أسعار الدواء في الأردن – نظرة حول سياسة اعتماد الأسعار

الصورة
آخر تحديث

كشفت مؤخرا مؤسسة الغذاء والدواء آلية تسعير واحتساب سعر البيع للدواء في الأردن؛ ذلك بعد الحديث الذي تناقلته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حول شكوى المواطنين من ارتفاع أسعار الأدوية إذا ما تم مقارنتها مع دول أخرى في المنطقة، الأمر الذي انعكس على نمو السوق السوداء وضبط حالات متعددة لمواطنين يقومون بإدخال كميات من الأدوية تم شراؤها من الدول المحيطة بأسعارها المنخفضة بهدف الاتجار بها داخل الأردن. وكذلك استغلال بعض الصيدليات المحلية والتي أصبحت تتاجر بهذا الدواء المهرب من أجل تحقيق هامش ربح أعلى مقارنة مع الدواء المورد بشكل رسمي.

وفي خضم هذه الحالة بين الاتهام برفع أسعار الدواء لتحقيق أرباح خيالية لملاك مستودعات الأدوية والتجار الرسميين وبين مدافعة المؤسسة ومكاشفتها للرأي العام حول آليات التسعير التي تتبعها، وقد ذكر مدير المؤسسة في العديد من اللقاءات الإعلامية أن الأسعار النهائية التي تعتمدها المؤسسة للدواء تتم بناء على مقارنة السعر في الأردن مع الأسعار ضمن قائمة الدول المعتمدة لدى المؤسسة و التي تبين أنها تسع عشرة دولة سيتم ذكرها في هذا التقرير.

هل الدول المعلنة في القائمة ذات خصائص معيارية مشابهة للأردن

هذا هو السؤال المحوري و الحافز وراء هذا المقال، حيث أنني اعتمدت بيانات الدول التسع عشرة من قاعدة بيانات البنك الدولي الرسمية، وبعد تطبيق معيارين قياسيين إحداهما اقتصادي وهو تصنيف مستوى الدخل في هذه الدول بناء على طريقة أطلس في احتساب أسعار الصرف وهي الطريقة الرسمية المعتمدة في البنك الدولي، وكذلك معيار الديموغرافية السكانية بمقارنة إجمالي عدد السكان حسب احصائيات الدول الرسمية وبيانات البنك الدولي لعام 2020. كما هو موضح في جدول البيانات رقم 1. يجدر الإشارة أن تصنيف البنك الدولي وطريقة أطلس تتأثر بعدد من العوامل الاقتصادية الاجتماعية مثل النتاج القومي للدول، ومستويات النمو الاقتصادي والتضخم وأسعار الصرف ونمو السكان ونصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.

وخلصت بعد المقارنة إلى حالة من عدم الفهم - أقرب إلى الرفض - للأسس التي اعتمدتها مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية في إدخال هذه الدول؛ حيث أنني وجدت المفارقات التالية مقارنة بالأردن:

  • أربع عشرة دولة من أصل التسع عشرة دولة (ما نسبته 75%) من القائمة تعتبر ضمن أوائل الدول ذات الدخل المرتفع بمعدل يفوق مبلغ الثلاثة عشر ألف دولا سنويا. بينما تصنف الأردن ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل بمعدل مبلغ يتراوح بين أربعة آلاف إلى ثلاثة عشر ألف دولار سنويا.
  • أربع دول من أصل التسع عشرة دولة ( ما نسبته 25%) من القائمة تعتبر مشابهة للأردن من حيث عدد السكان الذي يصل إلى عشرة ملايين نسمة.
  • بعد الجمع المعياري للمؤشرين اتضح أن الدول خارج منطقة التشابه هي عشر دول (ما نسبته تقريبا 52%) جميعها تحمل مؤشرات معيارية أعلى من الأردن، وبالتالي قد تؤثر على الأسعار بحيث تصنع علاقة ارتباط (وليست علاقة سببية) مع زيادة الأسعار بحد قد يفوق 1.5 ضعف عما يجب أن يكون السعر في الأردن إذا أردنا اعتماد الارتباط بين أسعار الدواء والسلع مع المؤشرات الاقتصادية والديموغرافية الاجتماعية.

كيف تؤثر هذه الاختلافات مقارنة مع الأردن في تحديد أسعار الدواء

لا يوجد جواب مباشر يوضح العلاقة السببية؛ بسبب غياب المعلومات حول معادلة احتساب سعر الدواء وسقوف الأرباح التي يجنيها التاجر صاحب مستودع الأدوية، بالإضافة الى عدم المقدرة على معرفة تكاليف العملية الصناعية التجارية لتوفير الدواء من المصنع الى المستورد. ولكن يمكن استقراء العلاقة الارتباطية الممكنة بين الفروقات المعيارية في كل مؤشر باعتماد الأردن كمرجع، وهذا ما قمت باحتسابه في المنحنيات البيانية التالية:

  • المؤشر الثاني: تعداد السكان حسب آخر الإحصائيات المتوافرة لدى بيانات البنك الدولي لعام 2020 . وتم المقارنة معياريا مع تعداد السكان في الأردن، بحيث تم وضع مستويات التعداد السكاني كنسبة معيارية من عدد سكان الأردن، وإضافة الفترة المعيارية للتشابه باحتساب 1.5 من الانحراف المعياري كمنطقة قياسية مقبولة للتشابه بين مستويات السكان. وباتباع القواعد الإحصائية وفترة القبول يجب رفض فرضية التشابه مع الأردن لجميع الدول التي تكون خارج حدود منطقة التشابه المرسومة في الرسم البياني 2. وهي الدول فوق المنطقة وهي أربع دول فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، أستراليا.
  • المجموع المعياري للمؤشرين السابقين: وفي نهاية التقييم، تم دمج المؤشرين السابقين معياريا مقارنة مع الأردن لرسم التصور العام حول بعد الدول عن الأردن وخرج الرسم البياني رقم 3، وهو يوضح المجموع المعياري للدول مقارنة مع الأردن كنسبة، واضافة الفترة المعيارية للتشابه باحتساب 1.5 من الانحراف المعياري كمنطقة قياسية مقبولة للتشابه بين المجموع المعياري للمؤشرين. وباتباع القواعد الإحصائية وفترة القبول يجب رفض فرضية التشابه مع الأردن لجميع الدول التي تكون خارج حدود منطقة التشابه المرسومة في الرسم البياني 3. وهي الدول فوق المنطقة وهي عشر دول وهي فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، أستراليا، رومانيا، بلجيكا، اليونان، الجمهورية التشيكية، البرتغال، هنغاريا.
الأكثر قراءة
00:00:00