اقرأ المزيد.. حرب برية.. الأرض أرض حماس فماذا يمتلك جيش الاحتلال؟