خبير اقتصادي يدعو لاستراتيجية وطنية لإدارة الدين العام وتحويل الاستثمارات الحكومية إلى صندوق سيادي

الصورة
أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل
أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل

المواطن إذا فهم الحقيقة سيصبح عونا للحكومة لا عبئا عليها.. الشفافية هي الحل

آخر تحديث

أكد أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، رعد التل، أن معالجة ملف الدين العام تتطلب رؤية وطنية واضحة لإدارته، بعيدا عن الجدل الدائر حول أي الحكومات اقترضت أكثر أو أقل، مشيرا إلى أن جوهر المشكلة يكمن في خدمة الدين المرتفعة وضعف قدرة الإيرادات المحلية على تغطية النفقات الجارية. 

ودعا التل، عبر حسنى، إلى تبني مقاربة اقتصادية جديدة تعتمد على زيادة الإنفاق الرأسمالي المنتج، وتأسيس صندوق سيادي قادر على تمويل مشاريع التنمية ودعم النمو الاقتصادي.

نسبة تغطية الإيرادات للنفقات الجارية

أوضح التل أن مؤشر "الاعتماد على الذات" هو نسبة الإيرادات المحلية إلى النفقات الجارية، وقد بلغ حاليا 86%، بعد أن كان 84% العام الماضي، وهو تحسن إيجابي لكنه غير كاف. 

وأضاف أن الإيرادات المحلية البالغة نحو 9.5 مليار دينار لا تزال أقل من النفقات الجارية المقدرة بـ 11 مليار دينار، ما يعني استمرار الاعتماد على القروض والمنح لتغطية الفرق، مؤكدا: 

"نحن لا نقترض للمشاريع فقط، بل لتمويل النفقات التشغيلية أيضا، وهذا خلل يجب تصويبه".

التداعيات على الدين العام وخدمته

شدد التل على أن خدمة الدين تشكل "مربط الفرس"، إذ تبلغ 2.2 مليار دينار سنويا، وهي أكبر من الإنفاق الرأسمالي نفسه، ما يشكل عبئا ثابتا ستتحمله كل الحكومات المقبلة. 

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة عالميا قد يفاقم هذا العبء، مطالبا بإجراءات عاجلة لضبط خدمة الدين وتحسين كفاءة الاقتراض، معتبرا أن غياب خطة وطنية لإدارة الدين العام يمثل أحد أبرز التحديات الاقتصادية.

الحاجة إلى استراتيجية وطنية لإدارة الدين

أكد التل أن الأردن بحاجة ماسة إلى "استراتيجية وطنية واضحة لإدارة الدين العام"، بعيدا عن برامج التصحيح الاقتصادي الدولية، لأن الأردن، كما قال:

"لا نحتاج برنامجا من صندوق النقد.. نحتاج استراتيجية وطنية لإدارة الدين يعرفها الأردنيون وتناسب ظروفنا".

وأضاف أن وضع مثل هذه الاستراتيجية واتباعها بجدية قد يتيح خلال خمس سنوات الخروج من الجدل العقيم حول الحكومات الأكثر اقتراضا نحو نقاش منتج يخدم المصلحة الوطنية.

كيفية إنفاق الدين.. ومتى يصبح الاقتراض صحيا؟

قال التل لـ حسنى إن المشكلة ليست في حجم الدين العام فقط، بل في كيفية استخدامه؛ فاقتراض مليارات لإنشاء مشاريع كبرى كـ"الناقل الوطني" يعد خطوة إيجابية، بينما إنفاق القروض على الرواتب والكماليات "يدمر الموازنة". 

وأضاف أن المواطن يمكن أن يتقبل زيادة الدين إذا رأى نتائج ملموسة في النمو الاقتصادي وخفض البطالة وارتفاع مستويات التشغيل.

التحديات أمام مشاريع التحديث الاقتصادي

لفت التل إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تتطلب زيادة في الإنفاق الرأسمالي بنحو 1.1 مليار دينار سنويا، إضافة إلى 3 مليارات دينار من القطاع الخاص، للوصول إلى أهدافها خلال 10 سنوات، مؤكدا أن الأرقام المخصصة حاليا في الموازنة غير كافية لتحقيق هذه الطموحات. 

وأشار إلى غياب "المدير المالي للدولة" القادر على تمويل المشاريع الكبرى بعقلية استثمارية، مؤكدا أن الموازنة وحدها غير قادرة على تحمل هذا العبء.

دعوة لإنشاء صندوق استثماري سيادي

اقترح التل تحويل شركة الاستثمارات الحكومية إلى صندوق سيادي استثماري يدير أصول الدولة بعقلية ربحية، ويمول مشاريع النمو الاقتصادي بعيدا عن ضغوط الموازنة.

وبين أن لدى الحكومة أصولا وشركات يمكن للصندوق إدارتها، مثل البوتاس والفوسفات وشركات مملوكة بالكامل للدولة، مؤكدا أن الهدف ليس الخصخصة بل إدارة الأصول بفعالية أكبر ودعم المشاريع الكبرى.

تنظيم العلاقة مع المواطن وتعزيز الشفافية

اختتم التل حديثه بالتأكيد على أن شرح الحقائق للمواطنين بشفافية يمكن أن يحولهم من معطلين لأداء الحكومة إلى شركاء داعمين. 

وقال إن المواطن يهتم بنتائج الدين العام أكثر من حجمه، وإن أي اقتراض يؤدي إلى نمو اقتصادي حقيقي وخفض البطالة هو اقتراض "صحي وضروري".

اقرأ المزيد.. وزير المالية: نمو الاقتصاد الأردني 2.9% وتضخم معتدل في موازنة 2026

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00